زفرات ساخنة
أصوات زفراتها كأنها هدير بركان يكاد ينفجر فيطيح بما تبقى من كياني. كلامها المعسول يذيب الصخر فتتبخر كل نفس وإنسان. همساتها تخترق حاجز النفس البشرية فتغوص في اعماق وجداني محركة كل الانفعالات الكامنة الراكدة لتهزها كما تهز الرياح امواج البحر. كنت واقفا على الشاطئ أرقب الاصداف المتلالئة وهي تتقلب تحت الامواج ، فأقتربت مني تتمايل بجسدها الأخاذ ، لم تبادر بالكلام ولكن البسمة ظلت تعلو وجهها مشرقة ، تلوح بها في الافاق. لم أكن اتمنى ان ارى منها الا تلكم البسمة، ولكنها اعطتني ما يفوق طاقة أي انسان. فقالت لي أفتح يديك ، فمددتها وانا لا ادري احلم ذلك ام علم. وما ان رفعت يدي حتى سكبت فيهما سائل مثل العسل يكاد لونه يضيئ ولو لم تمسسه نار. فأخذتني صاعقة وارتجف كياني وانفتح امامي باب مسحورا . لم اشعر بنفسي الا وانا اعبر الباب كان شيئا يجذبني اليه. وما ان تخطيت عتبة الباب حتى رايت ظلالا تتغير الوانها باستمرار وتتذبذب بين الاحمر والقاني . واشجارا تحمل فراشات كأنها قبس من نور. وقبل ان امد يدي لامسك احدى هذه الفراشات أتاني صوتها ثانية لتدعوني لادخل الى مخدعها. فركضت خلفها ولم ادري هل انا في دنيا الواقع ام الخيال. سحبتني الى مضجعها وانا لا ابدي اي مقاومة حتى ارتقينا عنان السماء. لم ادر ماذا حدث ولكن تأوهات صارخة بدأت تهز اركان المكان، لم استطع رفع جفناي وكأن الليل أسدل استاره عليهما. عبير نهديها اوقعاني صريعا في حضنها ، ورحيق شفتيها جعلاني اموت في حبها. ظلت تعلو وتهبط وندور سويا ، فتخرج اصواتنا صريرا يصطك ببعضه حتى اصبحنا جسدا واحدا لا يفترق ابدا. الى ان اتت اللحظة التي تنشق لها الافاق ويتوقف عندها الزمن ، وانفجر البركان مخرجا بحممه الى فوق السحاب وانهارت كل جوانبه من حرارة سوائله.
لم ادر كم مر من الوقت ولم تبقى لدي القوة على
النهوض ، فنمت في مكاني بين احضانها لم تفارق يديها جوانبي. عانقتها بقوة واقتربت
منها حتى كادت انفاسنا تلفح وجهينا. لم نتكلم وتركنا مشاعرنا تتحدث نيابة عنا
وجعلنا الحب عنوان تراسلنا والعشق ترياق مواجعنا. فانهارت بيننا المسافات ولم نعد
الا قلب واحدا بعد ان كنا قلبين، وتداخلت بيننا الأنات والاهات ، وأكلنا وشربنا من
الانهار والجنات، وأصبحت دنيانا سماع أهة وزفرات. وغدونا نبتسم حينا وتلتصق شفتانا
حينا فلا انا استطيع الفواق من رعشة الحب ولا هي تستطيع مقاومة لهيب القلب.
وسألت نفسي
بعد ان ادركتها ، هل يبقى العشق الى الابد ام تمحيه فواعل الظروف؟ هل ينمو الحب
فلا تكفيه مخارج الحروف؟ لم اعد استطيع الاجابة .
تعليقات
إرسال تعليق