العامل المشترك بين أصدقائي
هل تذكر دهشتك عندما اكتشفت ان بعضا من اصدقائك المقربين ينتمون او يميلون للاخوان؟ ما هو العامل المشترك بينهم؟ هل لاحظت مؤخرا ان لهم نفس الفكر ونفس منهج التحليل برغم عدم انتباهك لهذا الامر سابقا؟ كيف انتبهت ان لهم وجه شبه في الشكل ايضا؟ هل الفكر يشكل الشكل الخارجي ام العكس؟ الى اي مدى وصلت الى تحليل شخصياتهم للوقوف على اسباب اختلافهم عنك في الفكر؟ اليس غريبا انهم لا يعرفون بعضهم ولكن هناك تقارب في افكارهم؟ كيف اصبحوا اصدقاءك برغم اختلاف التناول للامور؟
هذه الاسئلة قد تكون راودتك كما راودتني ، اوقفتك كما اوقفتني. ولكن هل ارقتك كما ارقتني؟
ارقتني الى الدرجة التي جعلت ايامي تنقلب راسا على عقب محاولا تغيير خريطة الفكر لدي لتصحيح امور لم اكن اعهدها من قبل. ارقتني الى الدرجة التي دفعتني الى ان اتنحى من المشهد حتى لا افقد جزء من اصدقائي. ارقتني حتى لا اطرد بعضهم من صفحات مواقع الدردشة التي تعج بسماجة بعض تحليلاتهم. ارقتني لانها كشفت لي ان اتقبل الاخر وانه لامر مرير في بعض الاحيان. ارقتني لان احساس الوحدة الذي لازمني منذ ان ابتعدت عنهم قليلا اصبح ثقيلا. ارقتني لانها اصبحت محور اهتمام عقلي في الايام الاخيرة ولم يعد ما كان كما كان.
ولو انني كنت آخذ الامور على علاتها لهدأت النفس ولم يكن لها من الارق نصيبا . ولكنه العقل الذي لطالما شغلنا بالبحث عن الحق والعدل والكرامة والحرية هو ما دفعني الى محاولة تبين العامل المشترك بين اصدقائي المحبين للاخوان. وبعد طول بحث واستقصاء لكلماتهم ومعانيهم وتحليلاتهم ، وجدت ان هناك عامل مشترك قد يكون هو السبب الاساسي بينهم ولا اعرف ان كنت قد اصبت في الوصول اليه ام لا. ولكن هذا ما توصلت اليه خلال هذه المدة من التفكير المميت.
العامل المشترك بينهم هو انهم لا يقرأون!! هكذا ببساطة. فمن خلال معايشتي لبعضهم وجدت انهم لا يقيمون للكتاب وزنا ولا يفتحون للعقل سبلا. حتى ان احدهم ذات مرة تهكم عندما علم انني لازلت مهتما بالكتابة وبالكتب. وبرغم ان اصدقائي لا يوجد بينهم جاهل او غير متعلم وكلهم تقريبا من حملة المؤهلات العليا ومعظمهم يشغلون مناصب جيدة الا انهم فعلا لا يقرأون الكتب. لا يقرأون الا في مجال تخصصهم في بعض الاحيان. هم يكتفون بما حصلوا عليه من العلم الاكاديمي ولا يوجد لديهم العزم للمعرفة والقراءة المنفتحة. حتى ان معظم مناقشتهم لا تخرج عن النمط العام للحديث من حيث المعيشة والماكل والمشرب والمصيف وهكذا. لم يشغل بالهم حادثة او فاجعة في يوم من الايام. لم يتقصوا حادثة وقعت وتتبعوا اخبارها. لم يسعوا الى كتاب يرفع من مستوى ثقافتهم العامة. ولم يكونوا مهتمين للسياسة في يوم من الايام. ولم يشغل بالهم مستقبل مصر طالما لا يؤثر على حياتهم الاقتصادية. انهم قطاع من المتعلمين الذين يشكلون عصب المجتمع والذي تقوم عليه اعمدة الدولة. ولكن بكل اسف هم يقيدون مصر بعقلياتهم لانهم تعودوا على ان لا يخرجوا عن الاطار المرسوم. انهم جزء من معول هدم البلد بما جبلوا عليه من نمطية. ولا يمكن ان تتقدم اي دولة بعقول نمطية لا تستطيع ان تحدد الحقيقي من المزيف ولا تستطيع ان تنتج جديدا لانها لا تملك مفاتيح الخيال . وهل هناك تقدم بدون خيال؟؟!!
انهم جزء من المجتمع النمطي الناجح الذي يشكل غالبية المتعلمين في مصر. هم من تخرجوا على ايدي مدرسين نمطيين ودرسوا في كتب نمطية. انهم لا يساهمون باي دور فعليا سواء على المستوى الداخلي او الخارجي. هم غير فاعلين بالمرة طالما لم يقترب الامر من محافظهم المالية. يذهبون الى العمل بكل همة ، ويصلون الفروض الخمس وليس عليهم اي شبهة كسل او تراخي. يقتنعون تماما انهم من صفوة المجتمع لان الصورة تبدو كذلك. فكيف لا يدلون برأيهم فيما يجري من احداث الان؟ هكذا يقولون لانفسهم. وبالتالي فعلينا ان نسمعهم ونعلق على احاديثهم ونتقبلها لاحترامنا الاخر. يمارسون الديموقراطية كما تقول النظريات . ولكنهم للاسف لا يعرفون ان تشدقهم بهذا الكلام لا يضفي عليهم اي اهمية، ولايعطيهم الحق في افساد الحياة بنمطيتهم. فلن تقوم مصر بهم لان الحياة والتجربة اثبتت انهم ناجحين في مناصبهم ولكن غير قادرين على جر سفينة الوطن الى بر الامان. فسفينة الوطن تحتاج عقول لا تنظر من ثقب الباب الذي ينظرون منه. انما تحتاج الى عقول تنظر من نافذة الحياة لتعرف مواطن الضعف والعلة في الوطن لتعالجه. انت لك الحق يا صديق ان تقول ما تشاء ولكن لنا الحق في رفض ما تقول. لان الديموقراطية التي تتمرغ فيها الان تعطينا الحق ايضا في الرد عليك بكل عنف . بل اكثر من ذلك ، تعطينا الحق في قذف كل ما تقول في مزبلة المطبخ وغلق صفحة الشات على صباعك.!!!!
تعليقات
إرسال تعليق