نهاية كل ظالم

عندما اشاهد المشهد الحالي على الساحة المصرية ومايحدث فيها من حالة غليان شعبي لاسقاط حكم الرئيس حسني مبارك. وعندما اكتشف مدى تعنت النظام المصري وعدم تراجعه وغطرسته امام هذه المطالب. وعندما اقارن ردود الافعال سواء كانت الداخلية او الخارجية مما يحدث على الساحة. وعندما اكتشف مدى تمسك اسرائيل وامريكا واوروبا وبعض الدول العربية بالنظام المصري وتدعيمهم للرئيس مبارك مهما حدث. وعندما اشاهد صدور المتظاهرين وهي مفتوحة لرصاص القناصة والخونة. وعندما اشاهد مئات الشهداء يتساقطون امام سيارات الامن المركزي. وعندما ادرك مدى جبروت النظام المصري باطلاقه المجرمين على الناس الامنين ليلا. وعندما اشاهد سكوت شيخ الازهر عما يحدث . وعندما اتامل موقف الجيش من الشعب. وعندما ارى نظرات الغدر في عيون النظام. وعندما اسمع عن مدى هلع اسرائيل مما يحدث وخوفهم من سقوط نظام حسني مبارك. وعندما اتاكد من وجود مؤامرة جد خطيرة على الشعب الاعزل. وعندما ارى المخططات المسربة من هنا ومن هناك. وعندما اجد ان دعوات الامهات ودموعهم لاتجف على ارواح ابنائهم الشهداء. وعندما ادرك ان الدنيا كافة قد اجتمعت لابقاء مبارك في الحكم مهما كان الثمن حتى لو قتلوا كل الشعب المصري. اقف وقفة تامل من كلام الله في القرأن وانظر الى كل ايات الظلم التي ارتكبها الظالمين على مدى القرون الاول لكي اقارن بينها وبين مايحدث الان . فادرك شيئين في منتهى الخطورة. الاول ادرك بان الله يختبر الشعوب المغلوبة على امرها ويمتحن قوة ايمانها وتماسكها ايام الابتلاء. فان صمدت امام الظلم اعزها الله بنصر من عنده كما فعل الله مع بني اسرائيل. فلم يتواجه بني اسرائيل مع فرعون في معركة ولكنه الله الذي اطبق البحر عليهم. اما ان تراخت وانسحبت ولم تحتمل الابتلاء اخزاها الله وزادهم محن وكروب كما فعل الله ايضا مع بني اسرائيل عندما امرهم نبيهم بان يحاربوا القوم الجبارين فقالوا له اذهب انت وربك فانا ها هنا قاعدون. فما كان من الله الا ان تركهم في الصحراء على غير هدى. هذا هو الجانب الاول . اما على الجانب الاخر واقصد من ناحية الظالم فان الله ينذره ويطيل له ويعطيه اكثر مما يستحق . ويظل ينذره وينذره فان اعتبر ونظر وتراجع عن غيه وظلمه اوسع له الله واعانه. اما ان تكبر وزاد جبروته فان الله يطمس على قلبه وعينه فيكاد لايبصر بعينه ولايسمع باذنيه ولايشعر بقلبه. فيزيده الله طغيانا على طغيان حتى يكاد يشك في نفسه بانه اله وعندها يحق عليه العذاب بما كسبت يديه. ولكن الغريب في الامر هو ان الظالم لايصدق مايحدث له عندما تقترب ساعة نهايته فيظل متشبثا بكل ادوات سلطته مثل الغريق الذي يتعلق بقشة تنجيه. ولا يدرك ساعتها بانه يجب عليه ان ينطق الشهادتين قبل الموت بسبب رعبه وخوفه الشديد. فالظالم ايضا لايستطيع ان يدرك مايحدث له وهو يسقط من برجه العالي. لذلك اقول للذين يحاولون نصح الظالم حسني مبارك، لاتحاولوا نصحه لانه لايرى ولايسمع ولايدرك ماتقولوه. فكل ماهو فيه الان هو عدم تصديق مايحدث له . وعدم قدرة عقله على رؤية الحقيقة . فان الله قد طمس على قلبه وعقله وجعله من المحبطين فحق عليه العذاب بما كسبت يديه. اعاذنا الله واياكم من مشهد يوم عظيم. فهذا الرجل لايدرك انه هالك لامحالة ولايكاد يصدق ماهو فيه. ولاكيف ينزع منه كل هذا المجد بين يوم وليلة. مثله كمثل فرعون وهامان وقارون والنمرود وكل الظالمين.
الدرس الذي يجب ان ياخذه الجميع بعين الاعتبار ، هو ان الله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما بانفسهم. فلو لم يخرج الشعب المصري لازاحة هذا الطاغية عن الحكم لحق عليهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا وفي الاخرة. فان الله لايبدأ بالخطوة الاولى ولكن الناس هي من تبدأ ثم يعزز الله القوم بنصر من عنده. فاليوم هو اليوم العاشر من هذه الانتفاضة الشريفة والتي يحاول كل الظالمين اطالة امدها حتى يرهقوا الجميع فيتراجع الخلف والسلف ولكن الله لهم بالمرصاد فان الحق سيعود لاصحابه ولو كره الكافرون. فانهم بذلك يدفعون الشعب المصري للصمود في وجه طغيان الظلم وسوف ياتي الله بنصره باذن الله. وما ربك بظلام للعبيد.
هذا المقال كتب اثناء ثورة مصر الشريفة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هدهد سليمان ( قراءة جديدة )

القاضي والمجرم ( قصة قصيرة )

أسماء قداح الجاهلية