العلبة دي فيها فيل

من الامور المؤلمة على النفس والضمير ، ان تغض الطرف عن وقوع احدهم في البير ( الهمزة في البئر تقلب ياء في حالة الكسر قبلها فيقال : بير بدلا من بئر). ولكن هناك الكثيرين الذين يفضلون السقوط في البير عن ان تقدم لهم يد العون والمساعدة. واذا حاولنا ادراك سبب ممانعتهم ورفضهم لفكرة المساعدة ، نجدها لا تخرج عن كونها كبرياء اصاب تفكيرهم وجعلهم يغلقون كل ابواب المد في وجوههم. ومن هذا المنطلق ، يغرقون في لجج الظلام الدامس بدون اي استرشاد بضوء او دليل. واذا علمنا ان النور موجود حولهم وهم يعلمون مصدر الوصول اليه ولكنهم يديرون ظهورهم معتقدين في الوقت ذاته انهم يستطيعون ان يشعلوا نار تضئ ما حولهم بطرق حجرين مصمتين. وتغافلوا ان الحجرين يكسوهما البلل ومن المستحيل ان ينتجا اي شرر. فظلوا يعرجون في الظلام بعد ان باءت كل محاولات انتاج النار للفشل. الغريب في الامر ، انهم لا يعترفون ابدا بالفشل ويعتقدون انهم نجحوا فيما فشل فيه الاخرون. وظنوا ان مجرد محاولاتهم لانتاج النار هي نجاح، ولا يكتفوا بذلك ولكنهم يطلبون المزيد من التقدير والاطناب ويقيمون الافراح والليالي الملاح على جهدهم الذي بذلوه وتعبهم الذي دفعوه ويحثون الناس على شكرهم والاصغاء لكل مقالاتهم. وبعد ان يستوثقوا من ان الجميع يصدقهم يصبح جدهم وهزلهم سيان، حتى انهم لايفرقون بين الخطأ والصواب وتاتي الطامة الكبرى عندما يخرجون العلبة ويؤكدون للجميع ان العلبة التي في ايديهم فيها فيل. فيقتنع بهم كل مخبول وعابر سبيل غير مسئول. وعندما يستوقفهم احد ويحاول فتح العلبة لاثبات ان هذه العلبة من المستحيل ان تحتوي فيلا ، ينهشون لحمه ويمصمصون عضمه ثم يلقونه للكلاب لتكمل عليه. فلا يتبقى لهم في النهاية الا الخراب يتمثل لهم في شكل جبل سامق يقفون عليه ويرقصون حتى الصباح. وفجأة ينهار الجبل من تحت اقدامهم ويسقطون من عل. وبعد السقوط المدوي تجدهم يتعجبون ويندهشون من هذا السقوط ويحاولون فك رموزه وتعتريهم الحيرة. ويكون الفشل ايضا هو نصيبهم في اكتشاف اسباب فشلهم. فيخرجون من فشل الى فشل ولا يستطيعون ابدا الخروج من هذه الدوامة. وكيف ينجو الجاهل من ظلام جهله !!

هل اصبحنا نحيا هذه الحياة قسرا ؟ هل استعذبنا صم أذاننا ام ضمرت من كثرة اغلاقها ؟ هل اصبحت جحورنا هي الملاذ الامن ، نلوذ بها بعد ان تعيينا النظرات؟ هل اصبحت اعيننا اقواس لسهام نطلقها في الوجوه لقتل البسمة والامل؟ من اين اتينا بكل مشاعر الحقد هذه؟ من اي جحيم مخيف جئنا بالكره الذي يملأ القلوب؟

الا آن الاوان ان نسمع بعضنا الى النهاية ؟ الا آن الاوان لكي نفتح العلبة ونعرف ما بداخلها ؟ الا آن الاوان ان نكف عن الرقص على اجساد بعضنا؟ الا آن الاوان ان نكون اسوياء ونعرف ان بالحب وحده تحيا الحياة؟ الا آن الاوان ان لا يشمت المنتصر في المهزوم؟ الا آن الاوان ان يتقبل المهزوم الامر ببساطة؟ الا آن الاوان ان نكون انسان؟؟؟؟

اذا لم نفتح العلبة ونعرف ما بداخلها ، لن نشفى ابدا من امراضنا بل على العكس ستزيد اسقامنا وتتوغل الميكروبات الاخرى في اجسادنا وستغزونا افكار اللامبالاة ( الطناش، تكبير الدماغ ،ماليش دعوة يابا، ياكش تولع) والدعوة الى التدمير ويصيبنا الخرس التام. وبدلا من ان نمنع انسان يحاول القفز من فوق كوبري قصر النيل ، سنتجه اليه لدفعه والخلاص منه !!!!!!

متى نفتح هذه العلبة ؟؟؟؟