طبق شوربة مخاصي

بعد ان ضرب الفقر العاصمة وانتشر اللصوص في كل مكان ولم يعد الامن موجود كما كان ، باتت المحلات التي تقدم الطعام خالية من الزبائن حتى ان اصحابها جلسوا امامها يحاولون جذب كل عابر سبيل اليها وينادون باعلى صوتهم ( اتفضل يا باشا ، اتفضل يا بيه ). وبرغم انخفاض اسعار الاكل في هذه المحلات ، لم يجد معظمها السبيل الى رفع نسبة المبيعات فاصبحت قاب قوسين او ادنى من الاغلاق. ولم يعد الا القليل من هذه المحلات التي لا زالت تجذب عدد لا بأس به من الناس لسبب انها كانت ذات سمعة طيبة بالاضافة الى انها كانت تقدم خدمات اخرى من ضمنها مكان لركن السيارات وتنظيفها. ومع مرور الايام اصبحت هذه المحلات ايضا تعاني مما يعاني منه الاخرين. فتفتق ذهن صاحب احدى المحلات ان يقدم اطباق لم تكن موجودة من قبل عله يجذب الزبائن التي تحب ان تجرب كل غريب. فاعلن لدى الصحف والمجلات انه يقدم مخاصي بشرية مشوية احيانا ومقلية احيانا وان اراد الزبون فيمكن سلقها وتقديمها في طبق الشوربة. ولكن سعر هذه الاطباق كان مرتفع جدا الى الدرجة التي جعلت سعر طبق شوربة المخاصي لشاب لم يبلغ العشرين  مليون جنيه. وتتراوح اسعار الشوربة حسب سن المتبرع ، فمنها ما لا يزيد عن خمسة الاف جنيه ان كان رجلا هرما او خمسين الف ان كان في عمر الاربعين ثم تزداد كلما كان المتبرع شابا يافعا فتيا. ولكن ظهور الاعلان في الصحف اثار ضجة اعلامية ودينية الامر الذي دفع بعض الناس الى تقديم شكوى للنائب العام . ولكن صاحب المطعم خرج من القضية كما الشعرة من العجين لانه لا يرغم احدا على التبرع بخصيته ولكن الامر يتم بالتراضي. فانه يشتري الخصية كما تشتري المستشفيات الكلية. وبما انه لا يوجد جزاء يقع على المستشفى التي تشتري الكلية من متبرع فلا يوجد جزاء بالمثل يقع عليه. وكما هاجت العاصفة هدأت واصبح طبق الشوربة بالمخاصي هو الطبق المفضل لدى ما تبقى من اثرياء في البلد بالاضافة الى انه اصبح ايضا المفضل لدى اثرياء العرب والسياح. حتى ان هذا المطعم ورد ذكره في كبريات الصحف العالمية وامسى مثل النار على العلم الى الدرجة التي جعلت بعض الملوك والرؤساء يلتقطون الصور مع صاحب المطعم وبعض المتبرعين.

ومع ازدياد الفقر ، زاد عدد المتبرعين حتى ان النساء قدموا شكوى الى منظمة حقوق الانسان لانهن يعانين من انخفاض عدد الراغبين في الزواج. وطالبن المنظمة ان تتخذ الاجراءات الكفيلة بمنع مثل هذه الممارسات الشاذة لان الرجال لا يحق لهم ان يتبرعوا بما لا يملكونه. فالخصية ليست للرجل وحده وانما للمرأة حق فيها!!  ولكن المنظمة لم تعيرهن انتباها لان الحرية اصبحت تضرب باطنابها في جميع الدول ولا تستطيع ان ترغم احدا على عدم التبرع بخصيته. وان كل انسان له الحق في التبرع بما يريده.

فعمت المظاهرات المطالبة بعدم تبرع الرجال بالخصية لان النساء يعانين الوحدة والعنوسة. حتى ان احدهن طالبت بان يتم استيراد رجال من الخارج لكي يقضوا على هذه المشكلة. وخرج بعض الشيوخ المنددين بهذه الفعلة النكراء وخرج اخرين يثنون عليها بحكم ان عبد الملك بن مروان كان يغصي الغلمان مخافة ان يحتكوا بحريم السلطان. حتى انهم استشهدوا ببعض السلاطين الذين اخصوا ما يقارب الالف غلام. وجاءوا بحديث من هنا وحديث من هناك لكي يثبتوا ما يقولونه وان الله على حكمهم لشهيد. فتبارى النساء في الدفاع عن قضيتهن وانهن لن يسكتن ابدا ما طال بهن العمر واقسمن على ان يكسبوا قضيتهن مهما كلفتهن من دنانير. فخرج ذات يوم رجل يدعوهم الى فتح باب الزواج ، ليس من اربعة ولكن من عشرين. واقترح عليهن بان ايما رجل لم يتبرع بخصيته له الحق في الزواج ما شاء له من النساء. فخرج بعض الشيوخ كالعادة للاعتراض وقابلهم البعض الاخر بالايجاب. والكل ياتي بالاحاديث الموثقة المعتمدة من العلماء الثقات العدول. فوافق الجمع على هذا الاقتراح لانه لا ضير منه وان الامة قد قاربت على الزوال ان لم يأخذوا بهذا الراي بسبب انخفاض عدد المواليد. ولكن بعد الاتفاق على هذا الاقتراح ، اكتشفوا ان ما تبقى من الرجال اصحاب الخصية لا يتعدى خمس السكان وان معظمهم كان متزوجا بالفعل وانهم لا يريدون الزواج باخرى. فخرج الشيوخ في الجوامع يدعون الرجال الى الزواج ثانية وثالثة وعاشرة ولكن الرجال لم يصغوا لهذا الكلام كعادتهم في صلاة الجمعة. الى ان جاء يوم تقدم رجل مسن من دولة عربية باقتراح ان يتم فتح باب سفر النساء للعمل والاقامة في الدول العربية . فوافق مجلس الغلمان على هذا الاقتراح بشدة لانهم لا يجدون فائدة من وجود المراة بجانبهم. وما ان تم الموافقة على هذا البند حتى بدأت وفود النساء تتقاطر على الدول العربية ، ملبية رغبة العمل من جانب وباحثة عن الاستقرار في حضن رجل من جانب اخر. حتى ان بعض النساء المتزوجات اقترحن على ازواجهن ان يسافرن حتى يستطعن توفير مبلغ من المال يقيهن شر تبرع ازواجهن بالخصية.

وبعد مرور الايام والسنين ، لم يتبقى في العاصمة الا بعض الجواري والغلمان واضحت الخصية في خبر كان.