المبدأ المعطل ( سبب تخلف المسلمين )
لماذا تخلفت الامة الاسلامية؟ سؤال تم طرحه مئات المرات ونشرت عليه مئات الابحاث لمحاولة ايجاد اجابة شافية وافية لمواطن الخلل الذي دفع العرب الى التراجع والتخلف بين الامم. ومحاولة طرح حلول للخروج من المأزق الذي نحن فيه. وعلى الرغم من قيمة بعض هذه الابحاث ولكنها لم تستطع ان تضع يدها على سبب المشكلة الرئيسي وحادت عن الطريق قليلا. وهذه المقالة هي محاولة جديدة لتبيان السبب الرئيسي للمشكلة والحل الجذري لها بناء على المعطيات التي درسناها وفهمناها. ونحن انما نفعل ذلك لنقول القول الحق فيها ونتمنى من الجميع ان يوعوها حتى نمد يد العون لبعضنا وننهض بامتنا قبل ان ياتي يوم القيامة ونحن على هذا الحال فنكون مثل الذي لم يحصل على بلح الشام او عنب اليمن.
والذي وجدناه بعد البحث والتقصي ان سبب تخلف الامة الاسلامية هو طريقة التعاطي مع الفكر العقلي والذي نشأ منه المبدأ المعطل لطريقة تفكير سليمة. وسوف نورد في السطور التالية ما يبين ما نقوله.
العرب ، وما ادراك ما العرب . عندما ظهر الاسلام ، جاء وسط مجتمع بدوي جاف بطبعه مجبول على الصيد والقنص والفروسية والقوة. فكانت هذه النقطة الرئيسية في انتشار الاسلام في بداياته. فالغزو والحرب ما كانت الا ردة فعل طبيعي لمنهج فكري استقاه الاولون من القران لتبرير غزواتهم ضد الاخر. وكانت بعض ايات القران تعطيهم هذا الحق بما استنتجوه منها. وهم على هذا الامر لم يكونوا اهل فكر او نقد او تحليل. وقد اتخذوا امر الدعوة بالقوة ذريعة لما تعطيه ايات القران لهم من تدعيم. مع ان القران امر الرسول بالدعوة بالحسنى ولم يأمره برفع السلاح الا في وجه المعتدين سواء كان الاعتداء في السر – عن طريق الدسائس – او اعتداء جهري عن طريق الحرب. وعلى هذا فهم لم يفهموا النصوص الا بما يتوافق مع طبيعتهم الخشنة. فانتشر الاسلام في الدول بقوة السلاح في هذا الامر. فهم عندما كانوا يغزون الدول يخيرون ملوكها او حكامها بين ثلاثة ام الاسلام او الجزية او الحرب وعندما لا يجد الحكام بدا فانهم يحاربون. والذي ساعد على نصرة المسلمين الاوائل في الحروب هو ان القوة العسكرية للخصم لم تكن قد تطورت بعد. فالسيف والخيل والجمال كانت الوسيلة المتاحة في هذه الايام. والفيصل في الانتصار كان القوة العددية البشرية فقط ، لذلك فانتصار المسلمين اعتمد كليا على القوة البشرية والتلاحم بينهما. وبعد ان غزا المسلمين الاوائل الدول لم يدخل احد في الاسلام الا قليل ، وما سبب انتشاره بعدئذ الا بتزاوجهم مع اهل هذه الدول. وعقيدة الاسلام لا تحرم الزواج من نساء اهل الكتاب. فنشأت اجيال مسلمة بالوراثة وزاد عدد المسلمين في هذه الدول بعد اجيال متعاقبة. والغزاة لم يكونوا على دراية كاملة بالقران ولا بفكر الاسلام السلمي. واتخذوا اتجاه العنف في تعاملهم مع الغريب بداعي الكفر كما فهموا من نصوص القران.
وفي خلال اربعة قرون كانت الدول الاسلامية قد تشكلت على خريطة العالم بدأ من حدود فارس الى شبه الجزيرة الهندية وصولا الى المحيط الاطلنطي وحدود جزيرة ايبيريا. وانتشار الاسلام في هذه الدول كما نرى لم يكن ابدا انتشار فكريا بقدر انتشاره عسكريا. بمعنى انه لم يكن هناك طرح لفكرة الاسلام ومبادئه على هذه الدول اولا حتى يقتنع به الناس ثم يدخلوه اقتناعا بل الامر عكس ذلك. فكان كثيرا من الناس لا يدخلون في الاسلام عن طريق الفكر والاقتناع ولكن تزواج نسائهم مع المسلمين هو ما جعل الكفة تميل لانتشار الاسلام في هذا الاتجاه.
وبعد ان استقر انتشار الاسلام بدأت محاولات فهمه واستخراج المبهم فيه، فكانت محاولات الاولين من تجميع احاديث الرسول واستخراج مبادئ الشريعة الاسلامية ووضعها في كتب طرحت في شكل كتب للفقه والحديث واسباب النزول وهكذا دواليك. والذي نلاحظه ان الذي كتب هذه الكتب كانوا من المسلمين المحدثين. بمعنى انهم كانوا ليسوا عربا بل جلهم من فارس و اوزباكستان وافغانستان ودول القوقاز. فالامام مسلم صاحب صحيح مسلم كان من نيسابور وهي بلدة في شمال شرق فارس والامام البخاري كان من بخاري احدى مدن اوزباكستان. وكان لهم قدر من العلم بالقراءة والكتابة وبما تحصلوا عليه من الحضارة اليونانية والفارسية . حتى ان هناك بعض ولاة المسلمين الذي دعى بنقل علوم اهل اليونان وثقافتهم ومنهم الخليفة العباسي المنصور وهارون الرشيد. وارتفع قدر العلم في هذه الفترة وانعكس بالتبعية على الفكر الاسلامي. ولكنه كان اتجاه داخلي، بمعنى انه لم يقم حضارة مستقلة ولم يرتفع العلم الا بقدر الاخذ بالاسباب. فلم يخرج منهم علما مستقلا عما تعلموه او حتى بنوا على ما عرفوه. وتوقف الامر على هذا الحد من النقل من الحضارات الاخرى. وحتى لا ننقص من حق القوم قليلا ، فكان الضوء الذي يخرج احيانا من بين هذه الشذرات ، ونجدها في بعض اعمال المسلمين الاوائل ومنهم ابن سينا – وبالمناسبة هو من بخاري ايضا وليس عربي- وابو بكر الرازي ( وهو من فارس وليس عربي). فجل الاعمال الخالدة لم تخرج من العرب وهم عن ذلك بعيدين.
وبعد ان استتب الامر للمسلمين في الدول المفتوحة ، انتبه الغرب ان الاسلام قد اقتطع جزءا كبيرا من بلادهم وقد يمحيها الى الابد وعندما حاولوا غزو بلاد الاسلام اثناء الحروب الصليبية وخسروها انتبهوا بان عليهم ان يجدوا وسيلة لمقاومته . وادركوا انهم لكي يواجهوا الاسلام عليهم ان يمتلكوا القوة العسكرية لكي يستطيعوا الوقوف في وجهه. ولكي يحققوا هذه المعادلة فهموا بان عليهم ان ياخذوا بالعلم الذي يحقق لهم امتلاك القدرة العسكرية والنمو والتطور. فكان الاسلام بالنسبة لهم هو القوة الدافعة لحثهم على العلم . ومن ثم نما لديهم العلم كرد فعل على ضعفهم امام الاسلام بدون ادراك حقيقي منهم. واصبح الاسلام هو المحفز لهم وليس لنا. عجبا !!!!!
واذا نظرنا في عجالة على حال المسلمين في هذه الفترة ، نجد ان الصراع على السلطة قد نشأ بين الجميع. فكان القتل والتدمير يتم باسم الاسلام. واستخرجوا الايات التي توافق هواهم ليحققوا ما يريدوه والقران من ذلك براء. ثم بدأت الحضارة الاسلامية في الافول امام غزو الصراعات الداخلية التي كانت تنمو بين الحين والاخر. وتناحروا بين بعضهم للحصول على الغنائم والسلب. والعجيب في الامر انهم جبلوا على هذا الامر، لان غنائم الحرب كانت من تشريعاتهم ولذلك تعودوا على القنص والسلب . وكل مسار تاريخهم يؤكد انهم اهل حرب ، بمعنى ان العلم لم يكن له دور في عقولهم وذلك بسبب انهم لم يدركوا ان القوة العسكرية يلزمها العلم لكي تستطيع ان تنتصر على عدوك. وعندما انتبه الغرب لهذه النقطة تفوق عليهم تفوق ساحق وهزمهم شر هزيمة. وانكفأ بعدها المسلمين داخليا وتحددت دولهم ولم يستطيعوا الخروج منها ابدا. وبعد ان وجد المسلمين انفسهم محبوسين داخل دولهم ، وجب عليهم ان يجدوا طريقة اخرى تكفيهم قوت يومهم. وبعد ان كانوا يحصلون عليه من يد الغير بالحرب وجب عليهم العمل داخليا حتى يستطيعوا العيش ووجدوا انفسهم امام امر لم يكن لهم قبل به.
وبعد قرون من الغيبوبة استفاق المسلمين بان عليهم ان ياخذوا باسباب العلم حتى ينهضوا من كبوتهم ، ولكنهم اكتشفوا بان الغرب قد سبقهم بمراحل وفوجئوا بما لدى الغرب من قوة حتى ان هناك من ادعى بان الشيطان يساعد الغرب عندما شاهد حملة نابليون على مصر ووجد لديهم اشياء لم يكن شاهدها من قبل. وعندما ادرك المسلمين بان سر تفوق الغرب يكمن في الاخذ باسباب العلم نهضت بينهم اصوات تنادي بالعمل والعلم لرفعة المسلمين وكانت هناك محاولات جادة للدراسة والاطلاع على ما لدى الغرب من علم . ولكنها لم تحقق الانجاز المطلوب ، فانكفأت هذه المحاولات وضاعت مع العمر الذي ضاع. وكل المحاولات التي تتم الى الان ماهي الا محاولات مشوهة لا ترقى الى المستوى المطلوب فعليا.
وبعد صراع من السنين مع الغرب ، سواء صراع ضد المستعمر او صراع داخلي . وبعد اكتشاف بان محاولات العلم لدى المسلمين قد باءت جميعها بالفشل ، ظنوا بان السبب الرئيسي في تخلف المسلمين هو في اخلاقياتهم وبان عليهم ان يصلحوا من انفسهم اولا وقبل اي شئ. وعلقوا الامر على ان المسلمين لا يستطيعون هزيمة الغرب لانهم بعيدين عن الله لذلك لا ينصرهم على عدوهم. وبدل ان يوجهوا مدافع العلم تجاه الغرب وجهوا مدافع الاخلاق داخليا ، الى المسلمين ذات انفسهم. اعتقادا منهم ان عليهم ان يحسنوا اخلاقهم حتى ياتي بامر كان مفعولا. وارتكنوا بان الله سينصرهم على عدوهم اذا اصلحوا من اخلاقياتهم. وغفل عليهم بان الله لن ينصرهم على اعدائهم ان لم ياخذوا باسباب العلم. فكيف يقف مسلم بحجر امام غازي بقنبلة وينصره الله؟؟؟؟
ولم يقف الامر عند هذا الحد ولكنهم بايمانهم المغلوط استخرجوا من القران ما يوافق فكرهم المنقوص. ووجهوا كل جهدهم الى محاربة المسلمين اخوانهم على اعتبار ان الاخلاق هي سبب ضعفهم وانتكاسهم. فبدأوا في البحث عن الانسان الكامل الذي يعزه الله ولا يذله . وتمادوا في هذا الاعتقاد وهم لا يفطنون الى انهم جهلة باسباب العلم ولا يمكن ان ينصرهم الله على اعدائهم ان لم يتخذوا من العلم سبيلا.
ليت شعري ، فهم بذلك كانما بذلوا جهدا لا طائل منه ، لان الانسان مهما ارتقى في الاخلاق فلن يصل الى درجة الانبياء وهو خطاء بالفطرة . وبدأوا في حرب بعضهم بحثا عن نظرية المثل التي لن تاتي ابدا. وظلوا يدورون داخل حلقة مفرغة لن يخرجوا منها ابدا طالما لم ياخذوا باسباب العلم. وضاقت عليهم الدنيا بما رحبت واغلقت في وجوههم كل سبل العيش، وبدل ان يبحثوا عن طريق اخر للخروج من هذا المأزق تشددوا في الامر اعتقادا منهم انهم لم يبلغوا المستوى المطلوب من الاخلاق الحسنة حتى يجازيهم الله خيرا. وتمسكوا اكثر بالايات التي تحض على الركون "وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (52) هود ( هكذا فهموها وغاب عنهم انها ايات تخاطب الكفرة والمشركين ) اكثر منه بالايات التي تحض على العمل والعلم. ومن ثم اشتعلت بينهم حروب الاختلاف بسبب انهم لم يفقهموا ان الاخلاق شئ نسبي ولا يمكن الوصول فيه الى مستوى مرتفع من الصفاء.
واذا لم يفطن المسلمين الى ان يتركوا الدين لله ولا يتدخلوا في عقيدة احد ويبحثوا عن الاخذ باسباب العلم لباتوا يعرجون في السماء كأنما سكرت ابصارهم بل هم قوم مسحورون. " وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15) الحجر.
وفي النهاية وقع المسلمين في المبدأ المعطل ، وهو مبدأ تعارض الاخلاق مع العلم. فالعلم بما له من قدرة على اختراق كل شئ والتفكير في كل شئ وجب عليه اعتراض الاخلاق في بعض مساراته. وعندما ادرك الغرب هذه النقطة استوجب عليهم ان لا ينظروا الا بما امرهم العلم. اما في الدول الاسلامية فلن يستطيعوا فعل ذلك الا لو انتبهوا لهذه النقطة . واذا ضربنا مثالا على كلامنا، فكيف سيكون رد فعل المسلمين اذا حاول البعض اجراء تجارب الاستنساخ على الانسان في الدول الاسلامية؟؟؟
فاصبحت الاخلاق على هذه الصورة هي السبب الرئيسي في تخلف المسلمين ، ولعدم اعمال عقلهم في كل امور الدنيا. ويا للعجب فالاخلاق ايضا هي ما يبحثون عنه ويعتقدون انه هو سبب تخلفهم ولكن من ناحية اخرى !!!!!!!!!!!!
وللحديث بقية ........
اما انتقاداك لبداية الفتوحات الاسلامية
ردحذففقال رسول الله لى الله عليه وسلم امرتت ان اقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله الا الله
ف المسلمين قبل ان يقاتلوا الكفار يبينوا لهم ويعرضوا لهم الاسلام فاذا لم يستجيبوا عرضوا عليهم الجزية واذا رفضوا هنا يكون القتال
اما انتقاداك لبداية الفتوحات الاسلامية
ردحذففقال رسول الله لى الله عليه وسلم امرتت ان اقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله الا الله
ف المسلمين قبل ان يقاتلوا الكفار يبينوا لهم ويعرضوا لهم الاسلام فاذا لم يستجيبوا عرضوا عليهم الجزية واذا رفضوا هنا يكون القتال