انتهى الدرس يا غبي
في احدى قاعات الدراسة ، وقف المحاضر يشرح لنا مواضيع المادة العلمية بكل حماس واستفاضة. ولم يترك صغيرة ولا كبيرة الا اعطانا نبذة عنها. وكان بحكم عمله السابق في احدى مؤسسات الدولة يملك القدرة على اللف والدوران. وبالرغم من اهمية الموضوع الا اننا كنا نتململ في الجلوس. فقد كان الجميع يريد انهاء الموضوع وكفى الله المؤمنين شر القتال. وكان الدافع الوحيد لهذه الدراسة ، هو انها الزامية لاستخراج احدى الشهادات المطلوبة في العمل. وهذه الشهادة قد فرضت مؤخرا من جانب احدى الهيئات الدولية والخاصة بموضوع السلامة والامن. لذلك فقد كان لزاما على الجميع ان يتقبل ما يلقى اليهم بكل اذعان ورضا. وبالرغم من نوم البعض اثناء المحاضرة الا انه كان هناك البعض الاخر يحاول الاستيعاب والفهم علهم يجنون معلومة تفيدهم فيما هم مقبلين عليه. وبينما ان بين مصغ وسرحان ، لفت نظري الوهم بين النظرية والواقع. فنحن لا ننفك ندرس اي شئ وكل شئ ومع ذلك لا نجد بيننا زويل او هيزنبرج. فقلت لنفسي السؤال المعتاد ، كيف يحدث هذا. فكان الجواب كما سترى لاحقا ...
استوقفت المحاضر وقلت له ، ما تقوله صحيح ولكن في الحياة العملية هناك جوانب كثيرة لا توضع في الاعتبار مما تقول. وكان الرد منه بمثابة القنبلة الموقوتة. اذ قال لي ، نعم هذا صحيح ولكن بما انني محاضر، فانا مطالب مني بان اعطيكم المادة العلمية كما هي وليس مطلوب مني اكثر من ذلك. فسواء شاهدتم ما اقول في حياتكم العملية او لم تشاهدوه فالامر عندئذ سيان. لاسيما اننا نحاول الركض خلف التقدم العلمي الذي يشهده الغرب ومع ذلك لا نستطيع.
فانتبهت لهذا الكلام ، وبدأ عقلي في اجراء المناظرات المعتادة ومحاولة تحليل الموقف. فخرجت بعد عناء بان الامر به مفارقة تكاد تنفطر لها القلوب. هذه المفارقة ، هي اننا لا ندرك اننا نتعلق ( بحبال الهوا الدايبة ) . بمعنى اكثر شمولية ، هو اننا ندرس فعلا كل شئ ونتعلم كل شئ ولكن ليس لدينا معمل لاجراء التجارب على ما تعلمناه. والمقصود بالمعمل ، هو انه ليس لدينا ما يتيح لنا ان نقدم ما تعلمناه. فانت في شركتك او مؤسستك او معهدك ، اذا اردت تطبيق ما تعلمته تصطدم بالمعوقات المعتادة. مثل عدم وجود المال الكافي او عدم الاهتمام . والاخطر من ذلك هو ان لدينا الرصيد الكافي من اللامبالاة. فنحن لا نستطيع ان نقدم جديدا اذا كانت مرتباتنا لا تكفي لقمة العيش ولسان الحال يقول ( على قد فلوسهم) . او ان لدينا مآسي انسانية في محيط العائلة او العمل. ولدينا صفات تدمير اغلبها الحقد والغل. فالمجتمع لا يمكن ان ينهض من كبوته الا بعد علاجه نفسيا واقناعه قبل ذلك بانه مريض نفسيا. وعلاج الدولة باقناعها بان العلم لا يمكن ان يكون فاعلا الا اذا تكاتف الجميع لانمائه. ولا يمكن ان يدرس العلم بمنطق ( اهي شهادة والسلام ). فكيف يفرض علي دراسة من اجل العمل وفي نفس الوقت لا أطبق ما ادرسه؟؟؟
ولكي اضرب مثلا للتوضيح ، نجد احيانا بعض الشركات تطلب ان يكون الموظف يتقن الرسم بالاتوكاد ، وعندما يلتحق بالعمل لا يجد لديهم برنامج الاتوكاد....
وابقى سلملي على الفراغ ثلاثي الابعاد..
تعليقات
إرسال تعليق