من غزة لمصر ياقلبي لاتحزن
في عصر احدى الايام الحارة من رمضان الماضي وانا عائد من عملي استوقفني موظف الاستقبال في الفندق الذي كنت اقطن فيه طالبا مني التحدث بلغتي العربية مع احد نزلاء الفندق. كان هذا النزيل واقفا امامي ومعه زوجته وكانوا لايتحدثون الانجليزية اطلاقا. وبالرغم من اننا في دولة عربية لكن كل الناس كانت تتحدث الانجليزية حتى كدت انسى اللغة العربية. المهم سالت النزيل ماذا يريد بالضبط حتى انقل ماذا يريده الى موظف الاستقبال ولكني اكتشفت بان هذا الرجل يريد عنوان احدى جهات المساعدة الانسانية وبالاخص منظمة الصليب الاحمر. وعندما حاولت ان استوضح منه بعض البيانات لفت نظري بانه كفيف وان زوجته هي التي كانت تعينه على السير والتعامل. استبينت فيما بعد بانه فلسطيني ولم يزل في الفندق الا لليلة واحدة لا اكثر ولا اقل وان اقامته قد تطول الى اسبوعين. فقلت له بانني لا اعرف العنوان ولكني ممكن ان اطلب له سيارة اجرة لعل السائق يعرف الوجهه التي يريد الذهاب اليها. فوافق على اقتراحي. فذهبت لاستدعاء سيارة اجرة واخذت بيده الى ان ركبها وعرضت عليه مساعدتي له اذا كان في استطاعتي ذلك.وتركت له رقم غرفتي لكي يتصل بي في حالة طلب اي مساعدة.
وبعد ان اتممت مهمتي ذهبت الى غرفتي ونمت حتى ياتي وقت الافطار . ولكني وفي اثناء نومي دق جرس الهاتف فاستيقظت مسرعا ورددت عليه فوجدته هو وقد عاد من مشواره . وحكى لي بانه لم يوفق فيما سعى اليه فعزمته على الافطار معي في احد المطاعم القريبة لكي يحكي لي حكايته ولكي افهم ماهو منتويه بالضبط لعلي استطيع ان اقدم اليه شئ يفيده. فوافق على عزومتي له وقال لي بانه سوف ينتظرني في ردهة الفندق قبل الافطار بربع ساعة.
نزلت الي الردهة كما اتفقنا فوجدته جالسا هو وزوجته في انتظاري. فذهبنا لتونا الى المطعم ثم انتقينا احدى الطاولات وجلسنا نتحدث. فدار بيننا الحوار التالي:
انا: من اين انت؟
هو: من القدس الشرقية
انا: يعني من فلسطين سابقا واسرائيل حاليا
هو: هذا بالضبط
انا: هل هذه هي المرة الاولى التي تاتي فيها الى هنا؟
هو: نعم اول مرة
انا: ليس لك هنا اى احد تعرفه من قريب او من بعيد؟
هو: لا
انا: وكيف اتيت الى هنا؟ اي كيف حصلت على الفيزا؟
هو: انا معي جواز سفر اردني. وعندنا في الاردن ممكن ان نحصل على الفيزا اذا وجدت احدا ممكن يضمن عودتي.
انا: وكيف يضمن عودتك؟ فان ما اعرفه عن استخراج الفيزا هو انك اما ان تحصل على عقد عمل او ان يكون لك احدى الاقارب من الدرجة الاولى لكي تستطيع استخراج فيزة زيارة.
هو: عندنا الوضع مختلف قليلا. عندنا يمكن لاي احد ان يستخرج فيزا اذا وجد شخصا يمكن ان يدفع تامينا ويضمنه. وعند العودة يمكن استرداد التامين
انا: الان فهمت. ولكن هل يمكن ان تحكي لي لماذا اتيت الى هنا؟
هو: لكي اجد من يساعدني على بناء بيت في القدس
انا: هل ليس لديك بيت هناك. ولكني فهمت انك متزوج فاين تسكن؟
هو: اسكن في شقة صغيرة مثل الاستديو ادفع لها ايجارا شهريا يقدر بنحو الف وخمسمائة جنيه شهريا
انا: هل لك عمل تتكسب منه؟
هو: نعم انني اعمل في احدي السنترلات وزوجتي ايضا تعمل مدرسة اجتماعية. تدرس التاريخ الاسلامي.
انا : هل الوضع صعب في فلسطين الى هذه الدرجة؟
هو: نعم انه كذلك ولكنه ليس من اليهود وانما من اخوتي الذين اخذوا البيت الذي كنت بنيته وطردوني منه.
انا : انني لا افهم كلامك فهل ممكن لك ان توضح؟
هو: الحقيقة انني كنت ابني بيتا لكي اعيش فيه وكنت حينها اعمل في احدى الدول العربية وكنت بصيرا ولكني عندما عدت وجدت اخوتي احتلوا البيت الذي كنت ابنيه ومنعوني من دخوله.
انا: هكذا بكل سهولة ؟ ولماذا لم تدافع عن حقك وتاخذ منهم ما اخذوه منك؟
هو: انهم اخوتي في كل الاحوال ولم اشأ ان نتصادم ونخسر حتى صلة الرحم.
انا: انني اسمع منك كلاما يدمي القلب . فهل وصل مايفعله الاخوة ببعض الى هذه الدرجة؟!!
هو: واكثر من ذلك. انهم لايحبون زوجتي ايضا مع انها لم تفعل لهم شيئا على الاطلاق.
انا: وكيف فقدت بصرك؟
هو: ضربني الاسرائيليين على رأسي في احدى غزواتهم المعروفة ولم يكن لي يدا فيما يحدث ولكنها ارادة الله.
انا: لا اعرف ماذا اقول لك ولكنني سوف اساعدك بكل ما استطيعه لكي تنال غرضك.
هو: انا عاجز عن الشكر جدا . ولكني لا اريد تحميلك بما لا تستطيع
انا: لا تقول هذا الكلام فاننا اخوة ويجب ان نساعد بعضنا.
تمر الايام هكذا في شهر رمضان وانا متكفل به وبنقله من مكان الى اخر لكي ينال مأربه ولكن الرياح لاتاتي بما تشتهي السفن. فكل ماسمعه من هذه المنظمات التي كان يلف ويدرو عليها انهم لايساعدون الا المقيمين على ارض هذه البلد اما الغرباء فلهم الله. عندها بدا في التفكير مليا في حزم حقائبه والرجوع الى القدس.وبعد يومين اتصل بي واخبرني بانه قد قدم ميعاد سفره وسوف يغادر في الصباح الباكر. سلمت عليه ودعوت له بالتوفيق في تحقيق مناه ومبتغاه ان شاء الله.
الى هنا انتهت القصة وان بدت طبيعية بعض الشئ وذلك بسبب مايعانيه الاخوة الفلسطنيين في بلدهم ولكنها بدت لي غريبة جدا من منظور اخر الا وهي الاتي:
عندما كنت اساله عن وضعهم هناك في القدس وعن معاملة الاسرائيليين لهم .كان يحكي لي بانهم يعاملوهم بكل احترام ولا يوجد بينهم اي مشاكل .اما المشاكل فانها تاتي منهم فيهم اي بين الفلسطينيين وبعضهم. وانهم يعاملون بعضهم بمنتهى القسوة .وان بينهم الاغنياء والفقراء. وان السلطة الفلسطينية تاخذ المعونات ولا تعطي احدا من الشعب. وان هناك فساد في جميع المؤسسات الفلسطينية. تماما كما يحدث في كل بلدان العالم الثالث. وان وان وان.
الى هنا انتبهت بان الاعلام العربي يصور لنا بان الفلسطينيين مغلوبون على امرهم وبانهم ضائعيين هناك مع ان العكس هو الصحيح واذا كان هناك فقر بين افراد الشعب الفلسطسني فان الغالبية العظمى منهم ميسرين ماديا. وان القضية برمتها قضية ابتزاز. اي ان السلطة هناك تقامر وتتاجر بالقضية الفلسطينية ولا يهما اطلاقا بان تعود الارض طالما نهر المعونات متدفق من كل حدب وصوب. واذا كان هناك فلسطسني يستطيع ان يدفع ايجارا شهريا قدره الف وخمسمائة جنيه فهل هذا يطلق عليه فقير؟؟؟
المهم ان الذي انتبهت له اكثر هو الطريقة التي اتى بها الى هنا والغرض الذي جاء من اجله؟ فمن منا يستطيع ان يخرج من بلده ويمد يده لكي يساعده غيره ليس لاجل لقمة العيش ولكنها من اجل شقة؟؟؟!!!
الاغرب من هذا وذاك هو العقلية الفلسطينية في حد ذاتها.هذه العقلية صورت له بانهم شعب مسلوب الارادة منذ زمن بعيد وانه مغلوب على امره . وان المعونات هي امر طبيعي لكي يعيش. وان الدول ملزمة بان تعينهم وتدفع لهم رواتبهم. وان الدول يجب ان تفتح لهم ابوابها لكي يعيشوا فيها. وان الحدود لايجب ابدا ان تغلق في وجههم لانهم محصورون . هذه العقلية جعلتهم شعب لايستطيع التمييز بين الفقر والغنى. فالفقير في مصر هو الذي لايستطيع ان يحصل على قوت يومه اما في فلسطين فالفقير من لا يستطيع ان يبني بيتا. واذا كانت نسبة الفقراء في فلسطين لاتتعدى العشرين في المائة فان نسبة الفقراء في مصر تخطت السبعين في المائة. هذه العقلية انجبت شعب خامل مادا يده دائما طالبا المساعدة ولايفعل اي شئ لتغيير هذا الواقع .او بمعنى ادق شعب متسول بكل فئاته. اما في مصر لكي نتغلب على هذه المشكلة ولاننا شعب ذكي فلم نمد ايدينا لاحد ولكننا سرقنا مافي يد غيرنا اي اننا تحولنا الى لصوص. واذا اردت ان تعرف السبب فانظر الى التحول بالاسفل
مصر –استقلال-اشتراكية-راسمالية-انغلاق-فساد-سرقة-لصوص.
فلسطين-احتلال-حروب-تهجير-اسرائيل-انعزال-معونات-متسولون.
من غزة لمصر ياقلبي لاتحزن
وبعد ان اتممت مهمتي ذهبت الى غرفتي ونمت حتى ياتي وقت الافطار . ولكني وفي اثناء نومي دق جرس الهاتف فاستيقظت مسرعا ورددت عليه فوجدته هو وقد عاد من مشواره . وحكى لي بانه لم يوفق فيما سعى اليه فعزمته على الافطار معي في احد المطاعم القريبة لكي يحكي لي حكايته ولكي افهم ماهو منتويه بالضبط لعلي استطيع ان اقدم اليه شئ يفيده. فوافق على عزومتي له وقال لي بانه سوف ينتظرني في ردهة الفندق قبل الافطار بربع ساعة.
نزلت الي الردهة كما اتفقنا فوجدته جالسا هو وزوجته في انتظاري. فذهبنا لتونا الى المطعم ثم انتقينا احدى الطاولات وجلسنا نتحدث. فدار بيننا الحوار التالي:
انا: من اين انت؟
هو: من القدس الشرقية
انا: يعني من فلسطين سابقا واسرائيل حاليا
هو: هذا بالضبط
انا: هل هذه هي المرة الاولى التي تاتي فيها الى هنا؟
هو: نعم اول مرة
انا: ليس لك هنا اى احد تعرفه من قريب او من بعيد؟
هو: لا
انا: وكيف اتيت الى هنا؟ اي كيف حصلت على الفيزا؟
هو: انا معي جواز سفر اردني. وعندنا في الاردن ممكن ان نحصل على الفيزا اذا وجدت احدا ممكن يضمن عودتي.
انا: وكيف يضمن عودتك؟ فان ما اعرفه عن استخراج الفيزا هو انك اما ان تحصل على عقد عمل او ان يكون لك احدى الاقارب من الدرجة الاولى لكي تستطيع استخراج فيزة زيارة.
هو: عندنا الوضع مختلف قليلا. عندنا يمكن لاي احد ان يستخرج فيزا اذا وجد شخصا يمكن ان يدفع تامينا ويضمنه. وعند العودة يمكن استرداد التامين
انا: الان فهمت. ولكن هل يمكن ان تحكي لي لماذا اتيت الى هنا؟
هو: لكي اجد من يساعدني على بناء بيت في القدس
انا: هل ليس لديك بيت هناك. ولكني فهمت انك متزوج فاين تسكن؟
هو: اسكن في شقة صغيرة مثل الاستديو ادفع لها ايجارا شهريا يقدر بنحو الف وخمسمائة جنيه شهريا
انا: هل لك عمل تتكسب منه؟
هو: نعم انني اعمل في احدي السنترلات وزوجتي ايضا تعمل مدرسة اجتماعية. تدرس التاريخ الاسلامي.
انا : هل الوضع صعب في فلسطين الى هذه الدرجة؟
هو: نعم انه كذلك ولكنه ليس من اليهود وانما من اخوتي الذين اخذوا البيت الذي كنت بنيته وطردوني منه.
انا : انني لا افهم كلامك فهل ممكن لك ان توضح؟
هو: الحقيقة انني كنت ابني بيتا لكي اعيش فيه وكنت حينها اعمل في احدى الدول العربية وكنت بصيرا ولكني عندما عدت وجدت اخوتي احتلوا البيت الذي كنت ابنيه ومنعوني من دخوله.
انا: هكذا بكل سهولة ؟ ولماذا لم تدافع عن حقك وتاخذ منهم ما اخذوه منك؟
هو: انهم اخوتي في كل الاحوال ولم اشأ ان نتصادم ونخسر حتى صلة الرحم.
انا: انني اسمع منك كلاما يدمي القلب . فهل وصل مايفعله الاخوة ببعض الى هذه الدرجة؟!!
هو: واكثر من ذلك. انهم لايحبون زوجتي ايضا مع انها لم تفعل لهم شيئا على الاطلاق.
انا: وكيف فقدت بصرك؟
هو: ضربني الاسرائيليين على رأسي في احدى غزواتهم المعروفة ولم يكن لي يدا فيما يحدث ولكنها ارادة الله.
انا: لا اعرف ماذا اقول لك ولكنني سوف اساعدك بكل ما استطيعه لكي تنال غرضك.
هو: انا عاجز عن الشكر جدا . ولكني لا اريد تحميلك بما لا تستطيع
انا: لا تقول هذا الكلام فاننا اخوة ويجب ان نساعد بعضنا.
تمر الايام هكذا في شهر رمضان وانا متكفل به وبنقله من مكان الى اخر لكي ينال مأربه ولكن الرياح لاتاتي بما تشتهي السفن. فكل ماسمعه من هذه المنظمات التي كان يلف ويدرو عليها انهم لايساعدون الا المقيمين على ارض هذه البلد اما الغرباء فلهم الله. عندها بدا في التفكير مليا في حزم حقائبه والرجوع الى القدس.وبعد يومين اتصل بي واخبرني بانه قد قدم ميعاد سفره وسوف يغادر في الصباح الباكر. سلمت عليه ودعوت له بالتوفيق في تحقيق مناه ومبتغاه ان شاء الله.
الى هنا انتهت القصة وان بدت طبيعية بعض الشئ وذلك بسبب مايعانيه الاخوة الفلسطنيين في بلدهم ولكنها بدت لي غريبة جدا من منظور اخر الا وهي الاتي:
عندما كنت اساله عن وضعهم هناك في القدس وعن معاملة الاسرائيليين لهم .كان يحكي لي بانهم يعاملوهم بكل احترام ولا يوجد بينهم اي مشاكل .اما المشاكل فانها تاتي منهم فيهم اي بين الفلسطينيين وبعضهم. وانهم يعاملون بعضهم بمنتهى القسوة .وان بينهم الاغنياء والفقراء. وان السلطة الفلسطينية تاخذ المعونات ولا تعطي احدا من الشعب. وان هناك فساد في جميع المؤسسات الفلسطينية. تماما كما يحدث في كل بلدان العالم الثالث. وان وان وان.
الى هنا انتبهت بان الاعلام العربي يصور لنا بان الفلسطينيين مغلوبون على امرهم وبانهم ضائعيين هناك مع ان العكس هو الصحيح واذا كان هناك فقر بين افراد الشعب الفلسطسني فان الغالبية العظمى منهم ميسرين ماديا. وان القضية برمتها قضية ابتزاز. اي ان السلطة هناك تقامر وتتاجر بالقضية الفلسطينية ولا يهما اطلاقا بان تعود الارض طالما نهر المعونات متدفق من كل حدب وصوب. واذا كان هناك فلسطسني يستطيع ان يدفع ايجارا شهريا قدره الف وخمسمائة جنيه فهل هذا يطلق عليه فقير؟؟؟
المهم ان الذي انتبهت له اكثر هو الطريقة التي اتى بها الى هنا والغرض الذي جاء من اجله؟ فمن منا يستطيع ان يخرج من بلده ويمد يده لكي يساعده غيره ليس لاجل لقمة العيش ولكنها من اجل شقة؟؟؟!!!
الاغرب من هذا وذاك هو العقلية الفلسطينية في حد ذاتها.هذه العقلية صورت له بانهم شعب مسلوب الارادة منذ زمن بعيد وانه مغلوب على امره . وان المعونات هي امر طبيعي لكي يعيش. وان الدول ملزمة بان تعينهم وتدفع لهم رواتبهم. وان الدول يجب ان تفتح لهم ابوابها لكي يعيشوا فيها. وان الحدود لايجب ابدا ان تغلق في وجههم لانهم محصورون . هذه العقلية جعلتهم شعب لايستطيع التمييز بين الفقر والغنى. فالفقير في مصر هو الذي لايستطيع ان يحصل على قوت يومه اما في فلسطين فالفقير من لا يستطيع ان يبني بيتا. واذا كانت نسبة الفقراء في فلسطين لاتتعدى العشرين في المائة فان نسبة الفقراء في مصر تخطت السبعين في المائة. هذه العقلية انجبت شعب خامل مادا يده دائما طالبا المساعدة ولايفعل اي شئ لتغيير هذا الواقع .او بمعنى ادق شعب متسول بكل فئاته. اما في مصر لكي نتغلب على هذه المشكلة ولاننا شعب ذكي فلم نمد ايدينا لاحد ولكننا سرقنا مافي يد غيرنا اي اننا تحولنا الى لصوص. واذا اردت ان تعرف السبب فانظر الى التحول بالاسفل
مصر –استقلال-اشتراكية-راسمالية-انغلاق-فساد-سرقة-لصوص.
فلسطين-احتلال-حروب-تهجير-اسرائيل-انعزال-معونات-متسولون.
من غزة لمصر ياقلبي لاتحزن
تعليقات
إرسال تعليق