رسالة الى العام 2070
الذي اعلمه جيدا انني لن اعيش الى هذا التاريخ الا اذا اصبحت من المعمرين على الارض ولكني اثرت ان اترك رسالة الى حفيدي القادم والذي لا اعلم ايضا هل سياتي ام لا. والذي دفعني الى كتابة هذه الرسالة هو انني كنت اتمنى ان اجد رسالة من جدي يحكي لي فيها بالتفصيل مايراه خلال ايام شبابه. ولا يعتمد فقط على ذاكرته في سرد الاحداث التي مر بها والتي يشوبها الكثير من النسيان. فكلنا تقريبا نردد بان الماضي افضل من الحاضر وبان الناس لم تعد كما كانت من الطيبة والاخلاق. وبالرغم من ان وسائل التكنولوجيا الحديثة قد ضمنت ان تسجل كل الاحداث الان ولكن ينقصها الشئ الاهم وهو نقل الشعور العام المصاحب لهذه الاحداث. فالشعور والاحساس مثله كمثل الثوب الذي يغلف الجسد او هو العطر الذي يزيد الوردة جمالا وروعة. فما اكثر كتب التاريخ والاحداث المسجلة ولكنني ادركت ان ابتعاد الحس الانساني عنها يفقدها الكثير من معناها. وعليه فقد ارتايت ان ابعث رسالة الى حفيدي اهدي اليه هذه الكلمات حتى يرى بقلبه ما نمر به الان من احداث وحتى لا يقول مثلما نقول بان الماضي افضل من الحاضر. وبان لكل زمان همومه ومشاكله التي تنحني امامها الاعناق وتذرف بسببها الدموع احيانا في صلوات الفجر لكي يزيح الله الغم والكرب من الصدور.
اي بني اليك اهدي هذه الرسالة في يوم الخميس ،الخامس من شهر يوليو في العام 2012 في تمام الساعة الثالثة عصرا. ارصد واحكي لك عما يدور من احوالنا واحوال مصر. ودعني ابدأ من رأس الهرم وهو محمد مرسي رئيس الدولة ، والعضو السابق في جماعة الاخوان المسلمين. جاء بعد ثلاثين عاما من حكم الطاغية حسني مبارك . وقد كان يوم فوزه عجيبا، فقد فاز بفارق بسيط جدا عن احمد شفيق المرشح المنافس له. لذلك فقد ساد الوجوم على نصف الشعب المصري عندما اعلن عن فوز محمد مرسي واظهر النصف الاخر الفرح العارم. وانقسم بذلك الشعب المصري الى فريقين يكره احداهما الاخر. ولك ان تعلم بان الشعب المصري لا زال يأن تحت وطأة الازمة الاقتصادية التي وعد محمد مرسي بحلها في مشروع النهضة الذي جاء به. وندعو الله ان يكون في هذا المشروع خير ولا يكون وبالا ونكبة على مصر. فالقائمين على السياسة الان ليس لديهم اي رصيد سياسي حتى ولو ادعوا غير ذلك. فمبارك بنظامه البائد قد دمر تقريبا كل الثروات البشرية التي كانت موجودة في مصر ودفعها للهروب بنفسها من ظلمه وعناده . فلم يتبقى الا (الكسر) الذين اتوا لكي يجربوا فينا تجاربهم. ولا نعلم ستنجح هذه التجارب ام ستفشل. وهناك بعض اعضاء جماعة الاخوان المسلمين الذين يتدخلون بصورة مباشرة في ادوات الحكم الان، ومنهم خيرت الشاطر الذي يتحكم في دولة الاخوان الاقتصادية ومنهم ايضا حسن مالك. فالادوات الاقتصادية الان هي المحرك الفعلي لسياسات العالم اجمع. وهناك بعض المؤشرات الوهمية التي تقول بان الاقتصاد المصري في طريقه الى التعافى. ومنها على سبيل المثال البورصة المصرية. فالبورصة في اليومين الاخيرين ارتفعت بشكل مبالغ فيه موحية للبعض بان الاحالة الاقتصادية في طريقها للانتعاش. ودافعة في الوقت ذاته صغار المضاربين الى معاودة استثمار اموالهم في البورصة. والذي اؤكد عليه الان ، ان مايحدث في البورصة هو محاولة الاخوان الفجة في السيطرة على الاقتصاد المصري وجعله الاسفين وحجر عثرة في سبيل عدم زحزحتهم عن الحكم ابدا. فاذا حاول البعض مناوشة الاخوان واقصائهم في الانتخابات القادمة ، فاول شئ سيفعلونه هو التلويح بسحب الاستثمارات الموجودة لكي ينهار الاقتصاد المصري. ولكي يكتمل مخططهم الخبيث فهم يستميتون لكي يسيطروا ايضا على الحكومة والبرلمان وكل شئ في الدولة. وسنرى خلال الايام القادمة من سيكون رئيس الحكومة القادم.
ودعني انقل اليك جزءا مهما من شكل الحياة الاقتصادية الان في مصر، فلك ان تعلم بان الجنيه الورقي قد اختفى تقريبا وحل محله الجنيه المعدني. ووصل سعر كيلو اللحمة الان الى خمسة وسبعون جنيها. ورغيف الخبز الفينو بربع جنيه. وكيلو السمك البلطي بخمسة عشر جنيها. وكيلو الفراخ بثمانية عشر جنيها. ومتوسط الدخل للفرد في شركات القطاع الخاص لفئة الشهادات العليا يتراوح من الفان الى ثلاثة الاف جنيها. ومعدلات البطالة تكاد تقارب الخمسين بالمائة. ويكاد تعداد السكان يصل الى تسعين مليون نسمة اغلبه شباب( وهذا هو المضحك والمبكي في الوقت ذاته).
وعلى هذا فنحن نمر بازمة اقتصادية يعلمها القاصي والداني وبسببها الحياة اصبحت ثقيلة على الجميع وليست وردية او مريحة. وصعوبتها تزيد مع مرور الايام . وهناك حالة اكتئاب عامة نراها في الوجوه جميعا ولا نعرف متى ستزول هذه الحالة. والشعب المصري لم يعد الشعب الضاحك الذي يلقي النكتة في احلك الظروف . فاختفت النكتة تقريبا وتغير السلوك العام واصبح سوء الظن يغلب على تصرفات الجميع. فاذا اوقعتك الظروف في احدى المشاكل تجد ان سوء الظن والاتهام اصبحوا اسرع من حسن الظن بالناس. والملاحظ فعلا ان هناك انقسام داخل نفسية المجتمع المصري التي يسهل معها انقسام مصر جغرافيا ايضا. فمن السهل جدا ان تقسم بلد يكره افرادها بعضهم ولنا في دولة جنوب السودان عبرة. واذا لم ينتبه القائمون على الحكم الى هذه النقطة سريعا فانني لا اعتقد انك سترى مصر كما اراها على الخريطة الان. فارتفاع معدلات الجريمة وزيادة نسبة العنوسة وانهيار الاخلاق هي اكبر مؤشر على تغير منظومة الفكر المصري والتي ان لم نجد دواء ناجع لها فسيقابلها ثورة اخرى سوف تاكل الحرث والنسل الباقيين.
الى هنا اكون قد نقلت لك جزءا من الصورة والتي تستطيع انت بما لديك من امكانيات تكنولوجية ان تكملها لتعرف اننا لسنا افضل منكم واننا نعاني كما تعانوا واكثر!!!!
تعليقات
إرسال تعليق