نصر غزة
تتوالى الاخبار من بعض ابواق حركة حماس بانهم انتصروا في حربهم على اسرائيل . ويكيلون الاتهامات على كل من حاول ان يفهم ما معنى هذا الانتصار الذي يقصدون . ويشككون في كل رد عقلاني بان ما حدث هو متاجرة بارواح الابرياء الذين لا ناقة لهم ولا جمل في هذه الحرب. قامت هذه الحرب على حين غرة عندما خطفت حركة حماس ثلاثة شبان اسرائيليين ، فما كان من اسرائيل الا ان ردت الصاع صاعين ودمرت نصف غزة تقريبا بحجة هدم الانفاق التي تنطلق منها صواريخ حماس. رحم الله اهل غزة واعانهم على كل من خانهم.
ولا زلنا في محاولة فهم ماذا يقصد قادة حماس بانهم انتصروا ؟ هل لان اسرائيل لم تقضي على كل سكان غزة ؟ ام لانها لم تستطع اصطياد رؤوس حركة حماس ؟ ماذا استفاد القطاع من هذه الحرب حتى نطلق عليه انتصار؟
حاولت خلال الايام السابقة محاولة استفهام المقصد بناء على تحليل العقلية الحمساوية . وخرجت منها بان هؤلاء القوم بما لهم من فكر ايديولوجي يقوم على فكرة الخلافة الاسلامية . لا يرون حجم الضرر الواقع لان تاريخهم وفكرهم وكتبهم لا تقول الا ذلك . الفكر الاسلامي لا يعترف بالهزيمة حتى ولو مات كل المسلمين . هذا الفكر يقدم الصورة النمطية في اي حرب وهي اما النصر او الشهادة . ولم يكن في قاموسه كلمة الهزيمة او الفر او الاستسلام . لذلك لا نجد في التاريخ الاسلامي الا الانتصارات المزعومة . ولم يكن ابدا يحوي كلمة الهزيمة حتى في اشد الحروب التي ذاق فيها المسلمين اشد انواع العذاب. هم يعتقدون ان الله لا يمكن ان يخذلهم برغم ان الله خذل رسوله ذات نفسه في غزوة حنين . عندما فرح المسلمين بكثرتهم يومها ولكنها لم تغن عنهم شيئا وضاقت عليهم الارض بما رحبت . هم لا يقتنعون بان الهزيمة يمكن ان تطالهم وبالتالي فكل من مات هو شهيد وعلى اسرته وبنوه ان يزفوه الى مرقده الاخير. ولا يجب ابدا ان يشتكي احدا منهم ولا يجب ان يبكوه مهما كان قتله هدرا.
الانسان في هذه العقلية ليس له قيمة . افرغوه من محتواه وانزلوه مقام لا وجود له عند الله . هذا الانسان الذي اعطاه الله ما لم يعط احد من العالمين وهي الامانة ، هذا الانسان الذي كرمه الله وخلقه فاحسن تصويره ، لم يعد له قيمة في عقلية حماس ومن والاهم من الاخوان المسلمين وكل الحركات الارهابية . وكأن الانسان خلق لكي يموت بفعل فاعل ولا يجب ان يهنأ بالدنيا ابدا حتى ولو احل الله له فيها ما احل .
هذه العقلية لن يخرج منها الا كل مشاهد القتل والغدر والخسة لانها تؤمن بان كل افعالها مدعومة من الله ، وكيف لا وهم يطبقون شره الله حسب مفهومهم. ولكن السؤال الصعب الذي يطل برأسه من ان الى اخر ، هل فعلا هذا هو شرع الله؟ هل هذه هي الحياة التي ارادها الله للعباد؟ هل هذه هي الدنيا ؟
واذا خرج علينا متنطع وقال ان الخطأ فيما فعلته حماس هو خطأ في التطبيق ، فلنا ان نرد عليه بان كل ما تنفذه حماس موجود مثله في النظرية حتى ان كبار الصحابة من امثال خالد بن الوليد له قصة مشهورة مع مالك بن نويرة لن نسردها . هذه القصة تبين ان النظرية من الاساس بها مساؤي رهيبة وثغرات قاتلة ينفذ منها امثال حماس والارهابيين لتحليل كل افعالهم وتجميل كل كلماتهم . وبالتالي فانهم لا يرون العيب في النظرية . ابدا !!
وكل من يطلع على مشاهد القتل التي تاتينا من العراق ، يتاكد بان هؤلاء القوم اما بدون قلب او متخلفين عقليا ، والحقيقة ان كل تصرفاتهم انما يوجد مثلها في كتب التاريخ الاسلامي . حتى ان احد ابناء الدولة العباسية قام بما لم يقم به احد من العالمين في ابناء الدولة الاموية الزائلة . فالامر لا يعدو الا تكرار مشاهد واجترار افعال حدثت من كبار خلفائهم الراشدين وبالتالي فلا لوم عليهم ولا هم يحزنون.
هذه الورطة تدفعنا الى التساؤل ، الى متى يمكن ان تستمر هذه المشاهد وهذه الافعال وهذه العقلية . اعتقد والعلم لله ، ان هذه المشاهد ستستمر طالما هناك الوقود الذي يؤججها . طالما هذه الكتب موجودة ويؤمن بها هؤلاء القوم الظالمين . هذه الكتب التي لا تخفي او تخجل من ذكر تصرفات يخجل حتى الحيوان عن فعلها .
والنتيجة المباشرة لما تفعله حماس هو الخراب لا محالة لاهل غزة . فان تكلم احد اتهموه بالخيانة والصهينة وان حاول احد شرح وجهة نظر اتهموه بالكذب . هم لا يصدقون ان حكم الله الذي يعتقدونه خطأ . لا يتصورون ان ما تعلموه ودرسوه في هذه الكتب يمكن ان يكون على خطأ ، بل هو الخطأ بذاته .
الخطأ في النظرية وليس في التطبيق . الخطأ في هذه الكتب التي انزلت الانسان من انسان الى حيوان . هذه الكتب التي ايدت وابدت فكرة الخلافة وفكرة البيعة وفكرة حكم الله. هذه الكتب التي استباحت دم الانسان مهما ان كانت عقيدته . هذه الكتب التي مات بسببها من المسلمين اضعاف ما مات من اهل الديانات الاخرى . هذه الكتب التي لا تقدم الا فكر الخراب والقتل والتقتيل والنكاح ورضاع الكبير وثدي المرأة وفرجها. هذه الكتب التي دمرت عقول الكثير وجعلتهم لا يفقهون حقيقة ان الانسان هو خليفة الله على ارضه . هذه الكتب التي استباحت الدماء برغم عدم وجود اي داعي لذلك . هذه الكتب التي حرمت علينا الدنيا وجعلتها اضيق من سم الخياط .
استيقظوا اثابكم الله ، استيقظوا قبل ان نجد انفسنا رهينة تباع وتشترى في يد من لا يرحم . لان هذا الفكر لن يؤدي الا الى خراب ديار الاسلام ويجعلها لقمة سائغة في يد اي محتل ولكم فيما يحدث في العراق عبرة يا اولي الالباب.
تعليقات
إرسال تعليق