إظهر وبان عليك الامان (مشروع غزة )


في مقالة سابقة ( دولة فلسطين ،سيناء سابقا ) كنا قد اشرنا الى فكرة اقامة دولة فلسطين على ارض سيناء ولم يمهلنا القدر حتى اقر بصحة ما ذهبنا اليه. فقد نشرت جريدة الوطن وعلى مساحة صفحتين قصة المشروع العملاق الذي سيقام بين مصر وغزة. هذا المشروع كما هو مكتوب سوف يقع داخل حدود رفح والعريش وهو عبارة عن منطقة تجارة حرة سوف يتم بناء مشاريع اقتصادية كبيرة ومنطقة صناعية وسيتم التنسيق بين السلطات المصرية والفلسطينية في شكل وهيئة المشاركات والنسب العائدة على كل من الطرفين. وقد ذكر الخبر ان البنية الاساسية للمشروع ستتكلف ما يقارب 200 مليار دولار ستتكفل بهم دولة قطر وسيكون هناك مشاركة تركية من الناحية الفنية والعلمية. هذه هي الخطوط العريضة للخبر والذي خرجت على اثره بعض الشخصيات الحكومية لتمدح فيه وتصدح بالاماني العائدة على كلا الطرفين. وظهرت اخيرا بوادر مشروع غزة ( النهضة سابقا ) الذي اتى الاخوان بسببه راكبين العربة الامريكية تجرها الخيول القطرية. واذ نود الاشارة بان هذا المشروع قد تقدمت به ثعلب امريكا من قبل ( كوندليزا رايس ) الى مبارك في العام 2006 تقريبا ولكنه رفض رفضا قاطعا. ولن نخوض في مجريات الاحداث التي لحقت ذلك لان معظمنا يعلمها. ولكن كان سبب الرفض الرئيسي هو ان القضية الفلسطينية سوف تختفي للابد ولن يطلب الشعب الفلسطيني ارضه المحتلة ثانية بعد ان وجد ارض جديدة تساع الجميع. ومن هنا تكون اسرائيل قد ضربت عشرين عصفورا في الوقت ذاته ، اولهما رفع مسؤولية اطعام الفلسطنيين عن كاهلها وثانيهما ان غزة ستصبح تحت السيادة المصرية وبالتالي تحت السيادة الامنية كذلك. بمعنى شديد البساطة ان اي صاروخ سيضرب من غزة سيكون في الواقع ضرب من مصر وسيكون في المقابل ان اسرائيل لديها الحق في الاعتراض الدبلوماسي والعسكري. وطالما اجتمع الثالوث المقدس ( امريكا واسرائيل وقطر ) في هذه الصفقة فاعلم مسبقا انه احتلال لجزء من الارض في صورة تعاون بين غزة ومصر.فيصبح المشروع له الشرعية التي تستطيع ان تقف في وجه كل معترض. ولسان الحال ساعتها سيقول، كيف لك ان ترفض مثل هذا المشروع الذي سيستفيد منه اخواننا الفلسطنيين والمصريين على حد سواء؟ كيف لك ان ترفض كل هذه المليارات المتدفقة لكي نبني ونعمر سيناء؟ فيلتبس عندها القوم ولا يجدون ردا مقنعا. ولكن هذا المشروع للاسف الشديد هو الحق الذي اريد به الباطل وهو ايضا في ظاهره الرحمة وفي باطنه العذاب. ولكن كيف .......؟؟
هلم بنا لكي نعرف ماذا تخبئ لنا الاقدار من منظور السياسة والفكر الجبار. فهذا المشروع يقع تحت بند المشروع المشروط. بمعنى انه لا دخل للسيادة المصرية عليه لكون امريكا واسرائيل هما الراعي الرسمي له. وبالتالي فانت تعتبر ( ناطور ) وتستفيد من هذا المشروع لما لك من نسبة مقررة سلفا. ولن تستطيع فرض اي شروط من جانبك لانك غير مساهم بالمال. صحيح انك مساهم بالارض ولكن الارض ستسحب من تحت قدميك بمجرد إمضائك على اوراق المشروع. فلن تستطيع نزعها ان اردت. وستكون منطقة محظورة عليك لا تغيير فيها الا بالرجوع لاصحاب الشأن. والامر الاخر الذي سيحدث هو اعادة رسم الخريطة الديموغرافية للمنطقة. بمعنى اعادة تسكين الفلسطنيين الذين سيعملون في المشروع بالامر المباشر ايضا. فانشاء هذا المشروع في مغزاه الادق هو هذه النقطة بالذات. فغزة قاربت على الانفجار من الزيادة السكانية واسرائيل لا تريد اعطائهم شبرا من الارض المحتلة وبالتالي فالمشروع هو سيارة النجدة التي ستحمل هذه الزيادة وترحيلها الى رفح والعريش تحت مسمى عمال يعملون في المشروع. وكل شئ مخطط له بدقة..
الامر الاخر والبالغ الاهمية هو كيف يعود هذا المشروع بالنفع على الشعب المصري اذا علمنا مسبقا ان تشغيل الفلسطنيين في هذا المشروع هو من الاهمية القصوى بمكان ان يسبق تعيين المصريين فيه. وبالتالي ستصبح الكلمة العليا للطرف الفلسطيني فهم مربط الفرس. النفع الوحيد هو بعض المكاسب المادية وتشغيل جزء من المصريين فيه ( وطبعا سيكون اغلبهم من الاخوان ) لطمان عدم حدوث تنازعات بين الطرفين. وكل من عمل مع الفلسطنيين يعلم جيدا طباعهم وانها تختلف كليا عن طباعنا. لذلك سيتم تعيين كل من يدرك هذه الحقيقة لكي يتفادوا اي خلاف قد ينشأ بين الطرفين.  
ولكن على المدى البعيد ماذا ستكون صورة مصر الاقتصادية والطبوغرافية فهذا في علم الغيب ولكني مدرك تماما ان ما بني على باطل فهو باطل . ولا يوجد مشروع تبدأ اركانه بالخداع الا انهار بعد وقت قريب ، ولكم في القصاص عبرة يا اولي الالباب...


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هدهد سليمان ( قراءة جديدة )

القاضي والمجرم ( قصة قصيرة )

أسماء قداح الجاهلية