مرسي بين مطرقة الاخوان وسندان الشعب
عندما ذكر حسن البنا الاب الشرعي لجماعة الاخوان المسلمين في كتابه الدعوة والداعية ، بان الاخوان لكي يقيموا دولتهم عليهم ان يكافحوا ثلاثين عاما ، ويحاربوا ثلاثين عاما ، لينتصروا في الثلاثين الاخيرة لم يكن يخرف فيما يقول فها هو قد تحقق حلمهم في الانتصار والفوز بالرئاسة المصرية بعد معاناة قد طالت لعقود. وهم بعد ان استأثروا بالحكم فلن يتركوه ابدا مهما كانت اقوالهم بانهم مع الحرية والعدالة والديموقراطية ومهما اقنعوا البعض بان الدستور سيكون بمثابة طوق النجاة للشرعية والديموقراطية وحفظا من كل شيطان مارد. ولا يخفى على البعض انهم قد خدعوا جزءا كبيرا من الشعب بكلامهم المعسول واقوالهم الرنانة في محاولة منهم لبث الطمأنينية في قلوب الجمع ، ولكن الاحداث السراع اتت بما لا يشتهي البعض فاصبحت مقولة ( اسمع كلامك اصدقك اشوف امورك استعجب ) لسان حال من كان يعتقد صدق النوايا في الاخوان ولم يزل الوقت يمر حتى ادرك من كان لديه ذرة من العقل انه خدع فيهم وانهم كاذبون على وزن حازمون!
فخداع
الاخوان لقطاع كبير من الشعب لا يجعلهم ممثلين شرعيين للسلطة او منافحين عن ضمير
ووجدان الشعب المصري. فهم بما جبلوا عليه من التلون والتخفي بسبب مطاردات السلطات
لهم سابقا جعلهم لا يدركون ان العمل في النور يختلف كلية عن العمل في الظلام.
وباتوا لا يتوانون عن الكذب والخديعة مظانة منهم انها تقية تحميهم من ضربات الزمان
وانقلاب الاوطان. واعتقدوا في ذات الوقت ان السياسة هي ما يفعلونه بما انها فن
الممكن على كل حال. وفات عليهم ان الشعوب لم تعد جاهلة كما كانت وان الاعلام الذي
يحاولون السيطرة عليه خارج عن نطاق السيطرة. فالتكنولوجيا الحالية لم تعد في يد
شخص يتحكم فيها كما اراد ولكنها اصبحت مفتوحة على مصراعيها ترحب بالجميع دون
استثناء. فكبسة زر على لوحة كمبيوتر او هاتف خلوي تنتقل في نفس الوقت بسرعة الضوء
الى اي مكان في العالم. حتى ان هناك من وسائل الاتصال ما هو خارج عن نطاق سيطرة
الدول ذات الدخل المحدود مثل بلدنا. فالاقمار الصناعية الدوارة حول الارض تنقل
اشارات بث كل ثانية يفوق عددها عدد المجرات الموجودة في الكون. فكيف يتحكم الخلفاء
البائسون في كل هذه التكنولوجيا؟
وثورة الشعب
المصري لن تنطفئ ابدا مهما حاولوا ان يدمروها ، لانها بكل بساطة حية نابضة لم تخمد
بعد ولن تهدأ حتى يلقى كل مجرم اذاق هذا الشعب الذل والهوان مصيره المحتوم. وستبيدهم
عن بكرة ابيهم سواء عاجلا ام اجلا والحق
سيقول كلمته في النهاية وسيذهب المبلسون لجهنم وبئس المصير.
الامر المفزع
ان الاخوان يستغلون الدين كما فعل من سبقهم ، ولكنهم لم يفطنوا الى ان استغلال
الدين في لعبة السياسة له من العواقب ما لا تحمد عقباه. فيمكن لك القتل باسم الدين
كما فعل معاوية مع علي في موقعة صفين. ويمكن لك السرقة باسم الدين كما فعلت
الجماعات الجهادية في الصعيد من نهب وسرقة لمحلات الذهب في عهد المخلوع. ويمكن لك
القتل باسم الدين كما فعلت ايضا الجماعات التكفيرية في حادثة الاقصر وقتل فيها من
قتل. ويمكن لك الزنا باسم الدين كما يفعل الشيعة في زواج المتعة او السنة في زواج
المسيار. ويتحول اختلاف الراي من وجهة نظر المتشددين الى مناهضة لكتاب الله وسنة
رسوله كما يحدث الان. ويقتل المسلم اخاه المسلم بالرغم من حرمة الدم الا بالحق.
وتطفو ايات القتال على السطح وتختفي ايات الرحمة . ويتناسى الجميع اننا مجتمع موحد
بالله ولم نكن كفرة او مشركين. فكيف لك ترفع كتاب الله في وجهي وانا حافظه ودارسه
اكثر منك؟؟؟
اسوأ وابشع
وافظع ما في الامر هو ان يصبح الحاكم اداة في يد جماعة تتحكم فيه وتسول له الامور
كما تراها . فان جاءت البشرى على هواها، ادنتها وتقبلتها واعظمتها . وان جاءت بما
لا تشتهيها ، حقرتها وارذلتها وعذبت من اطلقها. وتزين تلك الجماعة للرئيس الافعال
والاقوال وتبعد عنه المصايب والاهوال . فيصير القتيل على باب القصر جاني ، ويبات الفقير على صرح البؤس باني. ويغدو الكذب
صدق والقتل حق والموت عدل والعيش ذل. وبعد ان جاء الرئيس على اكتاف الناس ، يتركهم
ويصعد على اكتاف جماعته التي تحميه. فينعزل اكثر فاكثر ولا يرى بعد مرور الايام
الا ما ينقل اليه من منظار جماعته .
ولكي ندرك ان
مظاهر تقوى الانسان لا تدل ابدا على مقدار رحمته ، يجب علينا ان نفكر بعمق وان
نتخيل شكل الرئيس عندما نقل له البعض ( او شاهد بنفسه ماذا يحدث على شاشات
التليفزيون ) ان هناك مذبحة تدور رحاها
خارج اسوار القصر. فاول سؤال سوف يتبادر الى ذهن اي انسان ، هو ما السبب لهذه
المذبحة. فاذا كانت الاجابة بان المعارضين يذبحون المؤيدين لوجب على الرئيس حينها
كرد فعل طبيعي لحماية مؤيديه ان يصدر قرار بتحرك قوات الامن للسيطرة على الموقف
والقبض على مسيري الشغب والعنف. اما اذا كانت الاجابة بان المؤيدين يذبحون
المعارضين ، فنحن امام موقفين لا ثالث لهما. اولهما ، اما ان يترك الرئيس المذبحة
تدور (كما حدث) بدون اي اشارة لقوات الامن للفصل بين الجانبين ويكون الامر له
موافقة ضمنية لما يحدث وتصبح عندها تقواه التي يدعيها ما هي الا مظاهر نفاق وكذب
ولا يوجد في قلبه مثقال ذرة من رحمة. وثانيهما ان يأمر قوات الامن بالنزول حقنا
للدماء وحفاظا على الارواح ( وهذا لم يحدث ) واظهارا لمقدار من الرحمة يحمله
القلب. ولكن الرئيس للاسف الشديد ظهر منه
ما نكرهه ولعل الله قد اظهر لنا ما يخفيه حتى يبين لنا ما يبديه.
واخيرا وليس
اخرا ، فالرئيس بهذه الافعال قد دق اول مسمار في نعش شرعيته واوقع نفسه بين مطرقة
جماعته وسندان الشعب ، فبتسليمه مقادير الامور لجماعته انقص من شعبيته وقدره من
قبل حتى ان يحكم ، لانه فقد جزءا كبيرا من شخصيته واصبح كالتي نقضت غزلها من بعد
قوة انكاثا. واصبح لزاما عليه ان يبرر افعال قد يرفضها هو نفسه ولكنها تحمل قوة
الجماعة التي جاءت به ووضعته على كرسي الحكم ، مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد اليهم
طرفهم وأفئدتهم هواء. ومن الناحية الاخرى ، فالشعب لن يرضى برئيس إمعة لا يستطيع
حكم جماعة فكيف له ان يحكم شعب. وكل النظريات العلمية والدراسات والتجارب الحياتية
تؤكد مائة بالمائة ان القائد لابد له من شخصية قوية ومقدار من الفطنة والحكمة والا
اكله الاقربون قبل ان ياكله الابعدون. وحتى لو لم يأكله احد ، فهو اول ضحية ستقع
عندما ياتي الطوفان ولن يسمي عليه احد من قريب او بعيد وسيتنصل منه اخوانه قبل
اعمامه ويصبح كبش الفداء الوحيد لاول مذبحة وانا لنظنها قريبة جدا.
واقول للشعب
المصري اصبروا وصابروا ورابطوا ، وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم.
تعليقات
إرسال تعليق