من قبل الرابعة عصرا


طرقت الباب ونظرات الشهوة والرغبة والقلق تملأ عينيها الساحرتين، اصوات موسيقى سيمفونية ضوء القمر لبيتهوفن تاتي من داخل البيت. لحظات قليلة مرت ثم فتح الباب وامتدت يد من الداخل لتسحبها بقوة ثم خطفتها نفس اليد وضمتها بقوة داخل حضن دافئ. اصوات قبلات ملتهبة وتأوهات بدأت تعلو داخل الشقة ، واصوات انفاس حارة ترتد من الجدران فتهتز مجموعة من الزهور موضوعة داخل فازة على المنضدة. حرمان شهر من اللقاء دفعهما الى ان يستلقيا على السرير لتفجير بركان الشهوة والشبق. بدأ السرير في الاهتزاز وكانه اصابه مس جان. بدأت كل اركان الحجرة في الاهتزاز من هول اللقاء وعنفه. وبرغم ان النور كان يلف ارجاء المكان الا انهما اغمضا اعينهما لتختلط لحظات الخيال بالحقيقة فيصير كل شئ كأنه حلم يتحقق. مرت الساعات وهما منقطعان عن العالم بما فيه وكلما حاولا ان يستفيقا تاخذهما لحظات وهن فيغوصا داخل احضان بعضهما. ما اجمل لحظات الحب عندما تختلط بالرهبة والالم والشهوة.
وبعد ان انهيا وافرغا كل ما بداخلهما اخذتهما غفوة فناما قليلا، ثم استيقظت فجأة وانتبهت ان الوقت قد حان للذهاب، فعليها ان تذهب الى بيتها قبل ان يصل الاولاد من المدرسة . ويجب عليها ان تجهز وجبة الغذاء لهم ولزوجها. فقبلته ووعدته انها ستاتي له عندما تحين الظروف، ظل واقفا يحتضنها لا يريدها ان تذهب ولكنه في النهاية استسلم الى الواقع. اوصلها الى الباب ثم فتحه واطمئن ان لا احد يقف خارجا ثم ودعها بقبلة على شفتيها الحارتين.
كان متزوجا منذ مدة ولكن زوجته لم تعطيه ما يريده ، وهي ايضا كانت متزوجة ولكن زوجها لم يستطع ان يملأ لها حياتها التي كانت ترغبها. فوقع العشيقين في متعة الحب المحرم.وبرغم انه كان محرم الا ان له لذة لايعرفها الا من وقع فيها. انها علاقة اشبه باساطير الف ليلة وليلة لايحدها حدود او يصيبها برود. لم تكن من العلاقات التي تاخذ وقتها ثم تنتهي ولكنها كانت مستديمة طويلة تحمل في طياتها عشق السنون. انها من العلاقات التي يتحرر فيها الجسد والروح عن الممنوعات ، فتخرج حقيقة الانسان عارية نقية بيضاء لا يشوبها مظاهر الخداع او النفاق. تخرج فيها الصرخة معبرة عن الالم ، تخرج فيها الهمسة معبرة عن الحب ، تخرج فيها الكلمة معبرة عن الرغبة. الحقيقة لا تخرج الا من بين احضان العشيقة.
من المتسبب في حالة العزلة التي توجد داخل نفوسنا؟ هل نحن من خلقناها ، ام ان الاخرين فرضوها علينا؟ من المتسبب في حالة الفزع التي تنتابنا لحظة اعترافنا بالحقيقة؟ الا يجب علينا ان لا نخاف من ان نتكلم او نثور؟
الحياة لا يمكن ان تمر بدون حب ، الانسان بدون حب يقع فريسة هلاوس النفس وقد يصاب في بعض اللحظات بالاكتئاب والانهيار. الحب هو الدواء الناجع لكل انفعالات الانسان والامه.
ذاق الحبيبين كل حلاوة العشق والحب ولم يعدا يستطيعا الانفصال، فاستمرت علاقتهما الى الابد. فاختارا يوما محددا كل شهر ليتقابلا ويحكيان فيه كل شئ مر عليهما. فاصبحت حياتهما داخل بيوتهما هانئة وسعيدة، وكيف لا ؟ فالحب المحرم مرغوب وكل ممنوع مرغوب لانه يحمل في داخله المخاطرة . والانسان المغامر يعشق هذا النوع من المخاطرة ويقدم عليه. فالبشر نوعان ، نوع لايخرج عن نطاق المألوف ويبتعد عن كل ماله علاقة بالخطر. اما الاخر فهو المغامر الذي لا يقبل الا بالحصول على ست الحسن والجمال جائزة له. فيخوض غمار الصعاب ويتحدى المستحيل ليرضي نفسه الشبقة لحلاوة الجائزة. لذلك لا يخرج العظماء الا من النوع الثاني لانهم لايرضون ان يقبلوا الا بالمركز الاول.
وهكذا استمرت العلاقة بينهما بحلاوتها ، واصبحت هذه العلاقة هي الترياق الذي يحافظ على شبابيهما ونضارتهما. وهكذا ظلت العلاقة بينهما مرة في كل شهر من قبل الرابعة عصرا .


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هدهد سليمان ( قراءة جديدة )

القاضي والمجرم ( قصة قصيرة )

أسماء قداح الجاهلية