الاوباش


اوباش في اللغة العربية تعني اخلاط الناس او عوامهم. وهي كلمة صحيحة مائة بالمائة وتنطبق في حالتنا هذه على كل الناس الذين تعرفهم وتضعهم في خانة الاوباش. فلا يوجد بيننا انسان لا يصنف الناس الى وجهاء واوباش. وليس ذلك فقط ولكن خانة الاوباش تزداد اتساعا الى الدرجة انها طغت على خانة الوجهاء. ويمكن تصنيف درجات الاوباش الى مراتب ، فمنهم من هو دون الحمار ومنهم ما فوق ذلك. ومنهم من هو دون الطفل ومنهم ما فوق الكهل . واذا اردنا تعريفهم او ضرب امثلة عليهم لتكون الصورة واضحة في الاذهان ، فيمكننا ان نقول مثلا ، عندما تجد رجل بلغ الخمسين من العمر ولا يزال يريد ان نعامله مثل الاطفال. يضحك ضحكهم ويزعل زعلهم ولا يكاد يفارق الخصام ان هم احدهم ونهره، فهو في هذه الحالة وبش ( مفرد اوباش ). ومنهم من يتعالى عليك معتقدا انه ملك مفاتيح السماء بين يديه او خرج نهر النيل من بين كفيه. وان اردت ان تعرف سر هذا التعالي، تجدها خبيئة خصها لنفسه وظن انك لن تحصل على مثلها بالرغم من انها تباع في سوق العتبة على الارصفة. فهذا ايضا انسان وبش ، هرب للتو من قفص الاوباش. واذا اردنا التوغل في مستنقع الاوباش لنخرج نماذج اخرى ، صادفتنا حالة اخرى تتمثل في الجاحظ ، والجاحظ هو الانسان الذي دائما وابدا يحقد عليك ولا تعرف سببا مقنعا لذلك. ولكنه خلق لهذه المهمة ، وهي طعن الناس في ظهورهم والابتسام ملئ ثغورهم . وينامون قرير العين اجحظه ويلعنون حظوظ الدنيا اغلظه. ويظلوا طيلة حياتهم يضرسون الحصرم ولا يعرفون غيره طعاما ، وهذا الانسان هو ادنى درجات الاوباش دناءة. هناك نوع ايضا من الاوباش ولكنه انيق ، لا ياخذ منك شيئا ولا يعطيك شيئا ولكنه لا يعطيك اي فرصة لكي تتخطاه. فيضع امامك العراقيل احيانا ويعوقك بقدميه احيانا. وهذا النوع من يطبق المثل القائل ( الكحكة في ايد اليتيم عجبة) عندما يرى كسرة الخبز بين يديك. النوع الاخير في قائمة الاوباش ، هو ذلك النوع الذي ليس له وجود. بمعنى هو الانسان الحاضر الغائب اي هو الانسان الذي لا ينفع ولا يضر ووجوده مثل عدمه. فان سألته مسألة لا يجيبك وان حضرت لتقابله لا يريدك. فلا يعرف لماذا خلق ولا يريد ان يعرف ايضا. هذا النوع من الاوباش اقلهم ضررا ومنفعه وهو بلا شك افضلهم من حيث التعامل.
هناك نوع من الاوباش لا تلحظه كثيرا ولكنه مؤثر جدا في قصص الف ليلة وليلة والمعلقات السبع، تجده احيانا يترنح عندما يسمع اللي بالي بالك. ويذهب مسرعا الى الخطوط الامامية وتتدلى منه عناقيد الرمان ، دليل المحبة والقربان. وينفطر قلبه الملعون على غي قد قارفه على مر السنون، فتتساقط دمعاته امامه ثم يتشظى في ارجاء الكون محدثا دويا لا يلبث ان ينكمش ثانية فيعود ادراجه كما كان ، انسان . ثم يخرج بعد هذه التمثيلية مترنحا ايضا ليعود الى بيته وقد تهللت اساريره من كثرة الترنحات.
ما ابشعكم ايها الاوباش!!
  

تعليقات

  1. غضب من شخوص الواقع وومثليه.. غضب يتشظى في الحروف... غضب كمن به لوعة ...
    انه واقع مرير لا شك..

    سلمت يمينك

    ردحذف
  2. الله يبارك فيك ، نحن نعبر فعلا عن واقع مرير نعيش فيه ولا نستطيع الفكاك منه وان حاولنا تغييره اصابتنا النكبات والضربات ولا نجد في النهاية الا سطورا نخطها لنعبر بها عن ما يجيش في صدورنا.
    اشكر لك حسن تعليقك ومتابعتك

    ردحذف
  3. المشكله كلها من روجا ورحاب و حمامه وبيش

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هدهد سليمان ( قراءة جديدة )

القاضي والمجرم ( قصة قصيرة )

أسماء قداح الجاهلية