الاخوان والماسون الاعظم
لم استطع النوم بصورة شبه كاملة خلال الايام الماضية وذلك بسبب مايدور الان على الساحة المصرية وبالاخص موضوع الانتخابات المصرية والتي تشكل اكبر مفترق طرق في تاريخ مصر الحديث. لم اجد الكلمات المناسبة لكي اصف بدقة المشهد السياسي بكل تبعاته وتكهناته. فكل مراقب لما يحدث الان يجد صورة ضبابية تزداد كثافتها مع مرور الايام من بداية الاعلان عن الانتخابات الرئاسية حتى هذه اللحظة. ومنذ خمسة ايام فقط تمت انتخابات الاعادة الرئاسية بين مرشحين اثنين هما الدكتور محمد مرسي والفريق احمد شفيق. لم نشاهد خروقات كثيرة للعملية الانتخابية- على حد علمنا الى هذه اللحظة - بما يدل على انها كانت تحمل قدرا لا باس به من النزاهة. ولن نخوض تفصيليا في وصف نوعية الناخب المصري سواء ذهب صوته الى محمد مرسي او احمد شفيق لاسيما ان هناك فروق واضحة عند التركيز على كليهما. فاصوات محمد مرسي نجدها تنقسم فئتين، اولهما مدفوعا غريزيا للاتجاه الديني الذي ينادي به الاخوان المسلمين ، والثاني في النوعية، نجدها اصوات تحسب انها من الثوار او انها ترفض مبدأ اختيار واحد من الفلول كما يدعون. اما اصوات احمد شفيق فنجد معظمها مدفوعا بخوف من الاخوان وفكرهم وهم النسبة الاكثر للاصوات ، اما الباقي فهم الاصوات التي تميل الى الهدنة والسلم او حزب الكنبة بوصفه العام وتتشكل معظمها في منطقة الدلتا. فالشعب المصري لم يملك بعد الوعي السياسي الكافي الذي يؤهله الى الاختيار السليم المبني على اسس علمية وثقافية. وقد ادركت حملات المرشحين هذه النقطة، فنجد الاخوان قد استغلوا عامل العاطفة متمثلا في الارث الديني لدى الشعب المصري البسيط بالاضافة على اظهار ان حملتهم ستحقق كل مطالب الثورة. اما حملة شفيق فلعبت على اظهار مساوئ الفريق الاخر وطرق الاعيبه السياسية واظهارهم بمظهر المدعي للدين، بالاضافة الى تطمين غالبية المصريين (وهم فعلا بحاجة الى ذلك) بان الامن والامان سيعود باكثر مما كان في السابق. ولكن الامر الغريب والذي لم يكن ملحوظا من قبل ، ان الاخوان اثبتوا ان لديهم القاعدة الجماهيرية والتنظيمية الكبيرة التي لم تكن ملحوظة بالنسبة الى غالبية الشعب المصري. فقد كان الشعب المصري يعرفهم ويسمع عنهم فقط ولا يراهم بحكم توجههم وعملهم السرى. لذلك فقد كانت صدمة بانهم على هذا القدر من التنظيم الذي يدل بما لايدع مجالا للشك بانهم كانوا موجودين وباننا كنا نتعامى عن وجودهم. ولن نخوض ايضا في طرق حشدهم للناس ولا الاساليب التي اتبعوها لحشد اكبر قدر من الاصوات يخول لمرشحهم الوصول الى كرسي الحكم. وكل الناس قد رات مايفعلونه فرضي به البعض على حجج بررها لنفسه ورفضه البعض ايضا لحجج اخرى. ودعونا نرتفع قليلا عن هذا المشهد حتى تتبين لنا اطرافه البعيدة. وسنبدأ بالتركيز على منتصف الرقعة ثم نتجه خارجيا الى الاطراف. فنجد ان هناك كرسيا شاغرا بعد ازاحة مبارك عنه ، ونجد ان المجلس العسكري محيطا به لحمايته مؤقتا الى ان ياتي رئيس، ثم نتوسع قليلا لنجد ان هناك قوة واحدة متصارعة مع المجلس العسكري ويمثلها الاخوان وبعض الحركات الثورية، ثم نخرج شيئا فشيئا لنرى بعض الاصوات المنادية بعدم ترك المجال مفتوحا للاخوان رهبة وخوفا من احتلالهم الكرسي وعدم تركه بعد ذلك ثم بعدهم نجد غالبية الشعب المصري يشاهد مايحدث بين الجميع صامتا لعدم قدرته على النفاذ ببصيرته داخل هذه الدائرة العميقة. وفي نهاية الدائرة نجد اطرافا خارجية سواء كانت عربية او اجنبية تتدخل في الشان المصري. وسنحاول فيما سيلي ان نركز على الاطراف الخاجية لاستكناه ماتفعله في الشان المصري محاولا الوصول لاسباب تدخلها بناء على المعطيات الظاهرية لنا. ونحن لانجزم بان ما سنقوله هو الحقيقة المطلقة ولكن هو مجرد تفاعل مع الاحداث ادى بنا لان نقلق لما يدور ورغبة منا ان يعي الجميع بان هناك حفرة سنقع فيها لامحالة ان لم ننتبه لها. بداية سنبدأ بدراسة الدور الخليجي لهذه الانتخابات وما تردد من وجود تدخل قطري لدعم الاخوان. ونكاد نجزم بصحة هذه الاقوال بسبب المظاهر المادية المهولة التي ظهرت اثناء العملية الانتخابية من ناحية الدعاية والانفاق المادي لكسب الاصوات. فالاخوان منذ بداية انتخابات مجلس الشعب وحتى هذه اللحظة قد صرفوا من الاموال مايقارب المليارات على مستوى الجمهورية. فمن اين اذا كل هذه الكمية من الاموال ان لم تكن من اموال البترودولار. فاذا اعتمدنا صحة تدخل قطر فيجب ان نتسائل لماذا تنفق دولة مثل قطر كل هذه الاموال؟
يجب ان نتحدث باستفاضة قليلا في هذه النقطة لكي نشرح كل الدوافع التي توصلنا لها في شكل العلاقة التي تجمع ما بين قطر والاخوان المسلمين. فقطر تعتبر من الناحية العملية والاستراتيجية هي الحليف الامريكي الاقوى في الشرق الاوسط بعد اسرائيل. وبالتالي فكل الخطوات التي تتخذها قطر ما هي الا اوامر امريكية للتدخل في الشان المصري. يعقبها تنظيم العلاقة بين الدول العربية لرسم السياسات الامريكية الجديدة في الشرق الاوسط.
كلنا يعلم ان جماعة الاخوان هي عبارة عن جماعة دينية تاسست في العام 1928 على يد حسن البنا ، ولكن الذي لايعلمه الكثيرين ان هناك دعوى مرفوعة في العام 2008 في محكمة جنوب القاهرة الابتدائية رفعها رجل اسمه فرج زكي محمد غانم. هذه الدعوى تقول ان حسن البنا ماسوني!! وانه اسس هذه الجماعة على نفس النهج الماسوني. وان كلمة البنا ليست اسمه الحقيقي ولكنه لقب اطلقه والده عليه . وكلمة البنا في اللغة الانجليزية تعني ماسوني فعلا!!. ومن اراد التاكد فعليه البحث والتقصي عن مضمون هذه القضية. الغريب في الامر ان جماعة الاخوان اذا نظرنا الى سلوكها العام نجده لايخرج فعلا عن سلوك المنظمات السرية والتي لا تستطيع ان تحدد اهدافها بدقة ولانعرف ماذا تفعل بالضبط!!
فالشرق الاوسط الكبير الذي نادت به السيدة كوندليزا رايس اثناء توليها وزارة الخارجية بدأ هيكله العام يتضح شيئا فشيئا. فهم من يدعمون الاخوان عن طريق قطر. والاخوان سيظل ولائهم بالتبعية الى سيدتهم الاولى ومحدثت نعمتهم. ونستطيع ان نرسم بناء على هذه المعطيات جزء من الخطة التي سوف ينفذها الاخوان في حال وصولهم الى حكم مصر. وهم بالمناسبة قد ذكروه في اكثر من لقاء وهو انهم سيضمون قطاع غزة الى مصر وتصبح القدس عاصمتها. نفس هذا المخطط قد حاولت اسرائيل من قبل فرضه على مصر حتى تلقي بكرة غزة الملتهبة على عاتق مصر وتستطيع في الوقت ذاته من قتل القضية الفلسطينية ومحو فكرة اقامة دولة فلسطين. ولكن مبارك في العام 2007 رفض هذا المقترح رفضا قاطعا لعلمه بالخطة التي تدبرها اسرائيل ومن وارئها امريكا. فكان لزاما على امريكا ان تغير النظام المصري وتقدم البديل الذي ينفذ خطتها.
من هنا نستطيع ان نسرد الاحداث التي تعيشها مصر منذ العام 2004 الى هذه اللحظة التي وصلنا اليها.
اولا محاولة ازاحة النظام المصري عن طريق الثورة ، فجاء دور المنظمات الامريكية في مصر والتي تدعي الديموقراطية. فجندت اليها بعض الشباب المصري الموهوم من الثقافة الامريكية وبثت في عقولهم فكرة الحرية والعدالة. وكان هذا ما حدث بداية من العام 2004
ثانيا ، تحريك الاخوان المسلمين للخطة المرتقبة عن طريق قطر ومدهم بالمال ودفعهم لتجنيد اكبر عدد من الافراد الى اللحظة المناسبة.
ثالثا، وصول الاخوان للحكم باي طريقة ووسيلة حتى ولو بالقتل ( وهذا ما ننبه له هنا ) لتنفيذ المخطط الامريكي في الشرق الاوسط.
رابعا ، في حالة سقوط مرشح الاخوان في الانتخابات ، تخرج امريكا لتضغط على النظام المصري من اجل تسليم الحكم للاخوان بداعي تزوير الانتخابات. فان لم يرضخ النظام المصري للضغوط عندها ستعطي امريكا الضوء الاخضر للاخوان ( ونحن ننبه النظام المصري الى هذه النقطة ) لزعزعة الاستقرار في مصر عن طريق الاغتيالات واستباحة حرمات الناس لخلق حالة من الفزع في صفوف المصريين.
خامسا، وهذا ما نشدد في التنبيه عليه، اذا لم تستقر الاوضاع في مصر يمكن حينها ان تتدخل امريكا بما لديها من قوة حربية لمحاولة السيطرة على الاوضاع وفي الوقت ذاته سيكون من السهل عليها تقسيم مصر الى دويلات صغيرة.
الى هنا نكون قد وصلنا الى مايمكن ان يحدث بناء على توقعاتنا والتي ندعو الله ان تكون غير صحيحة . ونحن ندعو كل المصريين الى التوحد ونبذ الفرقة في هذه المرحلة العصيبة وعدم الانصياع الى حملات تشويه المجلس العسكري داعين من الله ان يرد كيد الكائدين وان يلهم المجلس العسكري القوة والاحتمال حتى يعبر بمصر الى بر الامان.
تعليقات
إرسال تعليق