حــداثة أحــمد المســلماني


كتب مؤخرا الاستاذ احمد المسلماني مقالا في جريدة المصري اليوم بعنوان " المسجد والحداثة ". يطرح فيه فكرة من بنات افكاره الجهنمية ، وهي كيفية الربط بين الحداثة من المنظور الحضاري وبين الاسلام السمح الغني بالروحانيات. فقد لفت نظر الاستاذ ان الدول الاسلامية وصلت الى حالة يرثى لها بعد ان كانت ذات حضارة عريقة وصلت اثناء فتوحاتها الى بلاد الفرنجة غربا وحتى بلاد السند وبلاد تركب الافيال غربا . ولا يمكن ان يكون الاسلام الجميل هو سبب كل التخلف الذي وصلنا اليه وانما السبب هو عدم القدرة على فهم الاسلام الوسطي الذي قاد اوائل المسلمين الى الاختراعات العظيمة والابتكارات الرائعة من امثال ابو بكر الرازي وابن الهيثم وابن سينا – للعلم هذه الاسماء لاشخاص لم يكونوا عربا في الاساس وانما من دول مثل اوزباكستان وكازخستان وتم رميهم بتهمة الزندقة في نهاية الامر – المهم انه صال في الشرح وجال ، وذكر مقولات لكبار الكتاب من امثال ميشيل روكار رئيس وزراء فرنسا الاسبق ( بصراحة معرفوش ) ، والاستاذ العلامة حامد ربيع ( برضه معرفوش ) ، والفيلسوف الاسلامي رشدي فكار ( شرحه ) ، واخيرا وليس اخرا الاخ هايدجر فيلسوف الوجودية ( ده بقى اعرفه ).
ولم يذكر الاستاذ المفكر لماذا انحرف الاسلام الوسطي واتجه نحو التشدد وتكفير المجتمع. ولم يرشدنا كيف يمكن ان نعدل الميزان المقلوب. وانطلق في وضع كلمات العمالقة السابق ذكرهم والتعليق على اقوالهم . ولا نعلم لماذا هذا حال النخبة المصرية . تجدها دائما وابدا تحشر كلمات ما قاله الكتاب والمفكرين ومن ثم تضيف من عندها،  وكان ما قاله السابقون به نواقص وسيستحدثه اللاحقون.
ومن اكثر ما يجعل الانسان يتميز من الغيظ منهم ، ان كل كلامهم عبارة عن قص ولصق . بمعنى انهم يأخذون مقولة من هنا وكلمة من هناك ولا يذكرون المصدر الذي اقتبسوا منه هذا الكلام . ويتركوننا نحن نرزح تحت عناء محاولة الكشف عن الكتب والمصادر التي استخدموها .
وهو للاسف ينتقد حال تأخر وتخلف المسلمين ولا يدرك انه مشارك في هذا التخلف. انه لا يرى ان كتابة مقال تختلف عن كتابة قصة وعن كتابة بحث علمي او ادبي او ديني . فموضوع الحداثة الذي تحدث عنه لا يمكن ان يساق في صورة حكاية من حكايات الف ليلة وليلة . ولا ينفع معه اسلوب القص واللصق . انما كان يجب عليه ان يكتب بحثا كاملا يناقش فيه قضية الحداثة ويقرأ فيه ويفهم قبلا ما يقرأه ومن ثم يطرح علينا نتائج ما توصل اليه بنفسه. فنحن لا يهمنا رأي الاخرين الا بمقدار ما يخصنا . ولا يجب ابدا استخدام اسلوب المقال في مثل هذا الموضوع . لان طرح كلمات مثل الثورة الفرنسية وحداثة دولة مثل ماليزيا لا يمكن ان تسطر قصتهما في سطرين . لان الحديث عنهما هو حديث عن كيانات صارعت طيلة قرون للوصول الى ما وصلت اليه الان. واسقاط ما فعلته هذه الدول او محاولة استيراد نفس التجربة وتطبيقها علينا سوف يؤدي لنتائج كارثية بالتأكيد لاننا لسنا هم. فكل تجربة لها معاناتها والامها ومسارها وشعبها الذي حددها .
ويبدو ان الاستاذ حاول تقليد الاستاذ الاخر ( معتز بالله عبد الفتاح ) في استخدام اسلوب قال فلان وتكلم علان وذلك حتى يبين لنا سعة اطلاعه ومدى ثقافته واضطلاعه . ولكنه استبعد استخدام طريقة الاستاذ معتز في الكتابة باللغة العامية التي يحترفها . هذا بالاضافة الى عدم ذكر القصة المشهورة لصديق الاستاذ معتز ( محمد الميكانيكي ).
وكلمة مني للاخ المسلماني ، يااااا عبد المعطي...... يااااا عبد المعطي .......
لا يمكن التوفيق بين" المسجد والعلمانية " او كما كتبتها بأسلوب التقية " المسجد والحداثة" وذلك لان مفهوم العلمانية يجعل الدين في منأى عن الصراع السياسي . ويجعل كل فرد حر في اختيار ما يعتقد . ويجعل الدولة تحترم حقوق كل فرد في اختيار ما يريد . ويجبر الدولة على الغاء البند الثاني من الدستور بالضرورة . وتصبح المساجد على نفس قدم المساواة مع الكنائس . ومبدأ المواطنة يصبح واحد على الجميع . فهل يسمح دينك الاسلامي بما له من اعتقاد فكري ومذهبي بذلك ؟؟ هل تسمح الجماعات الدينية في مصر على تطبيق العلمانية ؟؟ وهل يمكن العيش بسلام بدون احتقان طائفي ؟؟
الاسلام السمح الذي تتخيله انت غير موجود الا في عقلك انت ، فهناك الملايين الذين لديهم اسلام متشدد لايمكن تغيره او تعديله . هذه الفئة هي ما تعتقد ان خراب الامة الاسلامية ليس بسبب انها بعيدة عن العلمانية كما تحاول ان تلمح انت انما عندها ايمان بان سبب تخلفها نابع من تقصيرها في حق دينها ! لذلك تتشدد اكثر فأكثر حتى تخرج لنا من بين جنباتها اسلاما داعشيا يدمر الاخضر واليابس .
 رجاء ، ابقى قولنا اسماء من سـتأخذ عنهم والمصادر التي ستختارها في مقالك القادم وريح نفسك وريحنا..


تعليقات

  1. المسلماني تتطرق بالتفصيل للموضوع في كتابه خريف الثورة ويمكنك مطالعة الكتاب

    ردحذف
  2. شكرا أحمد على هذا الطرح الجميل
    فرغم أني كنت سابقا من أشد المعجبين بأحمد المسلماني إلا أني أميل إلى قول كلمة الحق وإن كانت على نفسي

    تحياتي

    ردحذف
  3. اشكرك لتعليقك الجميل ، فنحن لا نريد الا ان نضع النقط فوق الحروف لنبين للناس ما يدور بين السطور. فحال النخبة في مصر لا يسر عدو او حبيب

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هدهد سليمان ( قراءة جديدة )

القاضي والمجرم ( قصة قصيرة )

أسماء قداح الجاهلية