Who cares ??


في جريدة الاهرام بتاريخ 31 يناير الماضي أشارت دراسة اعدها مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في مقال بعنوان ( ماذا يقرأ المصريون ) الى ان معظم المصريين لا يقرأون تقريبا. والقراءة المقصودة هنا ليست القراءة في الكتب المدرسية او الصحف ولكن القصد القراءة الثقافية التي تنمي الوعي العام وتزيد من معارف الشعب. الا اننا نعتب على من قام بهذه الدراسة بذل الجهد فيها لاسيما وان معرفة مقدار ثقافة الشعب ظاهرة للعيان ويكاد يراها كفيفي البصر ولا تتطلب كل هذا الجهد. ويكفيك نظرة من نافذة البيت لتعرف كم وصلنا الى مراحل متأخرة من الجمود والتخلف. بالاضافة الى ان هذه الدراسة لن تفيد في اي شئ طالما لا توجد خطط للتثقيف ورفع نوعية معارف الشعب والوقوف على نقاط الضعف فيه. ولن تفيد معرفتنا بالارقام والاحصاءات الا اذا كنا اردنا معرفة حجم الماساة الناجمة عن جهل الشعب فقط. فتصبح الدراسة ساعتئذ تقيس ليس مقدار علم الناس بقدر معرفة مقدار جهل الناس. وتصبح الدراسة منطقية فعلا ويصبح الجهد المبذول فيها نافعا!! واذا التمسنا العذر لاصحاب القرار في سبيل جهدهم المبذول، فهلا يخبرونا كم صرفوا على هذه الدراسة لاتمامها؟ واذا كان المال المدفوع فيها وجيها اليس كان من الاجدى صرفه على الجهلة والمتخلفين؟ واذا سمعونا واتخذوا خطوات في سبيل نشر المعرفة باسعار في متناول الجميع ، هل الجميع سوف يقبلون عليها ام لا؟
 النقطة الاخرى التي نريد ايضاحها، هو ان الناس لم تعد تقبل على القراءة وان المشكلة في الناس ذات انفسهم. السلعة موجوة وباسعار مخفضة لمن يريد، انما الشاري ليس له رغبة في شرائها. ووسائل التكنولوجيا الحديثة تعج بمئات الالاف من الكتب الى الدرجة التي جعلت بعض الافراد يرفعون الكتب الحديثة على بعض مواقع الشبكة العنكبوتية. ولن نخوض في شرعية هذه الطريقة انما اردنا ايضاح مثال لمن اراد ان يقرأ. وكل من يقرأ يعرف هذه النقطة . وكل من يقرأ يستطيع الحصول على مايريده. وسنكرر، الماسأة في الشاري وليست في المعروض. فاذا اردتم معرفة كم من الناس لازال يقرأ فما عليكم الا النظر في الويندوز وعمل سيرش وستظهر لكم الاجابة بكبسة زر بدون النزول الى الشارع والبحث عن المفقود.
القراءة جزء لا يتجزأ من الوجدان، من الفن والاحساس والشعور. القراءة ثقافة روحية وليست عملية ديناميكية يتمها الفرد ان اراد. هي ليست غاية في حد ذاتها ولكنها وسيلة لاشباع نهم العقل للمعرفة. فاذا كان هناك من لايريد ان يعرف فلن يقدم على شراء كتاب في يوم من الايام. واذا اردتم رفع درجة الوعي لدى الناس وهالكم مقدار ما هم فيه من جهل ، فما عليكم الا رفع مستوى ما يقدم لهم من فنون. نظفوا البيئة المحيطة من ادران العبث واللامبالاة. شجعوه على ان يقدم افضل ما لديه. حفزوه لرفع تعليم ابناءه واقتلوا مرض التواكل بداخلهم. علموه ان يسير على الدرب الصحيح ووفروا له السبيل الى ذلك. اقتلوا كلمة ( Who cares )
العبث موجود في كل مناحي الحياة ، تراه في الشارع والعمل والبيت. فاذا كنت ممن يعظمون شأن ( كبر دماغك ) فلن يثير فيك ماتراه اي شئ. اما ان كنت ممن يحقرون شأنها ، فستنهال عليك الهموم وتتقاطر كما تنثال قطرات المطر في الشتاء القارص. ومن كثرة العبث الموجود اصبح هو السمة والعلامة التجارية لنا. فاذا اعترضت او انتابك الضيق والضجر تصبح انت الملام ويكون الاعتذار من جانبك واجب. ويصبح المخطئ مصيب والعكس بالعكس. وتختلف زوايا الرؤية ويصير الحول صفة وراثية وليست مكتسبة. واذا نادى منادي في الافاق ان ماتفعلوه خطأ يتبارى الجميع للدفاع عن شرعية العبث ويكون الموت او الانتحار هو الحل الاوحد للازمة. وتظل السيوف والهامات بعدها مشرعة تحسبا لخروج معترض اخر. ثم ينتهي عصر المعترضين ويهل عصر قوم لوط. فيتناكح الجميع في نواديهم ومجالسهم ويتسامرون ويغنون ويرقصون على اشلاء الضحايا والمعذبين. ثم في النهاية تتغير يافطة ( كبر دماغك ) الى لوحة ( اضرب دماغك في الحيط ).
Who cares???

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هدهد سليمان ( قراءة جديدة )

القاضي والمجرم ( قصة قصيرة )

أسماء قداح الجاهلية