حماقات اوفر 18 ( قصة شيطانية )


وقفت امام مرآتها تنظر الى الخطوط التي علت وجهها مؤخرا. خفق قلبها قليلا من فكرة انها ستتخطى الخمسين بعد عامين. لم يخطر في بالها انها كبرت وان العمر قد مر من امام عينيها وهي لم تحقق ما كانت تأمل به. ظلت تحدق في المرآة وتعدل من شعرها الاسود الذي ينسدل على وجنتيها. وطافت في ارجاء الغرفة مضطربة من السكون بعد ان كان صوت ابنتها يؤنسها في وحدتها. ابنتها التي زفتها بالامس فقط الى عريسها . ظلت تردد كلمة " اصبحت وحيدة" حتى ان دوي الصدى قد ازعجها وقض مشاعرها. مرت عشرة اعوام على وفاة زوجها واخلصت الى ابنتها طيلة هذه الفترة ولكن حياة الانسان تتغير بين الحين والاخر وعلينا تقبل هذا الامر فلا شئ يدوم الى الابد. اثناء الزفاف شعرت بغيرة من عريس ابنتها بسبب انه اخذ منها اعز ما تبقى لها من رائحة زوجها. ولكنها ادركت سريعا ان هذه هي سنة الحياة وان لاشئ يغدو كما كان بالامس. رضخت اخيرا لتقلبات الزمن وبكون وحدتها ستكون هي الصديق من الان فصاعدا.
مسحة الحزن على وجهها لم تخفي جمالا اخاذا طمرته صروف الحياة ، حتى ان بعض الصبيان كانوا يلقون اليها كلمات الغزل وهي تتعجب من تصرفاتهم. لم تكن تشعر بأي رغبة او حنين للرجال وقتها. فقد كانت مكرسة كل حياتها لخدمة ابنتها والرعاية بها حتى كبرت الابنة واصبحت محاسبة في احدى الشركات. حتى تقدم اليها شاب يبلغ من العمر ثلاثين عاما ذو مركز ونسب ليطلب يدها. فتم المراد واستقلت ابنتها بحايتها الجديدة.
مرت الايام، وجاء يوما وجدت ابنتها تطرق بابها وعلى وجهها علامات الحزن واخذت تشتكي لها زوجها وحماتها. وكان السبب ان حماتها كانت تعنفها وتقسو عليها في بعض الاحيان. وانها لا تستطيع ان تستمر في السكن مع حماتها. وان زوجها لا يدافع عنها بسبب امه. فهدأت امها من روعها وذكرتها بانها قد قبلت من قبل ان تسكن مع حماتها. وان زوجها وعدها بانه سياخذ سكنا جديدا في اقرب فرصة عندما تسنح الظروف. ولكن الابنة ظلت تبكي على صدر امها. فرق لها قلب امها ووافقت على ان تظل عندها حتى ياتي زوجها وتتفاهم معه في هذا الامر.
في المساء مر عليها زوجها وطلب منها ان لا تزعل من امه فهي سيدة كبيرة في السن ولم تعد تتحمل كما كان في السابق. وكرر وعده بانه لم يزل المستقبل امامهم وانه سيبحث عن شقة جديدة ما ان يجمع المال اللازم. وعندما لاحظت الام تمسك ابنتها بالبقاء عندها قليلا ، اقترحت عليهم ان يقيموا عندها قليلا حتى تهدأ النفوس وتتصافى. لم يعجب الزوج هذا الاقتراح في بادئ الامر ولكنه رضخ اخيرا امام اصرار زوجته. فالامر عندها سيان، فبياتهم عند امها مثله مثل بياتهم عند حماتها. وشقة امها اكبر من شقة حماتها وبالتالي سيرتاحون معها.
ومرت الايام وهم يقيمون مع بعضهم في منتهى السعادة ولا يؤرق حياتهم الا همومها فقط ولكن الحالة المادية لهم بدأت في التحسن مع مرور الايام. ولم يخلو الجو من بعض المناوشات الزوجية من وقت الى اخر فتتدخل امها في حلها بروية وتؤدة. الى ان جاء خبر حمل الابنة فطارت الام فرحا بهذا الخبر وطار الزوج مثلها من السعادة. فصارت الامور على ما يرام الى ان اتى يوما كانت الابنة في العمل وعاد الزوج من عمله مبكرا. فتحت له حماته فدخل ممدا جسده امام التليفزيون ليلتقط انفاسه. فهمت حماته باعداد كوب من العصير ليروي ظمأه. اقتربت حماته لتضع الكوب امامه على المنضدة ، فانحنت قليلا وظهر له جزءا من صدرها خلال فتحة في الفستان الذي كانت ترتديه، وكان ناصع البياض بضا. فأشاح بوجهه ناظرا الى التليفزيون وناهرا نفسه في التفكير في هذا الامر. لم تشعر حماته بهذا الارتباك الذي اعتراه ولم تدرك ما حدث فقد كانت عفوية في كل تصرفاتها ولم تتوقع بعد بان غريزة الرجل تدفعه في اي اتجاه.
مرت الايام بعد هذا الموقف ونسي الزوج الشاب هذا المشهد ولكن عقله الباطن ما زال يخزن هذه المعلومة ويخرجها له من ان الى اخر دافعا نظره الى تفحص اجزاء جسد حماته. وظل شيطانه يزين له سوء عمله. وفي احد المرات لاحظت حماته نظرات عينيه اليها وادركت بحاستها السادسة ان هذه النظرة رأتها من قبل وانها تعلم مغزاها جيدا ولكنها كذبت نفسها وصرفت تفكيرها بعيدا علها تكون مخطئة وحتى لا تنساق لشهوات النفس الاثمة.
ظل الفضول يدفعها للتحقق من مغزى نظرته ولكي تثبت لنفسها انها اخطأت في تقدير الموقف ولكنها ايقنت اخيرا ان هذه النظرة لها معنى فعلي.
بدأت نظراته تحرك انوثتها وهي تقاوم ايما مقاومة. فنظرات كتلك هي المفجر لثورات بركان المراة. فبدات في الاهتمام بمظهرها وهي لا تعلم لماذا تفعل ذلك. وبدأت في التودد اليه محاولة في الوقت ذاته الابتعاد عنه. وبالرغم من رفض عقلها ما تفعله فان مشاعرها كانت تقتل كل تحرك عقلي مضاد. ما ابشع ان يقع الانسان ضحية بين رحى العقل والعاطفة.
بدأت حياتها في الانقلاب وشهدت نفسها تمردا خارجيا دفعها الى ان تغير من مظهرها وحديثها واصبحت الضحكة احدى سماتها ويشع النور من بين وجنتيها. واحست بانها فقدت عشرون عاما من عمرها حتى ان ابنتها لاحظت ما طرأ على امها من تغيير ولكنها لم تدرك في حينها ما الذي حدث في حياة امها وجعلها تبدو اصغر مما كانت عليه. ولم تشك او تتخيل ما يعتري مشاعر امها او تلاحظ اي تصرف خاطئ في سلوكها. فكل شئ كما هو لم يتغير مع اختلاف طفيف في كون زوجها قد هدأت نفسه في بيت حماته مؤخرا بعد ان كان مصرا على الانتقال الى بيت امه.
مرت الايام على هذا المنوال والكل مشغول باقتراب موعد اول مولود ذكرا. حتى انهم بدأوا الحديث عن اختيار اسم للمولود.
وعلى حين غرة هاجمت الام المخاض الابنة ليلا على غير موعدها فادركوا ان الولادة قد تكون مبكرة. فاسرع الزوج في نقل زوجته الى المستشفى وبعد ان وصلوا اليها وتم عمل الاجراءات اللازمة ، طلب منهم الطبيب المتابع للحالة انهم يمكنهم ان يذهبوا الى البيت ولا ينتظروا لان الولادة ستكون صباحا وان المستشفى لا يوجد به اماكن شاغرة لاقامة المرافق. فرضخوا لامر الطبيب على ان ياتوا باكرا للبقاء مع الابنة.
وبعد ان رجعوا الى البيت لم يطرف لهما جفن بسبب توتر الوضع ولكنهما ما لبثا ان هدأت نفوسهما قليلا. فجلس الزوج بملابسه لم يغيرها امام التليفزيون ودخلت حماته لتغير ملابسها. ثم خرجت متجهة الى المطبخ لتعد كوبا من الشاي قد طلبه الزوج منها. واثناء اعداد كوب الشاي ، بدأت تراود الزوج الافكار الشيطانية ثانية وكانت اجواء السكون تزيد من تدافع هذه الافكار وبرغم كونه يحاربها ويلوم نفسه على التفكير فيها الا ان كل جسده بدأ في الاضطراب . ومع ان الجو كان باردا الا ان اطرافه بدأت في الارتجاف وبدأ عرقه في التصبب.
أقدمت حماته بكوب الشاي وهي ترتدي ملابس نوم تبرز من خلالها ملامح انوثتها. قدمت اليه كوب الشاي ، فمد يده المرتعشة التي كادت ان تسقط الكوب فوضعها على الفور على المنضدة بعد ان انسكب جزءا من الماء الساخن على يديه فآلمته. فأسرعت حماته الى احضار فوطه وبعض مكعبات الثلج لتخفف له ألمه. ثم جلست بجانبه ووضعت الفوطة على يديه بعد ان مررت مكعبات الثلج على الاماكن المحترقة . ظلت تفعل ذلك وهو واجم مصدوم وينظر خلسة في فتحة صدرها الناتئ. لم يستطع الكلام بعد ان بدات اصوات انفاسه الحارة تدوي في المكان. شعرت حماته بالموقف وبما يعتلي صدر زوج ابنتها وقبل ان تقوم من جانبه مسك يدها وجذبها اليه. فحاولت سحب يدها منه وهي تبدي اندهاشا مفتعلا. فلم يتكلم وواصل احكام قبضته عليها حتى جلست بجانبه ولم تستطع مقاومته وانهارت......
ومع تأوهات صاعدة من انفاس حارة وقع المحظور وظلوا ساعتين في غيبوبة تامة لا يعلمون ماذا يفعلون. وبعد ان انطفأت الشهوة ادرك الاثنين الجرم العظيم ولكن عذاب الضمير لا يستمر بعد ان يتعود المرء على فعله. فتحول الزوج الى زوج وعاشق وتحولت الام الى حماة وعاشقة وتحولت الابنة الى زوجة وضحية.
يكابد الانسان عادة لعدم وقوع المحظور ثم يكابد لاماتة ضميره ثم يكابد لتحمل الندم ثم يصبح نموذج لافعال الشيطان.
" ما اغرب حماقات النفس البشرية"

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هدهد سليمان ( قراءة جديدة )

القاضي والمجرم ( قصة قصيرة )

أسماء قداح الجاهلية