الصدمة
هناك كلمة شائعة
جدا نقولها عندما نجد جهاز الكمبيوتر او التليفون المحمول توقف عن التحميل او
التشغيل ، هي كلمة ( الموبايل هنج ). ومعنى الكلمة ان الجهاز توقف على وضع معين
ومن ثم يجب علينا حينها ان نقوم باعادة تشغيل الجهاز من البداية. هذه الحالة
اتخذتها مضرب مثل لحال الناس هذه الايام . الناس هنجت .. حيث تجد اغلب الناس
توقفوا عن التفكير ولم يعد لديهم ما يفعلونه بسبب مشاكلهم الكثيرة او ظروفهم
الاقتصادية او الاجتماعية . توقف تفكيرهم تماما عند نقطة معينة ولا يستطيعون تخطيها
ولم يعد هناك من يقوم باعادة تشغيلهم من البداية.
وسبب هذا التهنيج
عند الناس خارج عن ارادتهم بالتاكيد . فهم بعد ان استنفذوا كل طاقاتهم للبحث عن
حلول لمشاكلهم ، لم يعد هناك اي حلول يجدوها . ولم يعد في مقدرتهم رؤية اي مخرج او
حل جذري لمأساتهم. فوقع القول عليهم وظلوا في صدمتهم يعمهون.
وللماساة جانب
دراماتيكي ليس لهم به دخل ، هذا الجانب يتمثل في محدودية الحلول نتيجة المناخ
العام والبيئة المحيطة. ولكي نبسط الموضوع سنبدأ بشرح حالة التقدم في امريكا ومن
ثم نسقطها على حالنا لتبيان وايضاح الاسباب..
لم تتقدم امريكا
وما شاكلها الا على انفتاح العقل والحرية . فالسوق الامريكي يستوعب اي فكرة جديدة
وليس للحكومة دخل نهائيا فيما يطرح في السوق. فالافكار والمعتقدات والاختراعات
والجو العام يدفع الجميع لتجربة اي شئ . والسوق عرض وطلب ، اي ان اي شئ يقدم في
السوق ينجح اذا وجد طلب عليه ويفشل ان حدث العكس. هذا الجو خلق وعي عند الناس
بالانفتاح وعدم الخوف من مغبة الخسارة . والاقدام والشجاعة وحب المغامرة صفات
تجدها في الكثيرين في الغرب . وما اكثر امثال بيل جيتس ومارك زوكيربيرج وستيف جوبز
عندما تركوا الدراسة واندفعوا نحو احلامهم وبنوا شركاتهم الخاصة والتي تحولت الى
امبراطوريات مع مرور الايام. واذا مررت على وادي السليكون في كاليفورنيا او شارع
البورصة في نيويورك ستصدم من كم الشركات التي لا تعرف مكنونها او ماهياتها وما
تقوم به . فالسوق الامريكي كما يوجد به شركات تكنولوجيا ، يوجد به عيادات للعلاج
الروحاني ومؤسسات للنشر وقاعات محاضرات ومدونات صوتية ومرئية ونوادي للحديث ..
مجتمع مفتوح تماما والكل كسبان .واي محاولة لفتح مجال جديد ستجد صدى عند البعض
وتحقق النجاح في هدفها النهائي. حتى انك تتعجب احيانا عندما تجد مدونات صوتية او
مرئية لها من المتابعين ملايين برغم انها تتكلم فقط عن اليوجا مثلا او كيف تتخلص
من مشاكلك او حتى كان بيبيع وراور يافجل . بالاضافة لدور النشر التي تنشر ملايين
الكتب والتي تؤكد على ان الجو العام مؤهل لكل جديد والساحة تتسع للجميع.
اما عندنا فحدث
ولا حرج ، لا جديد يذكر او قديم يعاد ... متوقفون تماما محلك سر.. وان فكر احدهم
في الخروج من الماساة ، نظر حوله فلم يجد ما يفعل ,, ايفتح محل فول ؟ ام يشتري
سيارة ويحولها اوبر؟؟ ام يشتري موتوسيكل ويشتغل طلبات؟ ام يفتح سوبر ماركت ؟ ام
يشتغل في شركة ؟ ولا بنك ؟ ولا شركة بترول؟ ولا ينظ على مركب هجرة غير شرعية؟ ولا
يغني او يمثل ؟ ولا يسرح بعربية بطاطا ؟ واسئلة تاتي وتذهب لا نهاية لها ..
لايوجد صناعات او
شركات صناعية حقيقية . لا صناعة سيارات او سفن ، لاصناعة تكنولوجيا ، لايوجد
برنامج استراتيجي يجقق مردود فعال . وان وجد فكلها صناعات استهلاكية كمصنع بسكويت
مثلا او مصنع صابون او بطاطس . صناعات لا تحقق دخلا بالعملة الصعبة الا ما ندر. لا
يوجد تاهيل حقيقي للمهندس او العامل وان وجد فلا تجد المكان الذي تستطيع تشغيله
فيه ، فيقع فريسة سهلة لسوق لا يقدر اي مهنة ولا يعي ما هو التقدم.
انا لا الوم
الانسان عندنا فهو مكبل اليدين والارجل ، انما الوم القائمين على الدولة لما لهم
اليد الاكبر في حالة التوهان التي وصل لها الناس . الكل خائف من غده ، لا احد ينام
مرتاح البال . الموظف مرعوب اكثر من العاطل .. البحث عن وظيفة هو الهم الشاغل لملايين
..لم يعد احد يقرأ ، فالقراءة رفاهية لايقدر عليها الا واحد مرتاح البال وهو امر
لو تعلمون عظيم. الصحف لم يعد يشتريها احد وان فعل احدهم فلكي يغلف بها طاقم
الاكواب حتى لا ينكسر.الكل يكتب ولا احد يقرأ . الكل يئن ولا احد يسمع . الكل يؤذن
في مالطا ولا يوجد في مالطا احد..
سكون تااااام
..فقط صوت الاشباح تطل علينا من هنا وهناك لتقول لنا اعملوا واشتغلوا واحنا مش
عارفين نشتغل ايه او نعمل ايه .....
تعليقات
إرسال تعليق