عرّبتْ خرّبتْ


تعود القصة الى اوائل الثمانينيات عندما قامت الحكومة العربية بالتعاقد مع احدى الشركات النرويجية لادارة مجموعة من السفن كانت قد اشترتها الحكومة العربية مؤخرا. وبالفعل قامت الشركة النرويجية بادارة الاسطول بالكامل سواء من حيث التشغيل او ادارة الافراد . وقد وضعت الشركة النرويجية نظام الادارة بالكامل كنسخة مطابقة لما هو معمول به في النرويج. وسارت السفن تبعا لهذا النظام الدقيق كعقارب الساعة المضبوطة تماما على مقياس جرينيتش . حتى ان بعض الافراد العاملين على السفن كانوا يقومون بتعديل روزنامتهم وفقا لجدول هذه الادارة.  وسارت الامور بهذه الشركة على ما يرام حتى ان  اسهمها قد ارتفعت في السوق وصارت مضرب الامثال بين الشركات .
وبعد عقد من الزمان ، افتى احد جهابذة الحكومة العربية بسحب الادارة رويدا رويدا من تحت يد الشركة النرويجية بحجة انها تحصل على نسبة كبيرة من الارباح وبالعملة الصعبة . وانهم قادرون على تشغيل هذه الشركة افضل منهم واصبح لديهم من الخبرات ما يؤهلهم لادراتها بيسر وسهولة . هذا بالاضافة لما سيحققونه من الحصول على كل الارباح من وجهة نظره الالمعية .
وبالفعل بدأت الحكومة العربية بسحب البساط من تحت يد الشركة النرويجية برغم العقود الموقعة بينهم . وبعد محاولات مستميتة من الشركة النرويجية للحفاظ على الشركة الا انها رضخت في النهاية وآثرت الانسحاب بعد ان وجدت صعوبات كثيرة بدأت تلوح في الافق .
وانتقلت الادارة بين يوم وليلة من اجنبية الى عربية .عندها اطلق الحاج عبد النبي لحظة سماعه الخبر صيحته المدوية والتي هزت الارجاء ، عربت خربت ..!
وبسرعة البرق وصلت صرخة الحاج عبد النبي الى الادارة الجديدة بواسطة العصافير العربية الاصل والمنشأ . فما كان منهم الا ان ارسلوا رسالة تحذير للحاج بعدم اطلاق الكلام المغرض واثارة المشاكل وان يلتزم حدود الادب . فهم الحاج عبد النبي الرسالة ووضع ( بلغة في خشمه ، او صرماية في تمه على رأي السوريين ) وسكت ..
الا ان صرخة الحاج عبد النبي ما كانت الا نبوءة من صوفي في خلوته او الهام راهب في معبده. ولم يدرك احد حينها بعد نظرته وادراك ملكته . حتى انهم تجاهلونه تماما ولم يسمعوا جرس الانذار الذي اطلقه وكأن في اذانهم وقرا .
وبعد مرور عقد آخر على صرخة الحاج عبد النبي لم يكن قد تبقى من الشركة الا اليافطة التي تعلوا المقر ، تكسوها الاتربة وينسج عنكبوت شباكه عليها بعد ان اطمئن ان زوار المكان قد رحلوا تاركين وراءهم بقايا اوراق مبعثرة على الارض ومكاتب تغير لونها بفعل الرطوبة وكراسي خشبية مهشمة . واطلال ذكريات لسفن كانت تمخر عباب البحر طالتها اليد العربية فحولتها بعصاها السحرية الملعونة  الى خردة تباع بالكيلو في اسواق الهند ..!!!

  

تعليقات

  1. هو انا مش فاهمة ايه الدولة العربية دي تحديدا بس هو واقع للأسف في الدول العربية كلها
    تحياتي

    ردحذف
    الردود
    1. الحقيقة انني لا اذكر اسماء مطلقا حفاظا على بعض الخصوصية ولكن كل ما اكتبه حدث بالفعل . وشكرا لك على المتابعة . واعتذر منك للتاخير في الرد

      حذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هدهد سليمان ( قراءة جديدة )

القاضي والمجرم ( قصة قصيرة )

أسماء قداح الجاهلية