قصة مدينتين


كان ياما كان ياسعد يا اكرام مايحلى الكلام الا بذكر النبي عليه الصلاة والسلام. كان هناك مدينيتين كبيرتين يفصل بينهما طريق عريض . احدى هاتين المدينتين اسمها السعد .كانت هذه المدينة محاطة بسور عالي وبوابة ضخمة حديدية لايدخلها ولايخرج منها الا سكانها وكانت هذه المدينة للاغنياء فقط وكانت هذه المدينة تحمي كل من يدخل اليها بدون النظر الى افعاله او حتى البحث عن مصادر دخله.. اما المدينة الاخرى فكانت اسمها الوعد ولم تكن لهذه المدينة اي اسوار او ابواب وكانت هذه المدينة تعج بالفقراء. كان سكان مدينة الوعد يشخصون ابصارهم دائما ناحية مدينة السعد ممنيين انفسهم بالعيش السعيد والعمر المديد لايكلون البحث عن مهرب من مدينتهم واللجوء الى مدينة السعد ولكن كان من شروط العيش داخل مدينة السعد ان يكون طالب اللجوء اليها من اصحاب الحظوة والغنى ولا تقل ثروة الساعي عن مليون جنيه وان يكون من اصحاب المشاريع التي تدر دخلا كبيرا. ولكن كيف لاصحاب الفاقة ان يكون معهم مليون جنيه ومشاريع؟ هنالك وقف سمير داخل حجرته الصغيرة مفكرا في الطريقة التي يجني بها هذه الاموال لكي ينتقل الى مدينة السعد وفي نفس الوقت كان خالد وهو جار لسمير يفكر في نفس الموضوع. كما كان يفعل كل سكان مدينة الوعد. كان سمير يعمل نجارا في ورشة عم صلاح وكان خالد موظف في مكتب بريد الحي . اهتدى سمير الى الطريقة التي سوف يجني بها المال وهو ان يعمل بجد ومثابرة لكي يفتح ورشة مثل الورشة التي يعمل بها . سار سمير في طريقه يوما بعد يوم حتى اجتمع لديه مبلغ يكفيه لكي يحقق مشروعه . لم يتواني سمير في البحث عن محل يتخذه .وبالفعل وجد ضالته في دكان صغير يبدأ فيه حلمه . ظل سمير يعمل بدون كلل او نصب حتى اجتمع لديه مبلغ من المال ففكر بان يوسع تجارته ويستورد الخشب من الصين . فقد نما الى علمه بان استيراد الخشب من الصين لن يكلفه كثيرا وبالفعل لم يتردد وبدأ في استيراد الخشب وبدأت تجارته تكبر شيئا فشيئا حتى صار من التجار الكبار عندها بدأ يجمع ماتكون لديه من ثروة واعمال فحصل في نهاية المطاف على مراده. فقام في صباح احد الايام متوجها صوب باب مدينة السعد حاملا معه كنوزه واعماله وما ان طرق باب المدينة حتى تم له ما اراد وصار من سكان مدينة السعد الاغنياء.
اما خالد فقد هداه تفكيره في ان يتلاعب في مصاريف التحويلات التي كانت تتم في مكتب البريد بدون علم اصحابها وبدا يتلاعب في حسابات الصادر والوارد بدون علم احد. وبدا في تجميع ثروته يوما بعد يوم الى ان وصل الى مبلغ المليون جنيه. وما ان تم له ما اراد حتى توجه مباشرة الى مدينة السعد مقدما اوراق اعتماده وترك خلفه مكتب البريد منهارا وقد افلست مصلحة البريد على يديه. ودخل خالد مدينة السعد وهو في قمة السعادة والفرح وانغلق الباب الحديدي ثانية على مدينة السعد .
وقف سمير مرحبا بقدوم خالد الوافد الجديد متمنيا له مزيدا من التقدم والرقي.
هنالك وقف سمير متأملا حال الناس وهو يقول" عجبت لك يازماني عندما يكون البناء واقفا جنبا الى جنب مع التدمير .فان الهدف واحد وهو الحصول على المال والغنى ولكن الوسيلة مختلفة تماما فاما انا اتخذت طريق البناء والتقدم اما خالد اتخذ طريق الهدم والتدمير .صحيح اننا متساويان في المال ولكننا لايمكن ان نتساوى في العقول . لقد تحققت مقولة ميكيافيلي وهي ان الغاية تبرر الوسيلة .ولكن شتان بين الطريقين .
واذا كان الطريقين يحققان نفس النتيجة وهي الغنى فلماذا يتخذ جانبا من الناس طريق الهدم ؟ الا كان الافضل لهم بان يبنوا دون ان يدمروا؟ وبان يصلحوا دون ان يكسروا؟ الى هذه الدرجة اضمحلت العقول والنفوس؟
عند هذه النقطة التفت سمير الى سكان مدينة السعد التي يقطن فيها الان فوجد نصفهم يهدم ما يبنيه الاخرون!!!!!!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هدهد سليمان ( قراءة جديدة )

القاضي والمجرم ( قصة قصيرة )

أسماء قداح الجاهلية