سحر التابو


لم يندهش الطبيب النفسي وهو يستمع لاعترافات المريض الذي يجلس امامه . فقد رأى خلال حياته العلمية والعملية ما جعله لا يتعجب من اي حدث غريب يقع في هذا العالم . ولكن الحالة هذه كانت فريدة من نوعها لانها لاتتعلق بشخص المريض ولكن لان ارتباطها الوثيق بانسان اخر جعلها عصية على الحل . فالحل وان كان واضحا الا انه كان صعب التحقيق . ولكن الطبيب بما له من خبرة وحنكة في التعامل مع البشر بحكم مهنته  جعلته يفكر في كيفية الطريقة التي سوف يتخذها لعلاج مريضه وكيفية الوصول الى افضل النتائج في وقت قصير .
تبدأ قصة هذا المريض عندما تعلق بأمراة متزوجة تدعى سحر . هذه المراة جعلته يفكر بها ليل نهار . وقد تبدو هذه القصة مكررة حتى انه يمكن توقع نهايتها في اغلب الاحوال . الا ان تداعيات المرض الذي الم بهذا المريض جعلها مستعصية وفريدة من نوعها .
بدأت قصة المرض واعتلال صحة المريض بانه كان يعاني من خلل واضطراب في الجهاز الهضمي ، وبدأت اعراضه في نوبات قئ واسهال . وللوهلة الاولى ظن المريض انها اصابة بسيطة في المعدة قد تكون ناجمة عن اصابة بميكروب . ولكن الحالة بدأت في التدهور ووصلت الى الحد الذي جعله لم يكن يستطيع الاكل لايام طوال . وبعد ان لف ودار على الاطباء ، يئس من تفاعل اي من الادوية التي كانت توصف له ، فاشار عليه احدهم بان يذهب الى احدى الاطباء النفسيين عل اصابته تكون ناجمة عن مرض نفسي وليس عضوي . وفعلا ذهب الى الطبيب المختص الذي اكتشف من الوهلة الاولى ان المريض مصاب بالهيستريا وهي التي سببت له كل هذه المشاكل .
وخلال رحلة الطبيب النفسي لسبر اغوار نفسه المعذبة ، اكتشف ان المريض واقع تحت تاثير امراة سلبت لبه وجعلته يعاني من هذه الهيستريا . فهو عندما يراها تزول اعراض المرض تماما . وما ان تغيب عنه تعود اليه الاعراض وتسوء حالته اكثر من ذي قبل .
هنا وقف الطبيب على العلاج ولكنه في نفس الوقت كان علاجا قاسيا . فكيف سيسوق هذا العلاج اليه ؟ هكذا ردد الطبيب السؤال الى نفسه .
وبعد ايام طلب الطبيب سحر وزوجها حتى يعلم عن قرب من هي هذه المراة التي خلبته وسببت له كل هذه الاعراض . وحتى يحاول ان يكتشف كيف سيقر لهم موضوع العلاج لمريضه .
عندما نظر الطبيب الى سحر لم يجد بها ما يلفت الانظار ولم يتخيل ابدا ان هذه المراة هي من حركت الغرائز لمريضه الى هذه الدرجة القاتلة . الا ان فعل اللبيدو يفعل اكثر من ذلك ..
فطلب الطبيب ان يجلس مع الزوج اولا حتى لا يثير اي ريبة ، وبعد ان انهى حديثه مع الزوج طلب سحر للتحدث معها .
عرض الطبيب على سحر قصه مريضه ، ولم يكتف بذلك ولكنه شرح لها المرض بتفاصيله وافاض اليها في الشرح حتى اتى على ذكر طريقة العلاج . فتنحنح قليلا ثم طفق في طلبه " ان كان يهمك ان نعالج المريض ، فما عليك الا ان تنفذي ما اطلبه منك " .
اومأت الزوجة برأسها بما يعني موافقتها على ما سيقوله الطبيب الا انها لا تعلم ما هو الطلب بالضبط لذلك سألته " ما هو هذا الطلب ؟ "
نظر اليها الطبيب وظن لوهلة انها تدرك ما سيقوله بحاستها السادسة ولكنه آثر ان يسمعها حتى لا يكون هناك لبس في الامر " اريد منك ان تمارسي الجنس مع المريض حتى يشفى من حالته ، لانك ان لم تفعلي فهناك احتمال ان يتطور المرض ويقدم على الانتحار " .
امتقع وجه الزوجة وتلون بالالوان السبعة ، ثم فتر الشحوب قليلا بعد فترة صمت طويلة " كيف يتم ذلك ، هل انت مجنون لكي تطلب مني ان افعل ذلك ، وهل ان وافقت على طلب احمق مثل ذلك ، ماذا يقول زوجي ؟"
هنا ادرك الطبيب بخبرته وفطنته ان الزوجة لم تكن لترفض مثل هذا الطلب ، وادرك كذلك انها تعاني من مشاكل نفسية كثيرة في حياتها الزوجية الا انها تخفي ذلك " ولا يهمك ، سأتولى انا مثل هذا الامر مع الزوج ولكن لنأخذ منك الموافقة اولا ومن ثم نأخذ موافقة الزوج "
تعجبت سحر من رد فعل الطبيب وكلامه الا انها ادركت ايضا انه قد ينجح في طلبه من الزوج الجالس بالخارج " فتغيرت ملامح وجهها زورا وبهتانا حتى توحي للطبيب انها تتعجب او انها غير مصدقة ، ولكنه متأكد انها في غاية السعادة الداخلية من طلبه . فما اكثر شذوذ النفس البشرية !!
قامت سحر لتفسح المجال للطبيب حتى يجلس مع الزوج مرة اخرى ليشرح له طلبه الشاذ الذي لم يمر على احد من قبل
وبعد فترة عسيرة من الزمن تمكن الطبيب من اقناع الزوج بهذا العلاج المشؤوم ، وادرك الطبيب ايضا من جلسته مع الزوج ، انه ما كان ليرفض هذا الطلب الغريب منه لانه ايضا يعاني من مشاكل نفسية ناتجة عن مشاكل جنسية لديه . فقدم الطبيب عرضه الاخير على الزوج ، انه سيعالجه من مشاكله النفسية في سبيل اتاحة الفرصة لمريضه بان يختلي بزوجته ليتم له الشفاء العاجل .
وافق الزوج على مضض ، ولكن الطبيب استشف من تعبيراته انه كان سعيدا لهذا العرض ايضا وهو يرى زوجته في احضان اخر ، لانه اتاح لزوجته المتعة التي لم يكن يقدمها لها ولكن امام عينيه وحتى لا تخونه من وراء ظهره . أالى هذه الدرجة تنسحب الرجولة على موقف كهذا ؟؟!!
وتم بعد هذا اللقاء المراد ، وتقابل المريض مع سحر ليفرغ فيها عذابات نفس محطمة مقهورة اضناها التعب النفسي وكاد يقدمها على الانتحار . وبعد ان كان الزوج يتعذب عند اول لقاء بين المريض وسحر بدأت عليه علامات الرضا لما وجد زوجته في قمة سعادتها من هذا الوحش المعذب الذي اعتلاها .
فهل شفي المريض من دائه ، ام ان المرض استمر واستمرت معه سحر ؟؟!!
لا احد يعلم غير الزوج !!



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هدهد سليمان ( قراءة جديدة )

القاضي والمجرم ( قصة قصيرة )

أسماء قداح الجاهلية