العجوز الشمطاء


تجلس امام التليفزيون تراقب مشاهد القتل والدماء على قناة الخنزيرة . لا تحول نظرها عن هذه القناة من لحظة قيامها الى لحظة سباتها . لا تستطيع ان تتحرك كثيرا بحكم مرض الروماتيزم الذي لازمها طيلة عشرون عاما واخذ جزءا كبيرا من عمرها. لا تتبنى غير وجهة النظر التي تطرحها قناتها . لا تشاهد غيرها من قنوات . ومع قلة حركتها هذه الا انها لم تتردد في النزول لانتخاب الرئيس اخواني التربية الذي تم ازاحته. لا تصدق غير ما تقوله وتبثه هذه القناة الملعونة. لا تترك كرسيها الا يوم الجمعة لكي تصلي صلاة الجمعة ومن ثم تعود كما كانت تمثال يتنظر من يحركه. هذه هي دنيتها وهذه هي حياتها. تتفاعل مع الاحداث التي تشاهدها على القناة الى الدرجة التي تجعلها تكلم المذيع في احيان كثيرة وكأن المذيع يسمعها ويرد عليها. تصدق مشاهد المظاهرات والمسيرات التي وتقول كما يقولون ولا تغير فكرتها حتى ولو طرقوا رأسها بمطرقة. هي النموذج الامثل لعملية غسيل المخ التي طالما عجز العلماء عن اجرائها على الانسان. لا تحاول ان تتاكد بنفسها عن صدق ما تشاهده ولكنها تقول دائما انها ترى الحقيقة . اليقين عندها نهائي وجازم ولا رجعة فيه. تتمادى في توصيف الحالة التي تتبناها حتى ان العقل يقف عاجزا عندما يرى اللامنطق يتجاوز حدود الكون ويحاول برهنة اللا مبرهن ويشكل اللا مشكل ويحيي الميت ويميت الحي. نظرتها للحياة تخطت حدود المعقول وبنت اوهامها على تصديق الخرافات والغول.
وهي حالة مثلها كثير بيننا ، لا تستطيع ان تطلع من شرفتها لرؤية الحقيقة . وحتى لو رأتها سيؤولها عقلها الى حالة اخرى تناسب هواها ومرادها. تتمنى دمار ما يخالف عقيدتها وفكرها وتشعر بالنشوة وسط الخراب والدمار. كلماتها تنم عن حقد دفين لا يرى النور ولا يمكن ان ينمو الا في الظلام. انها الخراب بأجلى صوره.
هذه العينة من الناس لا يمكن ان يكونوا بشر . انهم عينة مثل الطفيليات ولا تعيش الا وسط اجواء حمضية او قلوية ملوثة بالدماء. رؤية جمال الحياة يثير حفيظتهم ويجعلهم يبحثون دائما عن الجثث المتفحمة والقتلى المقطوعي الرأس والاطراف. ينتشوا مع صرخات الامهات ليبرروا فكرتهم ويتعاطوا الصور لثبتوا وجهتهم. لا يمكن ان يكونوا اسوياء ولا يمكن ان يدخلوا الجنة  حتى ولو صلوا وصاموا طيلة عمرهم.
لا يمكن ان يكون بالجنة مثل هؤلاء ، وكيف يدخل الجنة من كان لديه مثل هذا الحقد بقلبه؟؟ وحتى لو نزع الله الحقد من قلوبهم سيبقى لديهم المزيد من كثرته!!!
ايتها القناة الموبوءة ، ارحموا العجوز الشمطاء وارحمونا من كم الكره الذي تنشروه..


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هدهد سليمان ( قراءة جديدة )

القاضي والمجرم ( قصة قصيرة )

أسماء قداح الجاهلية