المتطرف والبلطجي وبينهما الثائر الحق


ثلاث شخصيات تلخص مشهد الحياة في مصر منذ قيام ثورة يناير في العام 2011  والتي بدأ البعض يكفر بها وبمن جاءت بهم  ولهم العذر احيانا والحق احيانا اخرى بسبب مافعلته الايام بكثير من الناس. ولكن هل هناك علاقة بين هؤلاء الشخصيات ، المتطرف ، الثائر الحق ، البلطجي ؟؟
الحقيقة ان هناك علاقة وثيقة بينهم قد لا يراها الكثيرون ، انما هم فعليا مترابطون ولا يمكن فصمهم . هم على خط مستقيم اطرافه المتطرف والبلطجي ، ويقسمه الثائر الحق .  وهم يتبادلون الاماكن دائما ولا يبقون في مكانهم  كثيرا ويتبادلون الادوار  . فترى البلطجي اليوم وغدا تراه متطرف وفي المستقبل تراه في المظاهرات يقوم بدور الثائر الحق. ولكن ما الذي يجنيه ايهم من كل هذه الادوار برغم علمهم بالملاحقات الامنية ؟ ولماذا لا يأتي عليهم وقت يتوقفوا فيه عن كل ما يفعلوه ؟
الامر بكل بساطة هو المال ، المال هو المحرك الرئيسي لكل هذه الصور . اينما كانت سكة المال ارتدى الممثل رداء الدور المطلوب . فاذا كان طريق الخروج من الفقر هو ارتداء العباءة والعمة وتفجير الخلق فليكن بعد ترديد التكبيرات والبسملة . واذا كان الطريق نشر الرعب عن طريق البلطجة فليكن . واذا كانت المهمة استدعاء المغيبين والسفلة والغوغاء واستثمار طاقتهم وهدرها في الزعيق والنعيق والقيام بدور الثائر الذي لا يشق له غبار ، فهو المطلوب . فالامر لا يعدو كونه استثمار لقدرات شخصية واستجلابها في لحظات معينة لتسهيل مهمة جلب المال . لذلك فالمتطرف لن يتوقف طالما يتدفق المال بين جنباته . ولن يسأل البلطجي نفسه عما يفعله طالما هناك من يستدعيه بالمال . والثائر الحق لن يهدأ طالما هناك من يسهل له قنوات فضائية ودراهم ودنانير وريالات . فلغة المال هي المحرك الرئيسي لكل ما نشهده من فوضى هذه الايام . ولولا المال ما رأينا المتطرف ولا البلطجي ولا الثائر الحق .
واذا اردنا ترتيب ظهور هذه الاشكال الشاذة في المجتمع المصري ، فنجد ان البلطجي موجود من الازل تقريبا لانه الحقيقة لم يكن بلطجي بالمعنى المفهوم حاليا، انما كان يطلق عليه فتوة وكانت له مهام موكلة ليست كما كانت تصور في الافلام . ثم ظهرت طائفة التطرف في بداية السبعينات منذ اطلق السادات ( الله يسامحه ) الكلاب الضالة التي كانت محبوسة ايام عبد الناصر . ويعلم الجميع كم الحقد والغل الذي تكنه هذه الكلاب لعبد الناصر . ثم مؤخرا ظهرت طائفة الثائر الحق الذي اقتحم علينا غرفة نومنا عنوة بسبب مجموعة من الفضائيات النجسة التي كانت تشجعهم على الظهور وتعطيهم مساحة من الوقت والحديث.
ولن نركز على طائفة دون الاخرى لانهم في نظري هم مجموعة واحدة وانقسمت لاشكال تبدو مختلفة انما هم خرجوا من نفس الفكرة ، كأن يكون هناك موضوع واحد وله اراء متعددة . فموضوعهم واحد لا اختلاف فيه ..
والسمة الغالبة فيهم برغم تعليم بعضهم وبرغم الشهادات التي حصلوا عليها ، الجهل المزري . لا يختلفوا كثيرا عن اي جاهل في المجتمع. لديهم حديث لبق انما هي كما قيل ( اسمع قرقعة ولا ارى طحنا ) يكتبون في عدة صحف صفراء وحمراء وخضراء ، ولا تجد بين كلماتهم اي فكرة او معلومة او حتى ديباجة جيدة . يتشدقون باقوال غيرهم دائما ويسندوها الى مواقفهم بدون حتى معرفة معناها . يتمسكون بالكتب المقدسة ولايدرون محتواها . وتجد بعضهم ينسب لنفسه كمية من المناصب والتي من المستحيل شغلها في نفس الوقت .
هذه الصور الشاذة لن تنتهي الا بالابادة ، وطبعا كل من يقرأ هذا الكلام سيقول اني متطرف التفكير ولا اختلف عنهم ، والحقيقة .. ( مين قال لك اني مختلف ؟؟ ) لكن بعد طول رصد وتحليل ومحاورات اكتشفت ان عقلية ههؤلاء جبلت على التفكير الشاذ ، بمعنى انهم لا يأخذون بأي رأي مخالف حتى ولو ادركوا انهم على خطأ ، حتى انني صورتها مرة انه لو جاء محمد مرسي ذات نفسه وقال لمحبيه انه كان يكذب في كل ما يقول فلن يصدقوه ايضا وسيقولون انه يؤثر نفسه عليهم !!! لذلك فهم جميعا وصلوا الى درجة من الرفض لمجرد الرفض لا يمكن لها ان تحل بمنطق الحوار وسيكون اضاعة وقت بدون داعي ، لذلك اقول ان البقاء في هذه الحالة للاقوى وعلى المتغلب ان يفرض رأيه مهما كان قاسيا وعلى الجميع الانصياع . وبما اننا نشاهد مآسي الدول المجاورة والتي لا يمكن لها ان تستقر فيجب ان نخضع ونخنع لاي وضع يؤدي لاستقرار هذه البلد حتى ولو تجرعنا السم وابتلعنا التراب ..!!
انه المال ، المحرك لكل شئ في الوجود ، المال الذي كاد ان يصبح اله هذا الزمان . الكل يحارب من اجله انما يختلقون اسماء ما انزل بها المال من سلطان حتى لا تخنقهم الحقيقة. يتخفون في ثوب شيخ تارة ونخنوخ مرة ودومة تارة اخرى.
ولكي اؤكد على صدق كلامي ، الم تشاهد بأم عينيك بلطجي المنطقة الذي تحول الى شيخ هداه المال سواء السبيل ؟؟ الم يلفت نظرك ان الشيوخ وبلطجية المقاولات وثوار الفضائيات اصبحوا من طبقة العليين ؟؟
انهم يدعون ان الله وجهتهم انما الحقيقة انهم يبيعون ويشترون الههم دولار العظيم في سوق الغرب كل يوم احد من كل اسبوع ..!!


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هدهد سليمان ( قراءة جديدة )

القاضي والمجرم ( قصة قصيرة )

أسماء قداح الجاهلية