المريدين والحالة الاخوانية


مرت فترة ليست بالقليلة احاول فيها سبر اغوار الحالة الاخوانية التي ظهرت علينا مؤخرا. وانني ادعي انها ظهرت مؤخرا لاننا لم نكد نراها في السابق الا فلتات او ومضات تاتي احيانا اثناء انتخابات مجلس الشعب واحيانا اخرى كنا نسمع عنها انها داخل السجون. ولا اخفيكم سرا انني كنت من المتوهمين في صفائها ونقائها بحكم ما كان يبدو على السطح من انها مضطهدة من قبل النظام الحاكم. ولكن هذه المرة بالذات عندما اقتربنا منها ومن تصرفاتها وجدناها لم تكن مضطهدة ابدا ولكنها صنعت الاضطهاد لنفسها او هكذا رسمت لها صورة في مخيلتها. وكل من راقب تصرفات الاخوان واقوالهم يتعجب من كم الترهات التي يدعونها والتي لا تقترب من العقل قدر اقتراب القمر من الارض . ولن نسرد مقولة او فعلة مما فعلوه مؤخرا فصفحات الجرائد والتليفزيون أجلت ما قد خفي عنهم.
حالة الاخوان اظهرت ان هناك خلل ثقافي واجتماعي داخل بنية الاخوان لم يكن ملحوظا في الفترات السابقة كونه متوغلا في عالم الاسرار. هذا الخلل ادى الى انعزال فئة بعينها وجعلها تبدو داخل نفسها انها مضطهدة مما زاد احساساتها بان الاوان قد ان لكي تخرج الى النور وتعلن عن نفسها عنوة. والذي دفعها الى ذلك هو الفرصة التي واتتها في الوصول الى الحكم مما حدى بها الى التصرف بهذه التصرفات العصبية الفجة . وجعلها لا تدرك مقدرات الشعب المصري ورغبته في العيش بامن وسلام. ومن هنا وجب علينا ان ندرك نقطة في منتهى الخطورة ، وهي ان الاخوان لديهم من الكفاءات الظاهرية ما يدل على ان العلم التقليدي الاكاديمي ليس مقياسا ليصبح قاعدة في سبيل رفعة شأن الانسان ومستوى تفكيره وثقافته وبالتالي نهضة بلده. وهناك نماذج كثيرة يصعب حصرها تخرج من بين ثناياها كلمات تبدو لاول وهلة انها تخرج من مخبول  او مجنون او معتوه. ( فما ينتجه المخيال لدى الاخوان يدخل ضمن عوالم الممكن المنفصلة عن قوانين الواقع والياته في التحكم والتوجيه والتوقع ) .
وقد اظهرت الاحداث مؤخرا ان خطورة المتعلم الجاهل لهي اكثر بكثير عن الامي الجاهل . لان المتعلم الجاهل لديه من قوة التاثير والاقناع المزيف مايستطيع به ان يسيطر ويؤثر على الامي الجاهل ويسوقه الى الحد الذي قد يجعله يقدم على اي فعل متهور وجنوني. وليس ادل على ذلك من قول احدهم ان جبريل عليه السلام قد نزل لكي يؤيد ويدعم مرسي او ان نور قد اظل القوم دليلا على حجتهم ونقائهم او ان خلع مرسي اعظم من خلع احجار الكعبة !! . وراينا كيف ان الاتباع لم يخرج من بينهم معترض او سائل يسال عن ماهية هذا الكلام .
ويسوقنا الحديث الى نقطة لم نتوصل اليها الى الان وهي ، هل يصدق الاخوان ذات انفسهم ما يقولوه؟ ام انهم يتاجرون فعلا بهذه الكلمات ويتخذونها للاستهلاك المحلي لتنويم الاتباع والمريدين؟ والذي اعسرنا على ايجاد اجابة شافية وافية لهذه الاسئلة ، هو اننا راينا اناس تدافع عن هذا الكلام بكل قوة ولا يعتريها شك في صحته, فكيف يصل الانسان الى ان يكذب على نفسه حتى يصدق ما يقول ؟ وكيف تخرج هذه الكلمات من اناس لديهم شهادات جامعية وبعضهم وصل في السلم الاكاديمي الى الدكتوراه.
كيف يتحلل الانسان ويفقد عقله في سبيل قضية دنيوية؟ كيف يتخلى هذا الانسان عن مبادئه وقيمه واخلاقه مهما كان مراده وقضيته.
ولماذا سلكوا هذا المسلك؟ اليس من الاجدى ان يقولوا صدقا حتى يصدقهم الناس ويميلوا اليهم؟ فحديث الصادق  يختلف تماما عن حديث الكاذب وكل من له بصيرة يدرك هذا الفرق ولو كان ضئيلا. ولا يمكن ان ينال الانسان الحسنى بالكذب فاذا كانت القضية نبيلة وسامية فلا يمكن الوصول اليها بالكذب ، ولا نعرف من استلهم هذا المنطق وهذا الاسلوب في التجارة. وكل مجهودهم سيضيع سدى لان طريقهم الذي اتخذوه في مواجهة الناس هو طريق الافك والضلال. ومهما كانت القوى التي يتذرعون بها فانهم لن يقووا على الصمود امام شعب ثائر لازالت دماء ابناءه تلطخ صفحات الطريق. ولا يمكن ان يلووا عنق الناس في سبيل الوصول الى الحكم حتى ولو علقوا الناس جميعا على المشانق.
ملحوظة : انتبهنا مؤخرا الى ان قطاع كبير من داعمي الاخوان ليس لديهم ادلة على صحة الاخوان فيما يفعلوه ولكن كل ما هنالك ان لديهم قناعة ( غير مبنية على اسس علمية او شواهد مادية ) بانه قد يكون الاخوان على صواب وان المجتمع لم يعطيهم الفرصة كاملة على اخراج ذلك. ومن هنا يتضح ان النظرة القاصرة وعدم القدرة على التحليل المنطقي وعدم القدرة على ربط الشواهد والادلة انما هي سمة قطاع كبير من المؤيدين . وهم للاسف الشديد بينهم جزء كبير من حاملي الشهادات العليا. وبناء عليه وجب على الدولة في المرحلة القادمة تطوير منظومة التعليم بالكامل لحل مشكلة الطالب المؤدلج الذي لا يستطيع ان يخرج من نطاق الكتب المدرسية. وطرح منظومة جديدة من التعليم تتخذ الخط التفكيري وعدم الاعتماد على الحفظ نهائيا. فبدون تعليم عقلاني تطوري لن تقوم لهذه البلد قائمة وستظل المزرعة تخرج لنا مما تنبت الارض من خبثها.  ومع ادراكنا بان الموضوع اكبر من ان يطرح في سطرين ، الا ان ما نود تلخيصه في هذين السطرين هو ان البلاد لا تقوم ابدا الا بالعقول النابضة بالتفكير والتحليل وليس بالعقول المغيبة الحافظة للكتب المدرسية التي لا تستطيع ان تتبين الشرق من الغرب برغم وجود بوصلة في ايديهم بسبب انهم لم يتعلموا طريقة استخدامها!!


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هدهد سليمان ( قراءة جديدة )

القاضي والمجرم ( قصة قصيرة )

أسماء قداح الجاهلية