حي على الدولار


استوقفني مشهد اصحاب اللحى وهم يصرخون في الحرافيش كي يبتعدوا عن مجال صرخاتهم ونعيقهم ويفسحوا لهم مجال تطبيق الشريعة وانزال حكم الله على الارض ، وكأن الارض التي يقفوا عليها تعج بالكفار والمشركين. المهم انني حاولت ان استبين نفسية هؤلاء القوم بعيدا عما يقولوه من اعتبارات دينية او افكار تشريعية واخذت على عاتقي تحليل كلامهم من منظور نفسي بحت حتى اصل الى معاني قولهم وطريقة تفكيرهم.  بادئ ذي بدء ، هم يحاولون فرض رأيهم بالقوة على اعتبار ان الحق بجانبهم وان الباطل يجانبهم ، فاندفعوا مستغلين حماقة بعضهم وجهل البعض الاخر في استخلاص تصريح يعطي لهم الحق في القتل والارهاب. والذي اعانهم على ذلك ، صفاقة بعض الشيوخ الذين لا يعرفون من الدين الا الايات التي تحض على القتال مع ان النظرة الفاحصة تشير الى ان هذه الايات نزلت في الكفار والمشركين وفي ظروف خاصة ايضا وليست عامة. ونحن لسنا بصدد ذكر هذه الايات او الاستشهاد ببعضها فانها موجودة ومعروفة لكل ذو عقل. انما نريد توضيح ان هؤلاء القوم لا يقووا على ان يقتلوا كما يدعون والدليل على ذلك ان معظم الغزوات التي خاضوها انما انهزموا فيها شر هزيمة. ولن نشمت فيهم لاننا لسنا بأهل شماتة ولكن وجب علينا ان نوضح ان هؤلاء القوم انما يحاربون من يقف امام مصلحتهم وليس امام الله كما يقولون بافواههم. فالسيوف المشرعة التي يقبضون عليها انما هي فقط للارهاب وليس للقتل. هم لا يستطيعون ان يقتلوا بعوضة وكل الغرض هو محاولة ازاحة الحرافيش عن طريقهم لانهم يسببون لهم الازعاج الدائم. واذا انقض عليهم الحرافيش تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بانهم قوم لا يعقلون. هم يفعلون ذلك رغبة منهم ان ينالوا نصيبا من الدنيا التي اعطتهم ظهرها من قبل. وعندما وجدوا الفرصة سانحة لم يتوانوا على فرض رأيهم بكل قوة لديهم واكثرها هو حمل السيوف والخناجر فقط. هم يرهبون فقط ولا يستطيعوا الخوض في معارك حقيقية لانهم يخافون على انفسهم من الموت بسبب عدم ايمانهم بما يفعلون. هم يصرخون حي على الجهاد واقدامهم ترتعش من تحتهم وتدور اعينهم كالذي يغشى عليه من الموت.
والسيف والخنجر الذي يحملونه هو للارهاب فقط وليس للقتل. لان حامل السيف ان اراد قتل خصمه ، وجب عليه الاقتراب منه مسافة كافية حتى يصبح السيف عندها اداة فاعلة.  والسيف ايضا لا يصبح اداة قاتلة ان لم يكن حامله لديه من القوة المعنوية بما يكفي حتى يستطيع استخدامه. ولا تأتي القوة المعنوية للانسان الا اذا كانت نابعة من ايمان شخصي بالقضية التي يحارب من اجلها. وبالتالي فالسيف يعتبر سلاح ذو حدين لانه قد يسقط في يد الخصم ان لم يستطع حامله استخدامه وبالتالي سيكون نكبة عليه وليس مساعد له. والذي يؤكد لنا ما ذهبنا اليه هو انهم لا يحملون السلاح الناري الا قليلا وبواسطة بلطجية يؤجرونهم. لان السلاح الناري لا يتطلب القرب من الخصم ولايعنيه ان كان الخصم جبان ام شجاع. انما السلاح الناري يتطلب القتل والضغط على الزناد وهم جبناء لا يقدرون على فعلها.
وهم في صرخاتهم انما يستحضرون مشاهد غيبية في اذهانهم ينتزعونها من كتب التاريخ التي يتمرغون في صفحاتها. فيظن احدهم انه يقاتل في غزوة بدر او غزوة بني النضير او خيبر. فتراهم يوهمون انفسهم بانهم اصحاب رسول الله . ويرفعون اصواتهم بالضجيج الذي لا يقدم او يؤخر وتتعالى صرخاتهم كانهم يفتحون الروم. ومع كل هذه المشاهد الكوميدية لا تجد في النهاية الا اثار حجارة ودماء على الارض وتكون اغلبها في صفوفهم.
ليت شعري ، الا يفقه او يشعر هؤلاء القوم الى انهم يمثلون؟ الا يشعر احدهم انهم لا يريدون الا عرض الدنيا وليس الاخرة؟ الا يشعر احدهم انهم مثل الحمار يحمل اسفارا؟ الا يشعر احدهم انهم يحاربون من اجل الدولار؟ اليس فيهم رجل رشيد فيسألهم ماذا فعلتم في قضية فلسطين التي ادعيتم بافتتاحها اذا وصلتم الى الحكم؟
للاسف انهم لا يدركون ، فهم يقولون بافواههم ما ليس في قلوبهم . لذلك يجب عليهم ان كانوا صادقين ان يتحول شعارهم من حي على الجهاد الى حي على الدولار!!
   

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هدهد سليمان ( قراءة جديدة )

القاضي والمجرم ( قصة قصيرة )

أسماء قداح الجاهلية