حنانيك أفيخاي
كنت غائبا عن مصر
عندما اندلعت الثورة في يناير من العام 2011 . ولكن لم اكن بعيدا عما يجري في
الشارع المصري مثل كل المصريين في ذلك الوقت. وكان قلقي الكبير يزداد يوميا على
اهلي واقاربي كلما سمعت عن هروب المساجين واطلاق البلطجية في الشوارع وغياب الامن
. حتى ان بعض اصدقائي في الغربة اسرع بشراء تذكرة للعودة الى مصر لكي يكون بجانب
اهله وبيته. وكانت الاحداث المتسارعة لاتجعلنا ننام وتبقينا متيقظين ومنتبهين لكل
حدث. ولم تنقطع الاتصالات طيلة هذه الفترة للاطمئنان على ذوينا. الى ان بدأ الهدوء
يعود الى مصر فعاد كل منا الى طبيعته.
هذه الايام تمر
علينا ثقيلة ايضا بسبب الحرب الدائرة بين اسرائيل وحركة حماس. والكل ينادي بوقف
هذه الحرب فورا حفاظا على ارواح ابناء الغزة من النساء والاطفال. وتعلو صرخات
البعض من اجل فتح المعابر لعلاج المصابين ونقل المواد الغذائية اليهم ومساعدتهم في
محنتهم. وتطالب الدول والمنظمات الدولية بوقف هذا العدوان السافر الذي تقوم به
اسرائيل ضد شعب غزة الاعزل. ومع ان اسرائيل وافقت على وقف هذه الحرب بناء على طلب
مصري الا ان حماس لم توافق على هذه الهدنة ودفعت عجلة الحرب للدوران.
ما يهمنا مما فات
هو صورة نقل الاحداث للاعلام. ومع انني لا
اتابع القنوات الفضائية كلها الا انني كنت منتبه للمسئول الاعلامي في الجيش
الاسرائيلي الا وهو أفيخاي ادرعي. فالكل يعرفه بسبب انتشاره في وسائل الاعلام
المختلفة بالاضافة الى انه متمكن من الحديث باللغة العربية والتي جعلت الجميع يدخل
معه في محاورات وجدال واحيانا سب وقذف على مواقع التواصل الاجتماعي.
هذا الافيخاي لديه
منظومة اعلامية تساعده . وهي ان ركزنا فيها نجدها منظومة متكاملة على اعلى مستوى
من الحرفية والتقنية. تاتيك صور الاحداث الجارية اولا باول . ناهيك عن مشاهد
الصواريخ وهي تصيب اهدافها بدقة. وصور لبعض الانفاق التي تستخدمها حركة حماس وهي
مهدمة بعد ان ضربت بالقنابل والصواريخ.
فاذا استبعدنا
شخصية افيخاي عن الموضوع ، فلنا ان نعترف بصدق المشاهد التي ينقلها . فهي مصورة
بكاميرات فيديو عالية الجودة وبالتالي لا يمكن التشكيك فيها او الزعم بانها محرفة.
هو يستخدم كل مالديه للوصول لنقطة مهمة
الا وهي ، ان على العرب ان يؤمنوا بان اسرائيل دولة لا تقهر بالاضافة انها
دولة لا تريد هلاك العرب ولكنها فقط تريد ان تعيش في سلام وامان بدون تهديد من اي
جهة.
الا ان العرب
جميعا لا تريد ان تستمع اليه بحكم انها تربت على عدم الانصات . فهي ما ان تشاهده
حتى تكيل له السباب من كل ناحية . وتستخدم في سبيل ذلك كافة اشكال الشتم والقذف
والتشكيك . ونحن نتفهم الشعور العام لما يحدث ، انما لا ينبغي ابدا ان نتغافل عن
قراءة عدوك. لا يجب ابدا ان نبتعد عن العدو لمجرد انه يهيننا او يضربنا. فكيف لنا
ان نغلبه ان كنا لا نعرف مكامن ضعفه؟ كيف لا نتعلم من العدو ونفعل كما يفعل ولو
تعلم لغته على الاقل؟؟ الا يكفينا جهلا وتجاهلا بما يدور حولنا؟
ولكن ، هل هذا ما
نود طرحه فقط ؟؟ لا..
انما ما نريد قوله
هو ان العرب اجمعين ليس لديهم القدرة على النقاش المفتوح والعلمي. ليس لديهم
القدرة على اختراق الاخر ومعرفة ما يدور بداخله . ليس لديهم القدرة على الفكر الحر
والتطلع الى عالم المعرفة . ليس لديهم لغة محترمة للحوار . ليس لديهم اسلوب منطقي
للاقناع .
كل ما لديهم عبارة
عن جمل وسطور من الاهانات . شتائم قذرة بالاب والام . نفعلها كلنا احيانا بدون
ادراك ان الحوار لا يمكن ان يدور هكذا. يجب ان ننصت للاخر حتى نعرفه ونقرأه . حتى
لا يمل منا فيضربنا بدون تردد لانه ايقن اننا قوم لا نفقه شيئا مما يقول. فيصبح
المدفع والقنبلة هي طريقة التعامل مع العرب كما يحدث الان.
الادهى والامر ،
ان قذائف السب لا تنتهي وهو متماسك لابعد حد . حتى اني ظننت انه يتلذذ بما يشاهده
ويسمعه . يخرج علينا لكي يزيد قلوبنا حنقا وكراهة له .
سؤال اود ان اوجهه
لكل من يبكي غزة ، لماذا لا تذهب اليها وتنجدها بدل ان تبكيها وانت في بلاد الغرب
منعما ؟؟ لماذا يشعل الفلسطنيين الغرب نارا بسبب مظاهراتهم ويلقون باللوم على مصر
لانها لا تفتح المعبر لهم؟؟ هل منعكم احد من الدخول لغزة ؟؟
على كل من يرغب
للدفاع عن غزة فأفعل كما فعل غالبية المصريين ايام الثورة . اذهب الى غزة ودافع عن
بيتك واهلك ولا تنادي على قريب او بعيد لينجدك . ولا تتاجر بقضية غزة حتى تمتلئ
جيوبك بالمال . ولا تناور المصريين لانهم ادركوا معدنك جيدا . واذا كان هناك سبيل
لمساعدتك ، فانه بقدر ما نستطيع ونملك.
وقبل ان اختم احب
ان اوجه رسالة للشتامين لافيخاي ....
لا يجب ابدا ان
تشتم انسان لمجرد ان تصبح من جوقة المنافحين عن غزة ، ولا يجب ابدا ان تخوض مع
الخائضين لكي تظهر بانك الشجاع الذي يذب عن الاسلام . وكن عاقلا وافهم ما يدور
حولك وبعد ان تتضح الصورة افعل ما يحلو لك . ولكن دائما وابدا ضع عقلك امام لسانك
وليس العكس.
حنانيك افيخاي
تعليقات
إرسال تعليق