بعثة طرق العقول المغلقة


ان مهمة بعض الوزارات لدينا -اعانهم الله على فعل الخير- هي ارسال مندوبين اي ان كان حجم هذا التمثيل الى الدول الخارجية لفتح قنوات اتصال مع هذه الدول من اجل التجارة والتي نسميها بعثة طرق الابواب المغلقة. ومن بعض مهام هذه البعثات هي ايجاد مكان شاغر للعمالة المصرية في هذه الدول. وكم رأينا بعض هذه المهام وسمعنا عنها من هنا ومن هناك. وفي احيان كثيرة تتم فعلا هذه الصفقات من اجل عيون العمال المصريين يصاحبها طبعا ضجة اعلامية بنجاح مهمة الوزير الفلاني او العلاني مع بعض التهليل لكفاءة المصريين بالخارج وحشر بعض نماذج وامثلة من هؤلاء المصريين. ولكم يسعدنا ان نرى بعض الجهد المبذول ولكم يحزنا حين نعلم بضعف مرتبات هؤلاء العمال ومدى المعاناة التي يعيشوها في هذه الدول التي يسافروا اليها ولكن حين تسأل احدهم لماذا لاتعود الى مصر يكون الرد المتوقع وهو (ايه اللى رماك على المر) وطبعا عارفين التكملة. صحيح لااحد ينكر الفرق بين وضعه في هذه البلد ووضعه في مصر وصحيح ايضا انهم يحمدوا ربنا في السراء والضراء ولكن الغير صحيح هو اخلاء سبيل الوزراء المعنيون في مصر من سراي متابعة احوال هؤلاء المصريين بالخارج ولسان حالهم يقول (مش كفاية جبنالهم شغل بره كمان عايزيين نشوفهم عاملين ايه؟). هذه المهمة لايجب ان توكل كاملة الى السفارات المصرية ولايجب ان توضع ايضا في عب السفير وحده ولكن كل له نصيبه من المتابعة المفروضة عليه. ولا يجب ابدا ايفاد مصريين للخارج بدون وضع حد ادنى لأجورهؤلاء المصريين لان منهم من يحمل شهادات عليا وله خبرات من اشغال سابقة. واقوالها عالية مدوية ان سعر المصريين المؤهلين لسوق العمل الخارجي هي اقل الاسعار بين العرب جميعا وذلك بسبب ان الدولة فعلت بهم هذا بفعل فاعل وليس عن جهل. بفعل فاعل بسبب تدني الاجور في مصر.وبفعل فاعل بسبب عدم توافر مقومات الحياة الاساسية من مسكن وخلافه وهي من صميم مهمة الدول. وبفعل فاعل بسبب جشع بعض اصحاب العمل وعدم اعطاء حقوق العمال كاملة. وبفعل فاعل بسبب قلة المتاح من العمل نتيجة عدم تطوير الصناعة وبرامج التعليم. وبفعل فاعل بسبب عدم معرفة القائمين على الامر متطلبات السوق الخارجي. وبفعل فاعل بسبب عدم معرفة متطلبات العمال ذات انفسهم.
ان اسواق العمل الخارجية تعج بثلاث اصناف من العمال. اما الاول فالمهجر قسرا مثل اخواننا الفلسطينيين او العراقيين وهؤلاء لهم نصيب من الحياة بسبب ظروفهم. واما من اصحاب الخبرات وهؤلاء من اصحاب الحظوة التي تتمسك بها الدول الخارجية. واما من النوع الثالث والاخير وهو المقصود من الرسالة هذه- وهم بالالاف- الذين يعانون الامريين ومحصورون بين فكي الرحى . بين تعنت الدول التي يعملون بها بسبب تدني اوضاعهم وبين مصر التي تغط في ثبات عميق ولا تعلم عنهم شيئا . وحين يصرخ احدهم ويأن من فرط الاذلال لا يجد من ينصره ويخرج من المعركة الخاسر الاكبر وتكون النتيجة زيادة في القمع والاذلال وتتدنى رواتبهم اكثر واكثر ولا تجد من يوقف نزيف سعر المصريين بالخارج.
لذلك اقترح على اخواننا العمال تشكيل بعثة مضادة يسمونها بعثة طرق العقول المغلقة تكون مهمتها الاساسية شرح الظروف والمعاناة التي يعيشوها في هذه الدول حتى تتضح الصورة للسادة الوزراء قبل سفرهم ومن ثم اخبارهم ان من الافضل للمصريين جميعا عدم فتح اي باب يزيد من معاناة المصريين سوء ويزيد من رخص سعرهم.
فاننا لانفتح باب للرزق ولكننا نفتح باب للذل فان المذلة من الاهل اهون من المذلة عند الغريب.

اللهم بلغت اللهم فاشهد

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هدهد سليمان ( قراءة جديدة )

القاضي والمجرم ( قصة قصيرة )

أسماء قداح الجاهلية