الاخوات المسلمات والاخوات الكافرات بين الذات والموضوع



اذا نظرنا الى هاتين الصورتين بتمعن لمحاولة استكناه شكل وطبيعة ايمان الفريقين بالقضية المزعومة محل الخلاف وهي هنا قضية عزل مرسي من الحكم ، نجد ان الاخوات المسلمات يؤمنن بان مرسي لا يجب عزله ابدا لانه قد اختير من الله سبحانه وتعالى كما قال لهن شيوخ الفتنة والدجل. وبالتالي فهن لا يمكن ان يصدقن بان الله قد ازاحه عن الحكم برغم دعائهن المستمر بدون انقطاع الى الدرجة التي يمكن ان ترى احداهن تبكي على ذهاب المعزول وتناجي ربها لعودته. فالقضية من وجه نظر الاخوات المسلمات هي قضية ربط ايمانهم الخارجي بعودة مرسي بايمانهم الداخلي بالله. بمعنى ادق ، هن يربطن ما بين ما قاله لهن الله بان دعائهن سيتحقق من فوق سبع سماوات لانهن مؤمنات محصنات يؤدين فروض الله دائما وبالتالي فالله سوف يحقق لهن ما اردن. ولكن الذي لم ولن يفهموه ، انهن بنفس هذا المنطق والعقيدة قد وضعوا الله مقام المنفذ لاوامرهن او جعلوا الله هو ( حاشا لله ) عفريت مصباح علاء الدين. فالله لا يمكن ان يتقبل الدعاء بهذا المنطق ، لان الانسان لا يمكن ان يزكي على الله احدا . فلو اراد الله بانسان خيرا لفعل بدون النظر لافعاله ولو اراد ان يهلك انسان لفعل بدون النظر اليه ايضا. وكما قال الله في سورة المائدة (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ۚ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ۗ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) 17. فالله في هذه الاية الكريمة يرد بقوة على كل من ادعى الوهية المسيح ، وهي ان الله قادر على اهلاك المسيح وامه ومن في الارض جميعا. وعليه فالله يفعل في عباده ما يشاء ولا يمكن لاي انسان ان يتنظر من الله ان يحقق له ما يريد كلما رفع يده الى السماء. صحيح قد يحقق الله بعض الاماني ولكن ليس دائما كل دعاء مستجاب. لان الله يختبر عباده ولن يكون للاختبار اي معنى او فائدة عندما يحقق الله كل ما يريده العباد في اي وقت.وللاسف هذا الفكر والعقيدة قد يؤدي بالانسان الى طريقين لا ثالث لهما . اما ان يكون مصدقا لكل ما يلقى على اذنيه اناء الليل واطراف النهار وهذا مآله الى مستشفى المجانين لانه لن يجد الا زبد البحر بين يديه وبالتالي فلن يستطيع مقاومة فكرة ان الله لم يحقق له ما اراد وسيعتقد بان الله لم ينصره برغم دعائه المستمر بلا انقطاع وسيتعاظم لديه الاحساس بان الله لم يستجب لدعائه لانه قد يكون مذنب وسيحاول عندها ان يتشدد اكثر فاكثر لمحاولة درء وابعاد شبح الذنوب عن روحه ونفسه. وفي النهاية سينهار تماما ويختل عقله ويتدمر ذاتيا او يحاول تدمير المجتمع بدون النظر في اي عواقب.
اما الطريق الثاني وهو الانسان الذي به ذرة من عقل يحاول به استكشاف لماذا لم يحقق له الله مطلبه. هذا الانسان لن يجد الاجابات الشافية لانه تعود ان يسمع من طرف واحد فقط بدون البحث عن معارف اخرى تساعده على تهدئة نفسه الحزينة المصابة في عقيدتها. ونتيجة لعدم قدرته على اكتشاف الحكمة التي سببت له كل هذا الحزن فلن يجد مفرا في النهاية من ادخال افكار قد تؤثر عليه في صميم عقيدته ويتسرب اليه الشك في كل من حوله ويبدأ بالتدريج في اقتلاع كل ما اعتقده سابقا محاولا اتخاذ سبيل اخر غير سبيل الدين الذي لم ينل منه الا كل حزن وغم. عندها لن يجد الا باب الالحاد والكفر بالله مفتوحا على مصراعيه يناديه كما تناديه النداهة فيسلم لها المقادير بدون ادنى مقاومة منه.

النقطة الاخرى التي تشعل غضب الاخوات المسلمات ، هي نظرتهن الى الاخوات الكافرات ( هذا التعبير ليس وصف لحالة بقدر ما هو استخدامه كتعبير مجازي ينطق به الاخوات المسلمات على كل متبرجة ) واشتعال الغيرة منهن على فرحهن بسقوط مرسي. هذه الغيرة تتحول الى نظرة غضب ومنها الى الحقد الذي قد يؤدي في النهاية الى محاولة طمس اي محاولة داخل المجتمع لتحسين صورة المراة الفاعلة في المجتمع. ومن ثم قد يؤول الحقد في النهاية الى محاولات الى ازلال هذه المراة المتبرجة باي طريقة كانت. وقد حدث بالفعل صور الاعتداء على سيدات وفتيات داخل اعتصام رابعة بعد خطفهن من اماكن متعددة ومنهن من تم ارغامه على الزنا بدعوى جهاد النكاح. والملاحظ  هو تورط الاخوات المسلمات في جلب الاخوات الكافرات لكل ثور هائج ومجرم شبق لكي يتم التنكيل بهذه المراة التي فرحت بسقوط مرسي. ان الامر لا يغدو اكثر من اشتعال الحقد داخل هذه النفوس المريضة التي لا تعرف عن الدين الا النكاح والقتل والتدمير ولا تعتبر لقيمة الانسان على الارض ولا تنظر الى الاخر الا على انه شيطان يجب محاربته لانه لا يتقرب منهم او يفعل فعلهم.
هذه المشكلة بسبب اختلاف النظرة الى الحياة وعدم القدرة على اكتشاف الفرق بين الذات وما تريده وبين الموضوع وكيفية تحقيقه. فالذات لدى الاخوات المسلمات تسقط الموضوع على ارض الواقع وتحاول تحقيقه بالدعاء وليس باتخاذ الاسباب. وبرغم ادعاء الذات انها تؤمن بالله الا انها تناقض هذا القول بالفعل عندما لاتفعل مايريده الله منها. الذات لا تعرف العمل ولا تقيم للعلم وزنا وكل همها في الحياة انها تاكل وتشرب وتنكح ومن ثم تنام قريرة العين . هي تترك كل شئ بيد الخالق حتى في طريقة اختيار زيها وطريقة حياتها. ومن هنا حدث اللبس لدى الاخوات المسلمات عندما وجدوا دعائهن لا يتحقق وصدموا عندما وجدوا الاخوات الكافرات فرحات بزوال رئيسهن المؤمن. واعتبروا هذه الفرحة بمثابة اعلان حرب عليهن وجب رفع السلاح لقمعها لان الاخوات الكافرات لا يمكن ان يقيما حدود الله. ومن ثم يجب قتل كل متبرجة وازلالها واخضاعها تحت رحمتهن حتى يتحقق شرع الله الذي يردن ان يتحقق.





تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هدهد سليمان ( قراءة جديدة )

القاضي والمجرم ( قصة قصيرة )

أسماء قداح الجاهلية