ذات الرداء الاسود


في ظهيرة احد الايام ، واثناء وقوف حاتم منتظرا وجبة السمك المشوي التي سيأكلها على الغداء. مرت من جانبه احدى ذوات الرداء الاسود . فانتبه قليلا لعينيها اللتان كانتا تلمعان تحت الحجاب. وتذكر مشهدا كان رآه قديما على احدى الكافتيريات. كانت هناك فتاة ترتدي نفس الرداء الاسود وفي يديها طفل لم يبلغ العام تقريبا ووضعته جانبا عندما جاء اليها الساقي يحمل لها نرجيلة من التفاح. فبدأت ترفع النقاب قليلا لكي تأخذ نفسا عميقا من الخرطوم الممدود امامها حتى ان هذه الانفاس كانت تصل الى خياشيم حاتم الذي كان مذهولا من هذا المنظر السينمائي. ولكنه بعد فترة تعود على هذا المنظر وادرك ان الرداء ما هو الا غطاء يداري به الانسان عيوبه كما يلبس وجها يحول به بين مشاعره وبين الناس. عاد حاتم الى واقعه واستدار ساندا ظهره الى البيت المقابل لمحل السمك المشوي منتظرا وجبته. كان هناك وقتا كافيا لكي يرقب الناس والوجوه. مرت امامه امرأة ترتكز على عكاز يحميها من السقوط . ومر من امامه رجل عجوز يمسك طفلا يبدو عليه انه حفيده. البائع يجادل الزبائن ووجهه تعلوه الابتسام حينا والضجر حينا. الزبائن يلحون عليه ان يخفض سعر السمك قليلا ولكنه يقسم لهم ان الاسعار لم تعد كما كانت بالامس. فكل شئ ارتفع سعره بين ليلة وضحاها. الجميع يشكو من ازدياد الاسعار ولا هم لهم الا محاولة توفيق اوضاعهم المعيشية. مرت امرأة اخرى من ذوات الرداء الاسود ثم اعقبتها واحدة مثلها وثالثة ورابعة. لفت نظره هذا الكم الهائل من الرداء الاسود. فانتبه الى ان المنطقة التي يوجد فيها هذا المحل تعج بذوات الرداء الاسود. لم يفهم السبب في بادئ الامر ولكن التقليد قد يكون الصفة المكتسبة وسط المجتمعات المغلقة. ولكن هل يؤدي الرداء الاسود وظيفته؟ انه سؤال قد يتبادر الى ذهن الجميع ولكن هل فعلا قام هذا الرداء بوقف سهام النظر التي يطلقها الرجال الى المراة؟ الاجابة هي لا بالتاكيد. لان الرجل لا يهمه شكل الرداء ولا يعنيه كم يغطي من جسد المراة لان نظر الرجل يخترق الحدود والافاق. ويتوغل الى ادق تفاصيل المراة حتى ولو ارتدت كل ملابس الشتاء. الرداء الاسود لن يمنع الرجل من البحث عن التعرجات التي تتركها الملابس الداخلية على جسد المراة. الرداء الاسود لن يغطي ما يريده الرجل بقدر ما تريد المراة اخفاؤه. الرداء الاسود لن يمنع المراة من الزواج ان وجد الرجل فيها شهوته. لذلك فعلة الرداء الاسود اختفت في نظر الرجل لان المراة هي المراة حتى ولو اخفوها داخل جب في الصحراء. الامر ليس كما تريد ذات الرداء الاسود. فذات الرداء الاسود لم تخفي نفسها من عين الرجال ولكنها اخفت نفسها من ان يعرفها رجال بعينهم. انها تخفي نفسها من علة ما او فضيحة قد تنالها ان كشفت وجهها. ذات الرداء الاسود تخفي نفسها ليس من حرام ولكنها تخفي نفسها اتقاء ان يعرف زوجها او اخوها او ابوها او احد معارفها من انها كانت فتاة ليل في يوم من الايام. ذات الرداء الاسود تخاف ان تسير بجانب زوجها وهي كاشفة وجهها فيراها من كانت عشيقة له في يوم من الايام ويفضحها. ذات الرداء الاسود لم ولن تقتنع بلبس الرداء بحجة ان الله يريد ذلك ولكنها ارتدته لسبب دنيوي بحت. والرجل الذي يدفع امرأته الى الرداء الاسود ، هو رجل يشك في زوجته ويخاف ان تهرب منه الى احضان رجل اخر. هو لا يعطيها الامان فوجد ضالته في اخفائها. الرداء الاسود هو اخفاء للجسد وليس اخفاء للنفس. وما النفس الا امارة بالسوء ودنيئة ولن يمنعها من فعل السوء رداء. وما اكثر الحوادث التي ثبت وقوعها من نساء محجبات او ذوات رداء اسود!!!
  

تعليقات

  1. ذات الرداء الاسود لماذا لا يظهر شكل و حجم و تفاصيل جسمها و يديها و رجليها و مؤخرتها كما يظهر بالبنطلون!؟ الحجاب يستر اتق الله ( و اذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالاثم فحسبه جهنم)

    ردحذف
  2. ثم إن النقاب نعمة حتى يكون الزوج وحده من يتمتع بجمال وجه زوجته ثم لا يقارن بين النساء

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هدهد سليمان ( قراءة جديدة )

القاضي والمجرم ( قصة قصيرة )

أسماء قداح الجاهلية