الفكر الانتيخي في المسمار التاريخي
في اثناء معركة كلامية بين افراد طاقم الغواصة النووية ( تفيدة ) ، انهال كبير المهندسين على الطباخ بالسباب لانه لم يراعي متطلبات وظيفته وأخل بالشروط الواجب توافرها فيمن يمتهن هذه المهنة. وكان السبب في انفعال كبير المهندسين ، ان الطباخ ترك الجبنة الرومي عرضه للهواء مما نتج عنه تعفنها وبالتالي رميها في صندوق القمامة. واذا علمنا اهمية الجبنة الرومي في حياتنا لعذرنا كبير المهندسين على فعلته تلك واهملنا في الوقت ذاته انفعاله الزائد عن الحد الى الدرجة التي دفعته الى التطاول على الطباخ بالسباب. الا اننا لا يجب ان نندهش من هذا الموقف لان كثرة الحوادث اصبحت تنوء بحملها الايام. وبالرغم من ان هناك قائد للغواصة النووية وهو يعتبر اعلى رتبة من كبير المهندسين الا انه ترك مهمة التنغيص على الطباخ بيد كبير المهندسين. وحسنا فعل ، لان قائد الغواصة لديه من المهام الجسام ما لا يحصى. فمن ضمن مهامه الكبرى ، ارتداء الشورت ونظارة الشمس والاستلقاء على ظهره امام الشمس ساعة من النهار حتى يأخذ اللون المطلوب. اما اقل مهامه فهي اللعب في مناخيره اثناء تصفحه للانترنت. وعليه ، فهو مشغول وليس لديه الوقت لمناقشة توافه الامور التي تحدث امامه يوميا.
وبعد ان
انتهت المعركة وعاد الجميع الى قواعده سالمين ، ظهرت مشكلة اخرى في مسمار تعليق
الدفة مما تسبب عنه فقد التحكم في الغواصة اثناء سيرها. وبما ان المسمار من
الاهمية بمكان ان جعل جميع الناس على ظهر الغواصة الى التجمع لابداء الرأي والنصح
لحل المشكلة العويصة. لذلك وجب على الجميع ان يدلي بدلوه في هذا الامر الصعب.
فتناقشوا وتحاوروا وتنافسوا وتنابذوا حتى يبين كل واحد فيهم مهارته وحنكته في حل
المشكلة. الغريب في الامر ان المشكلة ليس لها الا حل واحد الا ان القوم اظهروا من
البراعة التي جعلت المشكلة لها مائة حل. حتى ان قائد الغواصة احتار في ايها يختار.
وبدلا من استغلال الوقت في حل مناسب واحد ، كان لزاما عليه ان يضيع الوقت لكي يجرب
جميع الحلول. وبدلا من اضاعة الوقت في الحل ، اضاعه في الاختيار. حتى ان الوقت ذات
نفسه بدأ ينفذ صبره بعد ان مر ثلاثة ايام من العبث. وكاد يخرج للقوم ليلعنهم على
استغلاله اسوأ استغلال. وبعد محاولات عديدة لاصلاح المسمار ، نجحوا اخيرا في تركيب
واحد غيره. الا ان الشركة صاحبة الغواصة لم يعجبها الامر وقلقت ان يكون المسمار
الذي تم تركيبه غير مطابق للمواصفات ، فارسلت واحدا جديدا لكي يتم تركيبه بدلا عنه.
الا انهم لم يفطنوا الى حساب الخسارة المادية او تناسوها فالامر بالنسبة لهم سيان.
فالخسارة الاولى ناتجة من ضياع مجهود الناس والثاني ضياع المسمار الاول والثالث
تكلفة المسمار الجديد ورابعا الايام المهدرة سدى. لكن الحساب لا يعني احدا هذه
الايام. لان الجملة التي تسمعها دائما ان القوم يبذلون المجهود الجبار الذي لا
يضاهيه اي مجهود. وهذا صحيح من الوجهة النظرية الا انه غير ذلك من الوجهة العملية.
لاننا في النهاية نعمل بكد ولا نرى الا هباء تذروه الرياح. ولا نتقدم بالرغم من
سيرنا لذلك ترى الجميع يسير في محله بدون ان يبرح مكانه قيد انملة. وكل ذلك يؤدي
الى نظرية الفكر الانتيخي الذي لن تشعر معه بأي لوم او تأنيب ضمير بسبب انك لا
تستطيع ان ترى مسبقا نتيجة افعالك ولا تدري النتيجة النهائية لعدم وضع الحساب في
الحسبان. فنحن نراكم الفشل طبقة فوق اطباق او نزيد الابالة ضغثا بدون ان ندرك
مقدار هذا الضغث. نحن نعمل ونكد ونشقى ولكننا نمحو كل مجهودنا بسبب عدم التنسيق
واعمال الفكر الصحيح. فالفكرة في حد ذاتها حتى وان كانت صحيحة لا يجوز التفكير
فيها ان كانت غير قابلة للتطبيق او ان تطبيقها سيكلفنا اكثر من اللازم. الا ان
القوم لا يهمهم كل ذلك ، المهم ان تتسخ ايادينا وملابسنا ونفقد اموال ومجهود حتى
يقال لنا ( الله ينور ). وكان الله لن ينور لنا اذا لم نضحك على انفسنا.
المهم ان
تتحقق نظرية الفكر الانتيخي في المسمار التاريخي
تعليقات
إرسال تعليق