الجبري والقدري
الجبْري والقدَري
- ما هذه العجلة يا أخي؟ لقد عرضت نفسك للخطر. أما كان الأجدر بك إنتظار حافلة اخرى؟
- لم يحدث إلا الخير والحمد لله.
- أي خير؟ ألا تخشى أن تسقط تحت عجلاتها فتموت؟
- كلا لا أخاف هذا ولا أخشاه.
- أمجنون أنت؟ الا تخاف الموت؟
- لا أخشى الموت أبدا لانه لامفر منه ولأن العمر مقدر في الازل. فاذا جاء أجلي لا أستأخر ساعة ولا أستقدم. بل لو كنت في بيتي وكان مكتوبا على أن أموت تحت عجلات الحافلة الكهربائية لجاءت إلي في مضجعي لكي تقتلني. جفت الأقلام وطويت الصحف.
- وما أدراك أن عمرك مكتوب منذ الازل؟
- أجل أجل إن عمري مقدر ومكتوب منذ الأزل. ولا أدل على ذلك من أن كثيرين ينجون من الموت بأعجوبة وأخرون يلقون حتفهم بأتفه الاسباب. فلو كان الحذر يجدي او كانت المخاطر تؤذي لما نجا من الخطر ناج ولما أصاب الحَذِر مكروه. أفلا ترى المقعد في بيته تتهافت عليه الارزاق؟ وكم من جادِ في طلبه لايجده؟
سيطلبني رزقي الذي لو طلبته لما زاد والدنيا حظوظ وإقبال
- ولكني أرى ايضا أن من يلقي بيده الى التهلكة يكون كمن يسعى الى حتفه بيده، وأن من يقعد في بيته لايريم عنه ولا يهتم بطلب الرزق يموت جوعا.
- نعم إنه يموت لا لأنه قعد عن طلب الرزق بل لأن أجله قد جاء. وهكذا الحال فيمن يهلك عند تعرضه للخطر. فلولا ان الموت قد كتب عليه لما أسرع الى حِمامَه. (الحِمامَ = الموت)
- هذا كلام لايقبله العقل، لأنك تستطيع أن تودي بحياتك متى أردت.
- كلا! انا لاأستطيع أن أموت متى أردت، وكم من شخص حاول الإنتحار فحيل بينه وبينه! فأنا لا أموت إلا بقضاء الله وقدره.
- هذا عين الجنون.
- بل هذا عين العقل.
تعليقات
إرسال تعليق