بركات فلسفية
في احدى ليالي الشتاء الباردة ، قامت من النوم لتصلي ركعتين بعد ان ايقظها كابوس كادت ان تختنق منه وهي نائمة. توضأت ثم ارتدت اسدال الصلاة الذي اشترته مؤخرا لكي تكتمل طقوس الصلاة. وبعد ان انتهت من الطقوس ، اقتربت من المصحف الموضوع على المكتبة ثم ازاحت بعض الغبار من عليه وهمت بالقراءة بصوت تملأه الهمهمات. ظلت على هذه الحالة قرابة النصف ساعة الى ان هدأت نفسها ثم عادت ادراجها الى السرير حتى تستطيع القيام بالصباح وتذهب الى العمل. وضعت رأسها على الوسادة واغمضت عينيها ونااااااااامت.
رن جرس
الهاتف المضبوط على الساعة السابعة صباحا في ذاك اليوم. فقامت من النوم بعد ان
استطاعت ان تتغلب على شعور قلة النوم الذي كانت تعانيه. فاتجهت صوب الحمام وغسلت
وجهها وتوضأت ثانية لكي تصلي ركعتين قبل النزول. وبعد ان اكملت مشهد الصلاة ذهبت
الى المطبخ سريعا لتحضير كوبين من الشاي لاطفالها الصغار وقامت بعمل ساندويتشين من
المربى واعطتهما لاولادها الذاهبين الى المدارس.
تنزل مسرعة
على درجات السلم حتى تلحق الحافلة التي تقلها الى عملها. وتصعد درجات سلمها وتجلس
بالقرب من احدى زميلاتها في العمل. وما ان ينتهي الحديث بينهما حتى يجدا انفسهما
امام باب الشركة. فتقوما لكي ياخذا مكانهما في دولاب العمل. وبعد قليل من الاحداث
الرتيبة، تجد ان الوقت قد حان لصلاة الظهر. فتقوم لتتوضأ وتصلي وتعود من حيث اتت.
وبعد يوم من
العمل الشاق ، تعود الى البيت في الساعة الرابعة عصرا . فتدخل الى الحمام لكي
تتوضأ وتصلي العصر. ثم تذهب الى المطبخ لتعد وجبة من اللامعلوم للاطفالها ولا بأس
من زيادة حجم الوجبة لتكفي زوجها ايضا. وبعد ان تنتهي من اعداد الوجبة تتذكر انها
نسيت ان تضع ملح فيها بعد ان نسيت ان تضع ثوم. ثم يدب الخلاف المعتاد بينها وبين
زوجها والذي لا تخرج منه ابدا بنتيجة ...لتتكرر الماسأة.
ومن خلال
ميكروفون كبير معلق بالقرب من منزلها ، يدوي صوت اذان المغرب معلنا ميلاد غروب
اخر. فتجري الى الحمام لكي تتقن ما تفعله من صلاة. ويسعل الطفل الصغير من اثار داء
البرد الذي اصابه مؤخرا وترتفع درجة حرارة الطفل الاخر من رد فعل ميكروب دخل معدته
من طعام سيئ. وبعد ان اكملت مشهد الصلاة ، تقوم لتحضر بعض الادوية لتعطيها
لاطفالها لتخفف عنهم الم المرض. فتقترب من الدولاب الذي يحوي الاف الاصناف
والانواع والتي تجمعت على مرور الزمن ولم تنتهي صلاحيتها بعد. ثم لا تلبث ان تنتقي
نوعين من الدواء ، خافضا للحرارة ومسكن للالم. فيتجرع الصغار مرارة الاهمال
ويصيروا اشباح من كثرة ارتداء الاسدال.
وبعد صلاة
العشاء بكل حذافيرها، يقترب منها الزوج محاولا نفخ الروح فيها. ولكن كل محاولاته
تذهب سدى ، فما يكاد الزوج ينفخ فيها حتى تضطرب الروح وتخرج منها. وكأن هذا الجسد
لا تسكنه الروح ابدا فمات قبل ان يدركه الموات.
وبعد مرور
سنين على هذه الحالة وبعد ان اقتنع الطرفين بالمقسوم ، قام الزوج ومد يده وامسك
المصحف الذي كانت تركته للتو. ثم فتح نفس الصفحة من المصحف واعاد قراءة ما كانت
تقرأه. وقبل ان يقلب الصفحة سألها عن ماذا تتحدث الصفحة التي كانت تقرأها من
المصحف.؟
بهت الزوج
عندما وجدها ترددت ولم تستطع الاجابة. فأعاد السؤال على مسامعها علها لم تفهم
المقصود. ولكنه بهت ثانية عندما ادرك باليقين انها تتمتم وتنرنم وترتل ولكنها لم
تعي ولا مرة واحدة ما تقرأه. فادرك بالدليل القاطع ان الاهمال لايمكن ان يجتمع في
خصلة واحدة في الانسان دون الاخرى. وما مظاهر التقوى لدى الانسان الا قناع يستحضر
به الهالة الايمانية والارواح العلوية والسفلية ويدعي من خلال ذلك التقوى. ولم
يدرك هذا الانسان ان الله لا يقبل ايمان منقوص. فتصوير التقوى بشكل من الاشكال لا
يجعلها راجحة في ميزان حسناتك. واهمال العمل بداعي الصلاة لايمكن ان يتقبله الله. ومهما
فعل الانسان من مظاهر ايمانية فلن يرفعه هذا الشكل الى مستوى الصالحين . ولكن
الانسان لم يدرك بعد شكل الايمان بالله فنسي نفسه ونسى من حواليه وانطبقت عليه
الاية التي تقول " ولا تكونوا كالذين نسوا الله فانساهم انفسهم اولئك هم
الفاسقون ".
تعليقات
إرسال تعليق