القبح في حرم الضعيف جمال

 


في احدى المرات واثناء تجوالي في حرم الفيس بوك ، شاهدت بعض الصور التي يضعها احد المصورين المحترفين على صفحته الشخصية . وقرأت كم من التعليقات على الصور والتي تؤكد جميعها على مدى براعة المصور وفنه وجمال ابداعه ورشاقته . الا ان ما شاهدته من الصور يؤكد على ان اغلب من كتب هذه التعليقات لايدري اي شئ عن التصوير وجمالياته . فلا يوجد في كل الصور التي رايتها اي فن او ابداع  انما هي صور عادية جدا يستطيع اي انسان لديه دراية معقولة بفن التصوير ان يلتقط مثلها بل احسن منها . ولكي نحكم على جمال اي شئ ، اما ان نقيسه على امثاله او ان نعرضه للمحترفين ليقيموه . فالعامة بحكم افتقارها لاساليب القياس والحكم لا يمكن ان تكون حكما لعمل في موضع الاختبار. ناهيك عن ان نوعية العامة ذات نفسها تختلف من مكان الى اخر . فلا يمكن ان ناخذ برأي قبيلة في ادغال الامازون مثلا في احدى اعمال الفنان خوان ميرو . والعامة في فرنسا غير العامة في الدول العربية . فالاولى لديها القدر الكافي من الحكم على الاعمال الفنية وذلك بسبب قربها من المعارض الفنية والصالات الثقافية . اما الثانية بالكاد تستطيع الحكم على جودة طشة الملوخية . لذلك فاراء العامة عندنا لا يمكن ان توضع في الاعتبار الا من زاوية " اني لا اكذب ولكني اتجمل " على رأي الفنان احمد زكي .

صحيح ان الجمال بطبيعته يستوقف الناظر ويلفت الانتباه بذاته ، لكن لا يمكن الاحتكام الى جماعية ليس لديها القدرة على الحكم الصحيح  والخبرات الحياتية تؤكد بالفعل هذه الحقيقة.

فالاراء الفاسدة التي نسمعها  ، والخلل الثقافي الموجود حولنا  والمحتوى الفارغ الذي نشاهده في الانحاء يؤكد تماما عدم القدرة على تقييم الاعمال الفنية سواء مرئية او مسموعة . وانتشار وسائل التواصل وسهولة استخدامها جعلت الجميع على قدم المساواة . الجهل والمعرفة ، القبح والجمال ، الكذب والصدق . لذلك لا يمكن الانعتاق من هذا المستنقع الا بنشر المعرفة عن عمد والوقوف بشدة في وجه الجهل والجهلاء.

والمضحك في الامر هو انك تجد من يمدحون القبح اعتقادا فيه الجمال ، فهم لم يطلعوا او يشاهدوا او يدربوا انفسهم على رؤية الجمال . مجتمع منغلق لا يستطيع تذوق الفن او رؤيته . لا يستطيعون ادراك ماهية الجمال وكيف يلمسونه ويقتربون منه . لم يطلعوا على الاعمال العالمية او يقرأوا عن المدارس الفنية . لو يدخلوا معرض فني في حياتهم ابدا . ولم يعلقوا حتى لوحة فنية على حوائط منازلهم . لذلك لا تنبهر ابدا بتقييم هؤلاء ان مدحوك ولا تغضب او تحزن ان ذموك .

فهم جميعا وقلوبهم شتى..

 

اللوحة للفنان مارك روثكو 1956

تعليقات

  1. سؤال هل الصورة المرفقة تعتبر فن؟

    ردحذف
    الردود
    1. هذه اللوحة للفنان مارك روثكو ، الحقيقة هذه اللوحة في منتهى الجمال اذا رايتها في الحقيقة انما للاسف الصورة غير واضحة

      حذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هدهد سليمان ( قراءة جديدة )

القاضي والمجرم ( قصة قصيرة )

أسماء قداح الجاهلية