العلم وسنينه

عندما كنت اشاهد احدى المحطات الفضائية الدينية كان هناك شيخ يتحدث عن دور العلم في المجتمع وفائدته التي تعم على الجميع واننا يجب ان ناخذ العلم من اصحاب العلم وهكذا وهكذا الى ان توقف وشمخ شمخة ونعر نعرة وقال باننا ايضا اصحاب العلم الشرعي واننا الذين ابتكرناه واخترعناه فانتبهت الى مايقوله جيدا فبدا في سرد القصص والاقاويل التي تدعم كلامه الى ان انتهى في النهاية باننا ايضا لنا مخترعاتنا وحضارتنا وثقافاتنا وهلم جرة (هات ايدك والحقني)
الى هنا انتهى الموضوع المثير المثمر والذي لاتتذكر منه شئ بعد ان تنام وتصحو. ولا اخفيكم سرا بان مثل هذا الكلام يثير في نفسي شئ من الاشمئزاز والنفور وحاشى لله ان يكون نفوري من الدين في ذاته ولكن نفوري ياتي من الفكر الاسلامي المعاصر ومن حملة المشاعل ونافخي الارب.
وبالنظر عن قرب الى كل حملة لواء العلم الشرعي كما يدعون تجدهم لاينفكون عن شرح العلل والاسباب والمقدمات والمؤخرات والطالع والنازل وكاننا لانعلم من ديننا شئ ولسان حالهم يقول هكذا هو العلم الذي يجب ان يرسل الى الناس وهكذا هو الجهاد. وبما انني مقتنع تماما بان الاعمال بالنيات ويمكن ان تكون نهايته الجنة لكن الطريق الى النار ايضا معبد بالنيات الحسنة ولا يمكن ابدا الحكم على الجميع بانهم قديسين وشهداء ولكنهم من وجهة نظري محدثين اخر الزمان.
ومن نافلة القول ان الدين من السهولة بمكان ان يفهمه ويعقله صاحب النذر اليسير من النظر ولا يتطلب ابدا كل هذا الكم من المشاهدات والكتب لان الحلال بين والحرام بين وكل ماهو خارج هذا الاطار يخضع للبحث والتقصي. او بمفهوم اشمل واعم هو اذا استعصى على احد امر خارج هذا الاطار فعليه فقط ان يسال. واحب ان اقول ان القليل جدا هو خارج هذا الاطار لاننا نعلم كل شئ عن ديننا وكل مالانعلمه لن ينفعنا الا في الشكليات فقط.
ولكي اوضح المقصود فسوف اضرب مثلا على كلامي هذا الا وهو مسألة الوضوء وبالاخص موضوع المسح على القدمين بدون غسيل كامل فقد تبارت كتب الفقه في الشرح والتحليل عن المسح اعلى القدم والمسح اسفل القدم وافردوا لها الصفحات مع اننا اليوم لدينا من الماء مايكفينا ولن نذهب ابدا الى ابعد من ذلك.
المثال الثاني هو موضوع استخدام السواك. فالاساس في استخدام السواك هو نظافة الاسنان وليس استخدام السواك في حد ذاته. فلا يجب ابدا الخلط في الموضوع . والامثلة على ذلك كثيرة
وذلك الخلط والتضارب في الشرح والفهم حدث نتيجة خطا في القياس . فاليوم ليس كالامس . وغدا ليس كاليوم . وكل زمان له اسبابه وعلله ولا يمكن باي حال من الاحوال قياس الماضي على الحاضر لان ذلك يسبب جمود الفكر وتخلفه وعدم تحركه من مكانه .وكل مكتبة الفقه بالكامل ماهي الا كتاب واحد تم فرده وتسطيحه . الورقة بعشر امثالها.
ولن اخوض في الشرح لعل هذه الديباجة تكفي لكي اوضح ماهو قادم وهو موضوع هذه الرسالة:
انني احاول ان اصرخ واستصرخ الجميع بان يعوا بان كل علم دنيوي يفيد البشرية جمعاء هو جهاد ايضا في سبيل الله وكل مجاهد بعلم دنيوي هو ايضا من الشهداء وليس فقط اصحاب العمائم والتمائم.
الم يع الجميع بعد بان القائم افضل من القاعد؟ الم ير الناس بعد بان الجهاد في سبيل العلم الدنيوي افضل من استيراده من الخارج وباننا سوف نحاسب على مافرطتنا من علم الله؟ الم يبصر الجميع بان العلم الدنيوي ايضا هو علم انزله الله على عباده المخلصين مهما ان كانوا كفرة او ملحدين لان تعريف المخلص هو المخلص في عمله اي ان كان؟ الم يسال الناس بعضهم لم اختص الله الكفرة بهذا العلم ونحن له مسلمون؟
الم يكفينا بعد تجرعنا قصة سيدنا موسى وعيسى والنبيين من قبلهم؟ الم تعوا بعد الرسالة التي ارسلها الله الينا؟ الم تيأسوا من الحديث عن الجنابة والطهارة والشرف والامانة والربا والمسيخ الدجال؟
الم تنتبهوا الى انكم تمجدون الدين ولا تمجدون صاحب هذا الدين؟
ان العلم مهما ان كانت وجهته فهو من عند الله . الم تكن القنبلة النووية هي نتاج عمل شريف؟ صحيح يمكن استغلال العلم في عمل غير شريف لكن الاساس القائم هو تعلمه مهما ان كانت طريقة استخدامه. فالاساس هو التعلم والوصول الى الحقيقة مهما ان كانت المعاناة والصعوبة وما التجربة الا تطبيق عملي لهذا العلم والنتيجة النهائية للغاية المرادة.
ليت شعري, احب ان اقول ان استخدام العلم مهما ان كانت وجهته وفعلته فهو قائم بذاته وطريقة استخدامه سواء كانت في حلال او حرام فهي لاتخضع ايضا الا لمقاييس صاحبها فهاكم حسناتي وهاكم سيئاتي فلي جمعها ولكم احصائها ان استطعتم !!!!!!!!