مع تحيات شلبية
في احدى غزوات المماليك البحرية على مملكة عسير الرابضة في منتصف الصحراء . ارسلت الملكة شلبية صاحبة الصولجان تحياتها لمماليك دولتها لكي ترفع من روحهم المعنوية وتشد ازرهم اثناء القتال. فاستقبلت الجنود المشعثة المغبرة برمال الصحراء هذه التحيات بالسخرية والتهكم لان تحياتها لن تنجيهم من الموت ان اصابتهم الرماح ولن ترفع من روحهم المعنوية المحطمة وهم يرون زملاءهم ينزفون دما من كثرة جراحهم. فصاح احدهم في الجمع وقال ، يا قوم نحن اهل حرب ومرتزقة ولم نخوض هذه الحرب الا من اجل المال ولن تنفعنا التحيات والابتهالات ولكن نحن نريد مالا . فان لم ترسل الينا شلبية الاموال وتترك لنا جزء من الغنائم فسنترك هذه الحرب ولتأتي شلبية لتخوضها بنفسها وترينا نفسها ماذا ستفعل. فصاح الجنود وعم الهرج والمرج المكان وارتفعت كلمات السباب والشتائم تضامنا مع هذا القول السديد. ومع انتهاء الغزوة ، ارسل الجنود رسول الى الملكة شلبية لكي يملي عليها طلبات الجنود المماليك. فوقف الرسول بين يديها والقى كلماته عليها. فقالت شلبية بعد ان اتم كلامه ، نعم نعم . سأرسل اليكم ما تريدونه وجزء من الغنائم تلقفونه . فبكم اصبنا المال وبكم تغير الحال ولولاكم ما كسبنا هذه الحرب ولا ارتفع شأننا بين الامم.
وبعد ان خرج
الرسول من عندها دخل عليها الوزير وقصت عليه ما قاله لها الرسول. فتجهم وجه الوزير
من قولها وحذرها من مغبة فعلها. وقال لها ان فعلت ما وعدت به الجنود فسوف يطلبون
زيادة في كل مرة يخوضون فيها حربا مشابهة. ونصحها بان ترسل اليهم اقل مما طلبوا
حتى لا يناطحوها في يوم من الايام. فاحتارت شلبية ايهما تفعل ، ما املاه عليها
الوزير ام ما طلبه الجنود منها. ولكنها بعد طول تفكير حسمت امرها بان تنفذ ما قاله
لها الوزير لان الامر لن يكلفها الكثير. فهي تحتاج لكل الاموال التي تاتي من
الحروب والغزوات حتى تدعم اركان مملكتها. وبالفعل ارسلت ربع ما اتفقت عليه مع
الجنود. فاخذ الجنود الفتات مما غنموه لها ولكنهم في ذات الوقت دعوا عليها بان
يهلكها الله كما اهلك قوم عاد قبلها. وقرروا ان ينسحبوا ويخسروا اي حرب او غزوة
يشتركوا فيها لاحقا. وهكذا خسروا كل الحروب التي دخلوها وضعفت بالتالي مملكة شلبية
لانها لم تعد تجني الاموال لتستمر مملكتها قوية عفية. وبعد مرور الايام انهارت
مملكة شلبية لانها لم تعطي الانسان حقه ولم تعلم ان الانسان لا تهمه التحيات او
التسليمات او التكريمات او الشكر والاطراء ولكن الذي يهمه في المقام الاول هو
المال لكي يصون نفسه ويبتعد عن الفقر . هذه هي فطرة الانسان التي فطر عليها وهذه
هي الايام التي يحياها.
الحق والعدل
والتحيات والسلامات وتغليب المصلحة الشخصية على المصلحة العامة هي مصطلحات لا يجب
ان تذكر الا في مجالس السمر والطرب اما على ارض الواقع فهناك المال هو الذي يتكلم
فقط . واي محاولة لتغير هذا القانون هي محاولة مكتوب عليها الفشل الذريع حتى قبل
ان تبدا.
تعليقات
إرسال تعليق