شذرات
كنا صديقين متلازمين نقطن بنفس الشارع. تكاد منازلنا تتلامس من فرط اقترابها وتدنو شرفاتنا لتسلم على بعضها. نتقاسم الحياة في حلوها ومرها والشمس في نورها وظلها. الليل يقترب حاملا قمره النص له والنصف الاخر لي. كدنا نتبادل اسامينا والحب والكره ايضا لبعضنا. ولكن كان هناك فرق بسيط بيننا الا وهو انني كنت من الذين يتاملون الدهر ونوائبه اما هو فكان ياخذه على علاته بدون تفكير او ترو حتى كاد التفكير يكبل خطواتي ويشل حركاتي وعقلي يدفعني الى احتساب لحظاتي وهفواتي. اما هو لاينظر امامه وانما الحياة هكذا وقد خلقنا وسوف نعود ايضا هكذا بدون النظر في الامور وعلل المأثور. فافترق بنا الحال الى وجهين . اما انا فقد غمضت علي العلل وزاد التفكير في كل شئ حتى اقتربت الى النظر في الفروض والواجبات التي جبلنا عليها والشك في كل امر لايكون معه الدليل. وهو زادت واجباته وفروضه وحتى غفواته وعيوبه. اصبح لايجيد التفكير ولاينظر في الامور وانما اخذها هكذا. فزاد ظاهر الفرقة بيننا واحتد النزاع الى ان وصل باتهامي بانني اتهاون عن الفروض والواجبات واتنازل عن كل امر بات. فاردت هاهنا ان اوضح له ما هو آت: صديقي الا تعلم بان الانسان...