مشروع شهيد ( وجدي العربي )
احيانا تكون الصورة اصدق من اي كلام. هذه الصورة من هذا النوع الذي يعبر عما تعجز عنه الكلمات ان توصفه. انه الممثل والفنان السابق وجدي العربي. يحمل على صدره ورقة مكتوب عليها مشروع شهيد ويحمل في يده كفنه. هذه الصورة التقطت داخل ميدان رابعة وليست على حدود اسرائيل لان اسرائيل كعدو لم يعد لها وجود في المخيال الاخواني الا عندما تتطلب الميديا ذلك. واذا حاولنا استقصاء مسار الفنان لمعرفة كيف يرتد الانسان الى الخلف وليس للامام فلن نجد الكثير عنه لانه اختفى من الساحة الفنية منذ لحظة ليست بالقريبة ولم يترك لنا اعمالا تجعلنا نفتقده عند غيابه ولكن عودته شاهدناها على شاشات الفضائيات مع الداعية الجميل الحبيب علي الجفري. ووجوده في هذا البرنامج لم يكن له تاثير يذكر لانه كان في موضع مقدم البرنامج. ونحن نعلم جميعا سماجة مقدمي البرامج مصر ومدى ضحالة ثقافتهم وقلة خبرتهم وبالتالي فلم نكن نصوب جل نظرنا على وجدي العربي لاننا كنا ننتبه الى ما يقوله الشيخ. حتى ان وجود وجدي معه لم يكن ملفتا للانظار وكنا دائما لا نشاهد منه الا ابتسامته السخيفة ولحيته الخفيفة. وبرغم طول الفترة التي قضاها وجدي في هذا البرنامج الا انه لم يتعلم اي شئ من الشيخ المعتدل في افكاره. وهذا حقا غريب والله وان دل على شئ او قاعدة انما يدل على ان لا يشترط ان يحضر الانسان مجلس علم ويقوم منه مستوعب ولو جزء قليل منه. ويصبح عندها هذا الانسان مثله مثل الحمار يحمل اسفارا. فالعلم بين يديه ولا يراه بعينيه. ويجب علينا عند هذه النقطة ان نحلل ونرصد فكر الاستاذ -وجدي مشروع- لان هذا واجب علينا حتى نستخلص العبر والحكم من رؤيتنا لمثل هذه المفارقات. اولا علينا ان نعترف ان الاستاذ ليس لديه علم بالدين تماما ولا يفقه من القران الا الفاتحة على اكثر تقدير. لان القران بكامله لا يدفع صاحبه الى حمل السلاح في وجه الذمي الذي يختلف معه في الرأي ناهيك عن مسلم مثله. والايات كثيرة ولكننا لن نوردها لان التجربة اثبتت انهم لن يفهموها وبالتالي لن تجدي هذه الحجة. وقصر القران حمل السلاح في حالة واحدة فقط ، هي عندما يحاربك احدهم ويريد قتلك ويكون موقفك هو موقف المدافع عن النفس. او ان هناك دولة تريد احتلال بلد مسلم او تريد شرا بالمسلمين. حتى ان القران في اشارته للفئة الباغية من المسلمين ، كان موقفه هو محاولة الاصلاح وليس التدخل لاشعال نار الفتنة. وامر فقط بقتال الفئة الباغية عندما تتمادى في غيها. اذا فمنظور الاستاذ منافي لقاعدة الدين وهي الرحمة في الاساس.
واذا خفضنا
مستوى وعي الاستاذ من درجة المثقف وجعلناه على التوازي مع جمهور رابعة الذي يستمع
فقط لما يلقى اليه بدون تفكير او فهم. فلنا ان نعيبه لانه يدفع المغيبين تماما
الى الاستشهاد بافعاله بحكم قربه من الكاميرات وبحكم ان معظم الناس تصدق ما يصب
عليها من وسائل الاعلام. وبالتالي فضرره على الناس اقوى من ضرره على نفسه. ولو انه
تمسك برايه فقط ولم يعلنه على الشاشة لكان اخف ضررا في نفوس اهل رابعة. ولكنه ابى
الا ان يكون مثله مثل كبيرهم الذي علمهم السحر. لان الناس لطالما اتبعت الكبراء في
افعالهم واقوالهم.
اما قضية
الشهادة التي يرددها كما يرددها غيره ، فانها قضية في منتهى الخطورة على المجتمع.
لان الشهادة بمعناها الديني تختلف كلية عن معناها الدنيوي. بمعنى ان لقب شهيد الذي
يطلقه البعض على الاموات انما لا يدرون ان الشهادة انما هي صفة بعض الصالحين الذين
يدخلهم الله الجنة. وبطبيعة الحال فان الله هو الذي يقرر وليس العباد. اي ان الانسان
الذي يكتب على صدره مشروع شهيد ، انما يتدخل في ارادة الله وقدره وكأن الله سيختم
له على هذه الورقة بختم الهي ممهور باسم الله. انهم يزكون على الله انفسهم برغم
انه لم يوعدهم بشئ من هذا القبيل. وتصبح عندها هذه الورقة سبيل الى الضلال منها
الى الايمان.
النقطة
الاخيرة التي نريد ان نختم بها ، هو اقرار الله بان جميع الاعمال انما بالنيات .
فالانسان الذي يود ان يموت شهيد او يقضي نذر ليس عليه الا ان ينوي على هذا وليس
مطلوبا منه ان يعلن في الصحف انه سيزكي او يحج او يخرج مالا او انه سيموت في سبيل
الله لان هذا الطريق هو مفسدة للنية. واظهارك لنيتك ما هو الا مطلب شهرة حتى يقال
فعلت كذا او قلت كذا. وعندها تصبح ممن سيدخلون الى النار لانه قد قيل.
تعليقات
إرسال تعليق