أكل عيش


إشتد الجدال والقتال حتى كاد يتحول الى جريمة قتل في وسط النهار بين طرفي النزاع ، عم سعد الفران والاستاذ فاروق المحامي . وبعد تدخل اهل الخير وعابري السبيل ، انفض النزاع مخلفا مظلة مكسورة وخوان مدمر كان يوضع عليه العيش الساخن الخارج لتوه من الفرن .
استيقظت من نومي كالعادة على صوت شجار اسفل المنزل ، فقمت ونظرت من خلف النافذة بعين نصف مغلقة اتقاء لبقايا نور شمس وجد طريقه بين البيوت الشاهقة الى نافذتي . لم افهم على ماذا ساعتئذ يتعاركون بسبب تداخل اصواتهم وعدم وضوح لهجاتهم بالاضافة لكأس خمر كنت قد جرعته قبل نومي ولم يذهب مفعوله بعد. فحاولت استجماع شتات عقلي الذاهب والانصات قدر الواجب . فادركت بعد هنيهة ان سبب العركة ( العركة كلمة عربية صحيحة ) هو ان الاستاذ فاروق المحامي قد اشتكى الفران في القسم بانه يسبب الازعاج وانه قام بتركيب مظلة بدون تصريح . فما كان من الشرطة الا ان اتت ودمرت المظلة واطاحت بالخوان الفارغ وانهت الشكوى بسلام وذهبت . فاستشاط غضب الفران من فعل الاستاذ الفاروق واقسم جهد ايمانه  ان وجده ليفعلن فيه فعل قوم لوط . واثناء مرور الاستاذ فاروق امام الفرن ، انقض عليه الفران وقامت العركة واخذ نصيبه من الشتائم والسباب . الا ان الاستاذ فاروق لم يعره انتباه ومشى رافعا راسه بعد النصر الذي حققه في المرتين  هكذا صور له كبرياءه .
لم يهدأ الفران بعد كل ما جرى وظل يردد ان الناس لم تعد تراعي اكل عيش الاخرين ، وكأن اكل العيش لا ياتي الا بالتعدي على حقوق الغير .
متى كان اكل العيش لا ياتي الا بالاضرار بمصالح الاخرين ؟ كم نشاهد في اليوم والليلة المحلات التي تعرض بضاعتها متعدية بذلك على الرصيف  الذي هو ملك للجميع ؟  كم مرة شاهدنا من يشي بزميله في العمل لكي يبقى هو ويرحل الاخر من اجل لقمة العيش ؟ كم مرة سمعنا عمن يغتصب حقوق الاخرين من اجل لقمة العيش ؟ وهل لقمة العيش لا تاتي الا علة جثث الاخرين الان ؟ لماذا تحمل لقمة العيش الان الذل والمهانة ؟ الا يتساوي آكل العيش بهذه الطريقة مع آكل الربا ؟؟
اسئلة تدور وما زالت في رأس عركته الايام ولم تصرعه بعد ..!!!


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هدهد سليمان ( قراءة جديدة )

القاضي والمجرم ( قصة قصيرة )

أسماء قداح الجاهلية