المشاركات

الوطنية المزعومة والجراند شيروكي

صورة
هناك كم لا بأس به من الناس التي لا تنفك تردد ان مصر في القلب والكبد والفشة والكرشة. حتى ان اي حانوتي قد يعجز عن حمل الاموات من ثقل الوطنية التي تتساقط من كفن الاموات. وبما اننا شعب متدين بطبعه والتدين يفرض علينا ان نكون فياضي المشاعر كثيري البكاء على الفاضية والمليانة ، لذلك تجدنا نتفاخر بوطنيتنا في كل وقت وحين حتى اخالني اننا نغني الاغاني الوطنية ونحن في الحمام . ولا يوجد سبب واضح لهذه الوطنية الزائدة اللهم الا اذا كنا في موضع اتهام من عدو او صديق. واذا جلنا النظر حولنا لنتاكد من عدم وجود من يتهمنا في وطنيتنا فسوف نصطدم في النهاية بكون اعترافنا دائما انما نابع من عقد نقص قد تراكمت على مر السنين. فترداد كلمة مصر في القلب مثل العلكة انسانا ان الزن على الودان امر من السحر . بمعنى ان تكرار كلمة معينة في الذهن يجعلنا اما ان نصدقها تماما وتصبح من المسلمات بدون البحث عن العلل والاسباب او تجعلنا نكرهها جملة وتفصيلة على اعتبار مبدأ ( كتر السلام يقل المعرفة ) او كما قال الشاعر العربلمي ، اديك تقول ما اخدتش  ، وان خدت ما تدنيش دي مصر ام الحبايب وفساعة ما تتنسيش انا قايم بقى يا معلم 

ذات الرداء الاسود

صورة
في ظهيرة احد الايام ، واثناء وقوف حاتم منتظرا وجبة السمك المشوي التي سيأكلها على الغداء. مرت من جانبه احدى ذوات الرداء الاسود . فانتبه قليلا لعينيها اللتان كانتا تلمعان تحت الحجاب. وتذكر مشهدا كان رآه قديما على احدى الكافتيريات. كانت هناك فتاة ترتدي نفس الرداء الاسود وفي يديها طفل لم يبلغ العام تقريبا ووضعته جانبا عندما جاء اليها الساقي يحمل لها نرجيلة من التفاح. فبدأت ترفع النقاب قليلا لكي تأخذ نفسا عميقا من الخرطوم الممدود امامها حتى ان هذه الانفاس كانت تصل الى خياشيم حاتم الذي كان مذهولا من هذا المنظر السينمائي. ولكنه بعد فترة تعود على هذا المنظر وادرك ان الرداء ما هو الا غطاء يداري به الانسان عيوبه كما يلبس وجها يحول به بين مشاعره وبين الناس. عاد حاتم الى واقعه واستدار ساندا ظهره الى البيت المقابل لمحل السمك المشوي منتظرا وجبته. كان هناك وقتا كافيا لكي يرقب الناس والوجوه. مرت امامه امرأة ترتكز على عكاز يحميها من السقوط . ومر من امامه رجل عجوز يمسك طفلا يبدو عليه انه حفيده. البائع يجادل الزبائن ووجهه تعلوه الابتسام حينا والضجر حينا. الزبائن يلحون عليه ان يخفض سعر السمك قليلا و

الفوضوية ومبدأ التسليم

في احدى المرات التي كنت اشاهد فيها مباراة كرة قدم بين منتخب مصر واحدى المنتخبات الاجنبية، لفت نظري ان الجالسين حولي يشاهدون المباراة ويضعون ايديهم على قلوبهم خوفا من دخول هدف في مرمانا. فتركت مشاهدة المباراة ورحت اطوف بين وجوه القوم علني اجد سببا لهذه الحالة الغريبة. هذه الحالة التي جعلتنا متوقعين الهزيمة أقرب منها الى النصر. وبرغم من ان الرياضة بها غالب ومغلوب ولا نعرف من سيكون الغالب ، لكن اجواء الرعب والقلق جعلت الجميع يستشعر الهزيمة حتى ولو لم نتيقن من النتيجة بعد. وكدت اجزم ساعتها انهم من فرط خوفهم ووجلهم كادوا يتبولون على انفسهم. فسألت نفسي ، ما الذي دفع هؤلاء القوم الى مثل هذه الحالة المزرية؟ وبعد مشاهدة العديد من المواقف التي لا تختلف كثيرا عن هذه الموقف، ادركت ان الشك قد علا الهمم والجباه حتى يكاد المرء يشك في اخيه وابيه. والذي دفعنا الى هذا ، اننا لا نرى الا خيبة الامل في افعالنا. فكل عمل نقدم عليه لا يحقق النجاح مطلقا. ومع تكرار الفشل يتملكنا الشك في كل ما نفعله حتى ولو كان ذا مغزى وفائدة. واذا كان سر نجاح اي عمل هو الايمان بما نفعله، فان هذا الايمان – اذا كان موجود اساس

الرغبة بين الشين والميم

بين الشين والميم عشرة أحرف في الابجدية العربية ومثلهم عشرة مسافات في حياتهم اليومية. إنهم طرفي نقيض برغم وحدة الهدف والغاية. فتجد الشين منفتحة صادقة في رغبتها لا تخبئ ما يعتريها من مكنونات النفس وخبايا العقل الباطن وتبوح بكل خلجاتها بدون مواربة او خجل او حتى خشية من افتضاح امرها. وتسعد بإخراج شكواها وتبحث عن من يحل لها هواها. تقدم على الحياة بقلب سليم وتنام قريرة العين كطفل فطيم. يصحو هذا الطفل صباحا ليمرح في الاجواء ويضفي بسمة الامل على باقي الحروف سواء. الشين صادقة مع نفسها لا تعبأ كثيرا بما يقال ولا تعطي للايام مقال. تعرف معنى الحياة والوجود وان الحروف لن تعيش الا نفحة بيد المعبود. فباتت الضحكة صفتها وفتحت فاها فبانت اسنانها. فأحببتها وأحبتني وأقتربت منها وضمتني وذبت في أنفاسها حتى سلبتني أعز ما أملك وأستغلقتني. أما الميم فحزينة لا تستطيع ان تقول ما تطمح اليه ولا يعنيها ما تعانيه. فتجدها مختبئة بين حرفين، تداري نظرتها حتى لا تراها باقي الحروف. تغدو كئيبة وبالصراخ والعويل تعود نحيبة. لا تستطيع ان تطلب ما يداويها وتخاف من رب الحروف الا يجازيها. فترتدي الضمة والكسرة وتضع مساحيق ا

سميرة وفارس الاحلام ( حدوتة )

صورة
يحكى انه في قديم الزمان وسالف العصر والاوان ، كان هناك فتاة في ريعان الشباب اسمها سميرة. فتاة جميلة لا تفارق البسمة شفتيها. ينطلق منها المرح فيملأ الافاق وتغدو الطيور مغردة عند رؤيتها. تقدم اليها الاف الخطاب يريدون الزواج منها وهي ترفضهم جميعا لانها كانت تحلم بفارس ياتي اليها على حصانه الابيض المجنح فيأخذها خلفه ويطير بها الى عنان السماء.كانت تحلم بفارس طويل البنية ووسيم ولفحته الشمس حتى اسمرت بشرته. وبعد ان طالت الايام وجدت فارسها الهمام قادما من بعيد على حصانه . فطارت فرحا به واسلمت روحها لجماله. لم تفكر كثيرا ولم تتردد في القبول بزواجه. وبعد ان طابت نفسها لامره جاء يوم الزفاف سريعا فلبست فستانها الابيض ووقفت توزع ضحكاتها على الجميع. وبعد انتهاء حفل الزواج اخذها الزوج الولهان خلفه على الحصان وطار بها كما كانت تحلم زمان. وصلوا سريعا الى بيتهما فوق السحاب ونزلوا من على الحصان الابيض ، فلفت نظرها ان فارس الاحلام قصير وليس طويل كما كانت تحلم ولكنها لم تلحظه وهو جالس على الحصان. وبعد شهر العسل ، خرجت سميرة للتسوق فرأت ان الحصان لم يعد موجودا. ولما سألته عن الحصان ، اجابها بانه أ

الزواج المقسوم (قصة قصيرة )

صورة
داخل بلدة صغيرة تدعى جرينسكي ، جلس الزوجان تيودور وفاليريا حول طاولة العهد التي وضعها كاهن البلدة. حانت لحظة انهاء زواجهما الذي دام عشر سنوات فقط. مرر الكاهن القلم الى الزوج لكي يوقع امام اسمه على القسيمة ثم مررها الى الزوجة لكي توقع عليها. وبعد التوقيع قام الزوجان وصافحا الكاهن بابتسامة صغيرة وافترقا الى الابد. ترجع احداث القصة الى عشر سنوات حينما كان تيودور يعمل مدرسا في مدرسة، تعرف خلالها على فاليريا. الفتاة الفاتنة ذات العيون الزرقاء والتي كانت تعمل مدرسة لغة لاتينية. احبا بعضهما لدرجة الجنون ، حتى ان زملائهما في المدرسة اتخذوهما إلهين للحب والعشق. لم تمر الا فترة قصيرة حتى اتفقا على الزواج واستشعرا ان الحياة لا يمكن ان تستمر الا وهما ملتصقان ببعضهما. وما ان قررا الزواج حتى استعد الزوج بالسكن الملائم وفرشه بافخم الاثاث. وهمت العروس بشراء كل ما يلزمها. وبعد تحديد ميعاد الزفاف ، قاما بطبع كروت الدعوة التي سيوزعاها على اصدقائهما ومعارفهما. لم يكن يعنيهما شئ في الحياة الا الحب والقرب. لم تنغص عليهما الدنيا بشئ ولم يفترقا لحظة واحدة. وقبل ميعاد الزفاف بيوم ، توجها الى الكاهن ليت

القط ( قصة قصيرة )

صورة
قط أوقعه حظه العاثر في السقوط في صندوق قمامة . الصندوق جوانبه عالية لايستطيع القط القفز منها. حاول جاهدا الخروج وظل يقفز طيلة اليوم ولكن التعب اخذ منه كل مأخذ ففضل ان يستريح قليلا. وبعد ان هدأت نفسه شعر بالجوع والبرد يدبان في اوصاله. فنظر داخل الصندوق واكتشف ان هناك طعام كثير. فبدأ يقلب بمخلبيه الاكل يبحث عن لقمة سائغة بين الفضلات. وبعد بحث وجد ضالته ، عظمة من بقايا دجاجة يكسوها قليلا من الجلد والفرث. اكل منها حتى شعر بالشبع ثم مدد قدميه ورجليه لكي يستريح قليلا قبل ان يعاود الكرة من جديد. ظل ينظر لأعلى ويتأمل حواف الصندوق وهو على يقين من انه سيتخطى هذه العقبة كما تخطى سابقتها. فقام من رقاده واستعد للقفزة ثم خطف الخطفة الاولى ولكنه لم يفلح من بلوغ الهدف. فعاود المحاولة ثانية وثالثة وعاشرة ولكنه لم ينجح رغم ذلك. مر عليه يومان على هذه الحال وهو بين راحة ونشاط. الى ان بدأ الاكل يتعفن في الصندوق ويقل يوما بعد يوم. لم تنجح كل محاولات الفشل تلك ان تثبط من عزيمته ولم يتملك الياس منه ابدا ولم يخالجه شك في النجاح وبلوغ الهدف. وكلما مر الوقت قل الطعام شيئا فشيئا حتى قارب على النفاذ. ومع انخ