الحق بين الاستسلام والمقاومة
هناك مقولة
مشهورة تقول انه يجب ان تكون هناك قوة لكي تحمي الحق . بمعنى ان الباطل ان لم يجد
من يردعه فلن يستطيع احد احقاق الحق . او ان الحق الضعيف لا يستطيع الصمود في وجه
الباطل القوي . وتتأرجح الكفة بين الحق والباطل في ظل صعود مستوى القوة وهبوطها
على اطراف الصراع .
هنا يهمنا ان
نناقش نقطة قد لا ينتبه اليها البعض ، الى اي مدى يمكن ان يصارع الحق من اجل
احقاقه ؟ لكي نبسط المسألة سنضرب مثلا ، اذا افترضنا ان هناك نهر وانت تقف على
احدى ضفتيه ، ولك حق على الجانب الاخر ولكن العقبة الوحيدة امامك هو ان النهر ليس
ملكك ، وانه يجب عليك ان تستأذن صاحب النهر ، فهل ستقوم بالمخاطرة وتعبر النهر
بدون استئذان اذا عرفت ان صاحب النهر لن يدعك تمر ؟؟؟ واذا سلمت ورضيت بمنعك من
المرور هل هذا يعتبر استسلام ؟ وهل تجعلك المقاومة من اجل استرداد الحق ، ظالم في
بعض المواقف ؟
نصل الى
العبرة من المقال ، احقاق الحق ليس معناه طغيانك على الجميع لكي تسترد حقك . فاذا
بدا لك ان هناك ظلم قد يقع عند محاولتك لاخذ حقك ، عندها يجب عليك التراجع وعدم
الاندفاع حتى لا تطغى على حقوق الاخرين . وان تعاميت عن حقوق الاخرين فتصبح انت
بذات نفسك ظالم وتدخل في دائرة الباطل ويصبح على الاخرين مقاومتك . فما يحدث من
البعض في المجتمع المصري يجعلنا نتوقف لنشاهد الى اي مدى يمكن ان يطغى الحق !! (
لن نناقش احقية المطالب لان هناك حق نسبي قد يتشارك فيه مجموعة من الناس مثل كرسي
الحكم مثلا ) . ويجعلنا نحن نقاوم ظلم
الحق الذي يدعيه البعض ( الاخوان نموذج ) . فمن منظور الاخوان ، يرون ان الحق معهم
ولكنهم في سبيل تحقيقه يدمرون الاخضر واليابس ظنا منهم ان ما فات قد يعود . وفاتهم
ان الذي فات لا يمكن ان يعود الا اذا اراد الله امرا كان مفعولا . ويفعلون اقبح
المنكرات واشدها ظلما ، من اول الكذب وحتى التفجيرات ومحاولة التاثير على الاقتصاد
المصري. انهم يظنون بضغطهم على الاقتصاد قد تقع مصر او ان ينهار نظان السيسي او
يجعلهم يهربون من مقصلة الاعدام . ولا يتورعون عن فعل المنكرات في سبيل وصولهم الى
الكرسي . انهم فئة من البشر لم ارها في حياتي ولن ارى مثلها في المستقبل . اني ارى
الشر متمثلا فيهم بكامل هيئته . ولا اعتقد ان مايحدث لهم حاليا صدفة ، لان الله لو
تركهم يفعلوا ما يحلو لهم لانهار الايمان تماما بفكرة وجود الله . ولاصبح لزاما
عليه ان يرسل رسول حتى يحيي ما اماته هؤلاء القوم من الدين . هم لا يروا ان ما
يفعلوه باطل ، ويظنون انهم يجاهدون من اجل حق ولكن غاب عنهم انهم يدمرون اقوات ناس
لم تفعل لهم شيئا ويوقفون اقتصاد دولة منهكة ويعبثون بمقدرات امة اصابها الوهن من
كثرة الفقر . فان اعطاهم الله ما ارادوا ، لفقد الحق معناه وانهارت فكرة الايمان
باله قادر على دفع الظلم، وتحول المجتمع الى مجموعة من البائسين الكارهين للحياة
وبما فيها ، وباتت حياة الناس جحيم لا يطاق وارض لا تعطي ارزاق .
واذا استمر
الاخوان على نهجهم ( وهذا ما اتوقعه ) ، فلن يجدوا مأوى لهم من عذاب الجحيم القادم
عليهم لانهم لم ولن يدركوا بعد ان الناس لم يعد لديها ما يبكون عليه ، وسيدمرون
قلاعهم وما آووا اليه . فالاخوان يلقون
انفسهم بايديهم الى التهلكة وهم لا يعلمون . ويعتقدون بان تحالفهم مع بعض الدول قد
ينجيهم من هذه المأساة ، ولكن غاب عنهم ان كل من خان نال جزاؤه في الدنيا قبل
الاخرة . فهم يخونون دينهم قبل اوطانهم ، وسماءهم قبل ارضهم ، وربهم قبل شيطانهم .
"والله
غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون " صدق الله العظيم ..
تعليقات
إرسال تعليق