بضاعة مزجاة ( قصة قصيرة )


وقف في السوق يحمل بضاعته التي صنعها بيديه منذ الصباح الباكر، الجميع يمر عليه وينظر اليه ولكنهم لا يعيرونه انتباها. قارب اليوم ان ينتهي ولكنه لم يبع قطعة واحدة مما لديه. هكذا كل يوم ، بدأ يردد في نفسه هذه الكلمات بعد ان ضج من ضيق الرزق. وبدأت الاسئلة ترواده ، لماذا لا يشتري بضاعتي احد؟ هل لا يعرفونها فأضع يافطة بكيفية استخدامها؟ هل لا تعجبهم ؟ كيف يرزق الله العبد في مثل الحالة؟ فانا لم ابع قطعة واحدة منذ ايام! ماذا يحدث ولماذا؟ وفي اثناء وجومه وسرحانه مر عليه رجل يرتدي حلة بيضاء وتبدو عليه علامات السعة والسعادة وسأله ، ماذا تبيع؟ فانتبه للقادم على غفلة ثم قام ورد عليه قائلا ، اهلا وسهلا بك، انني ابيع الرقيم وكما ترى فانها بضاعة جيدة جدا قد صنعتها بنفسي. فتساءل الرجل ، وما هو الفرق بينك وبين من يبيع نفس بضاعتك ، الا ترى انهم كثيرين! . نعم انهم كثيرين ولكنني اتقن عملي ولن تجد ما يشابهها في جميع الانحاء. فرد عليه الرجل ، نعم انها كذلك ، ولكن الا ترى ان الناس الان لا يهمها اتقان العمل بقدر ما يهمها ان تشتري الرخيص، ولا يهمها الامانة في البيع طالما وجد من يضحك عليهم ويبلسهم، انك تقف في المكان الخطأ، فحري بك ان تبحث عن مكان اخر تقف فيه، تبيع لناس يقدرون ما انت صانعه، ولايؤلون جهدا في البحث عنك ، فالصانع لا يبحث عن من يشتري بضاعته ولكن المشتري هو من يبحث عن الصانع وان كان ولا بد، فليس لك الا ان تجاريهم، فاصنع صنيعتهم وتكلم لغتهم ولا يضيرك ان فعلت قليل من الاتقان كثيرا من المداراة، فانهم يحبون من يغويهم وينجذبون لمن يضلهم ، فقم واحمل بضاعتك على كتفك وسر بين الناس وقل فيهم ما ليس فيهم يتجمعون حولك ، وامدح بضاعتك وقربها اليهم يشترون منك حتى ولو كانوا في غنى عنها !!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هدهد سليمان ( قراءة جديدة )

القاضي والمجرم ( قصة قصيرة )

أسماء قداح الجاهلية