الفاتئ والمفتوء


الاعتراف بالحق فضيلة . هذا عند اهل الحق . اما عند اهل الباطل فالاعتراف بالحق فتي . بمعنى ان اهل الباطل لا يعترفون به او يجاهدون في اخفائه سواء عن علم او جهل . والحق المقصود هنا ، هو حق الصحيح من الكلام وعكسه الخطأ من الكلام . وبمعنى اخر هو حق الصدق . الصدق في الكلام ، وتبيان المخفي بازالة حجب اللوع والمواربة والمداراة من سياق الكلام .
في حوار قصير دار بيني وبين احدى الشخصيات التي تمتلئ بها مواقع التواصل ، افاد هذا الشخص المجهول بانني اخطأت عندما ذكرت ان هناك بعض من الدول الاجنبية التي تفتح ابوابها لاعطاء جنسيتها لكل من لديه قدر من المال معلوم بالضرورة . ولم يحاول اعطائى الفرصة لاشرح كلامي واحدد مرامي لانه ظل يمطرني بسطوره في المحاورة والتي امام سرعة سردها لم اجد متسعا للرد البطئ عليه . وحيث انني ممن ليس لديه الصبر والتأني على ايضاح الافكار ، لانني لم اعد لدي سعة الصدر التي كانت من قبل ، فأغلقت باب المحاورة واعطيته البلوك المتين حفاظا على انخفاض ضغط الدم لدي واتقاء شر قول كنت اود القاءه عليه .
وبدون الخوض في تفسير ما قصدته في تلكم المحاورة ، الا انني اردت هنا ان اوضح شيئا قد يبدو بعيدا عن عنوان هذه المقالة . الا وهو ان ، لماذا يظن المصريون الذين يقيمون بالخارج ان اخواتهم المصريين الذين يقيمون بالداخل هم جهلة بالضرورة ؟ ولماذا يتسرعون في القاء الاحكام ؟ ومن اعطى لهم القدرة على مكاشفة غرائب وعجائب الكون ؟ ومن صرح لهم بعهد الاطلاع على الغيب ؟ ولماذا يقيمون انفسهم بانهم اعلى شأنا وارفع مقاما ؟ وهل الغربة تعطي علما اكثر مما يعطي الوطن؟ وهل الخبرة الوهمية التي يتوهمونها والتي يرددون انهم حصلوا عليها جراء عملهم بالخارج ، تعطي لهم الرخصة لكي يبولوا على خلق الله ؟
ايها الفذ الاغر ، والذي تمتطي جواد الملك لويس الخامس عشر ، اود ان القي على سمعك وبصرك بعض مما قد يبين لك الامور على نصابها ، فاسمعوا وعوا ....
انك لست بعالم ، فكم شاهدنا ورأينا امثالك وتعلمنا ما لم تتعلمه بكل كيانك . فانت مثلك مثل الاقدمين والمحدثين ، لا يتناهون عن ترديد ان البلد التي يقيمون بها هي بلدهم التاني ولا يجب الهجوم عليها، ولا يعترفون ابدا ان اقامتهم بالخارج بغرض المال ولا تهمهم هذه البلد من قريب او بعيد الا بقدر ما استحصلوا عليه من اموالها. اليوم خمر ونساء طالما الاقامة سارية فان حدث حادث او اصابهم مكروه جعلهم يتركون هذه البلد ، ( لعنوا سلسفيل جدود تلك البلد ). فنحن نعلم علم اليقين ما يجول في اعماق النفس البشرية المريضة.
ولا تسرع في الحكم على الاخرين حتى تعلم ما لديهم وتعلم ما قاسوه من اهوال، لانك بفعلك هذا جعلت الجميع يتركونك وحيدا لتغرق في وهم علمك.
وان كنت خبرت بعض الامور فبالتاكيد لم تخبر غيرها ، فكن مكملا لا منقصا ، وكن تلميذا لا معلما . فالعلم الذي تدعيه هو قطرة في بحور الدنيا لا تستطيع بها منافحة احد .
واخيرا وليس اخرا ، طالما احنا جامدين اوي كده ، (ليه خيبة الناس السبت والحد واحنا خبيتنا ما وردتش على حد؟)
فكن مفتوءا وليس فاتئا..


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هدهد سليمان ( قراءة جديدة )

القاضي والمجرم ( قصة قصيرة )

أسماء قداح الجاهلية