سانتخب شفيق وهاكم الاسباب


عند النظرة الفاحصة لمرشحي الرئاسة  محمد مرسي وشفيق، لم اتاخر كثيرا في اتخاذ قراري بانتخاب شفيق وذلك لبعض الاسباب والتي قد يكون تغافل عنها معظم الناس. فشهادة محمد مرسي الجامعية لاتشفع له ليكون رئيسا للجمهورية. لانها شهادة اكاديمية لتخصص هندسي وليست تخصص اداري. فالادارة فن وملكة اكثر منها دراسة وعلم. فانت لايشترط ان تكون مديرا لمحطة نووية وملم في الوقت ذاته بكافة العمليات الفنية داخل المحطة. فهناك مهندسين فيها قادرين عليها وما انت الا منسقا عاما لكافة الامور الادارية والفنية بها. فالادراة بمعناها الاعم والاشمل هو قدرتك على التعامل مع المصادر الموجودة لديك لتحقيق شروط النجاح داخل المؤسسة التي تعمل بها. سواء كانت مصادر بشرية او ادوات. فعلم الادارة ذاته له قوامه وشروطه العامة التي تم وضعها بناء على دراسات مستفيضة وليست ضرب من ضروب الخيال كما نرى. فكل من درس علم الادراة يعلم تماما الخطوات الواجب اتخاذها لادارة مؤسسة او مشروع. وما هي المخاطر التي يمكن مواجهتها وما هي الطرق الواجب اتباعها. فالمدير ليس كاهنا يضرب الودع وعارف بكل بواطن الامور بقدر معرفته بالتعامل مع الناس وقيادهم. فكم من اكاديمي فشل في ادارة مؤسسته ولم يشفع له علمه الاكاديمي عند اقصائه عن موقعه. ولايجب ابدا ان تتدخل عواطفنا في اختيار من يمثلنا. لانها لاتعطينا الرؤية السديدة عندما نختار. فكم من مدير قد كرهناه ولكننا احترمناه لقدرته على الادراة الصحيحة وقدرته على التعامل مع اي شكوي بين الافراد. ومن الكوارث التي يقع فيها بعض المديرين هو تقريبهم بعض الافراد داخل المؤسسة دون البعض فينشأ الغيرة والحقد بين الافراد ويتنامى الشعور العام بالظلم. فيصبح المكان على شفا حفرة من نار لايلبث ان يتحول الى ساحة حرب تطير فيها الرؤوس. فالذي اراه هو صورة مقربة لما يمكن ان يحدث مستقبلا في حالة انتخاب مرسي وذلك بسبب تقريبه لبعض الافراد دون بقية الناس وبالتالي سيزداد الشعور العام بالكره نحوه ونحو من يتقرب اليه. فهل يستطيع مرسي ان يرفض قرارا اخوانيا صادرا اليه عندما يكون رئيسا؟ لا اظن بسبب انهم قد دفعوا فيه دم قلبهم كما نقول وبالتالي فلن يقبلوا ابدا ان يحيد عنهم لانه قبل ان يكون مطيتهم.
فهذا المنطق الذي يدار مثل منطق العصابة والتي لها رئيس لايستطيع ان يخرج ببعض القرارات التي لاتوافق راي الجماعة. وكلنا راينا افلام ال كابوني وكيف يتم قتل من يخرج عن السياق العام للاوامر المقدسة. فمحمد مرسي وجماعته مدربين على العمل السري والذي قد يؤدي الى خراب مالطا لانهم لن يطلعوا الشعب المصري عما يدور داخل الكيان الرئاسي وبالتالي سوف يبنون دولة داخل الدولة ولن يستطيع كائنا من كان ان يخترق هذا الكيان ويعلم مايدور، مثلهم كمثل المنظمات الماسونية التي يعمل بها بعض الناس بدون علمهم مايدور في الاعلى. فنحن لانريد لمنظمة ان تدير شؤون دولة لانها سوف تقاتل من اجل مصلحتها ولن يكون نظام مبارك البائد الا صفر على الشمال بالنسبة لما سوف يفعلونه. فهم قد وطنوا انفسهم جيدا طيلة ثمانين عاما من العزلة فلن يتهاونوا ابدا عن قطع الرؤوس التي قد تعترض عليهم ويكون الدين هو السلاح المرفوع في وجه الجميع. فكل النظم الدينية الموجودة في البلاد القريبة منا لم تقدم لشعوبها الا الفقر فوق الفقر والجهل فوق الجهل وسحبت دولها الى الماضي السحيق ترفل فيه طبقات الشعب تحت صليل ضربات السيوف المعلقة. ولن يستطيع احد زحزحتهم عن الحكم لانهم سوف يأتون برئيس اخر من عندهم يستنسخون فيه افكارهم عندما تنتهي ولاية محمد مرسي على فرض انه فاز. واخيرا مشروع النهضة الذي يدعون لن يرفع مصر الى مصاف الدول المتقدمة كما يدعون. واذا ارادوا فعلا نهضة مصر فهل يجب ان يحكموها حتى يقيموه على ارضها؟ واذا لم يتم لهم ما ارادوا فهل سيأخذون مشروعهم ويشدون رحالهم لمجرد انهم لم ينجحوا فيما سعوا اليه؟ فاذا كان هذا منطقهم فانهم يعترفون ضمنيا ان هذا المشروع الذي يقدمونه ماهو الا تمثيلية يضحكون بها على الناس لكي ينتخبوهم. واذا ارادوا منا ان نصدقهم وان ننتخبهم فهل يقبلوا ان يبصموا على اعتراف بانهم لن يبقوا في الحكم الى ابد الابدين؟ ولن يكرروا تجربة روسيا عندما شالوا الدو وجابوا شاهين ثم شالوا شاهين وجابوا الدو؟ لا اظن!!
على الجانب الاخر فشفيق رجل دولة حتى ولو عمل في نظام مبارك سابقا. فكلنا عملنا في نظام مبارك سابقا. فنحن الان نحاول بناء دولة وليس بناء افراد، وما الثورة التي قامت الا لكي ترسخ مبادئ الدولة الحرة التي لايتم استعبادها من اي احد كان. واننا لانريد استنساخ نظام مبارك بنظام مشابه حتى لو اختلفت الاسماء. فشفيق يمكن لنا محاسبته بكل سهولة ويمكن لنا الخروج عليه ان فعل مالانريده. ولن يستطيع ان يزكي علينا احدا بعده. ويمكن لمجلس الشعب ان يراقبه في افعاله. ولن يصمد اكثر من فترة واحدة لمدة اربع سنوات بعدها يخضع لما ستقوله الصناديق. بالاضافة انه له من المقدرة على ادارة الدولة والقدرة على الحكم. ويخطئ البعض عندما يظن بانه سوف يعيد بناء دولة مبارك لانه لن يملي عليه احدا من النظام السابق مايفعله. فالذي يغفله الجميع في شخصية شفيق انه ليس ( دلدول) فكيف برئيس الدولة ان يكرر ما فعله السابق. فهو شخصية قوية لن يسمح لنفسه ان يعيد صياغة الماضي على شكل جديد. واني لاظن انه سيكون البادئ بمحاسبة كل رموز النظام السابق لانه لايريد ان تقوم لهم قائمة تهدد حكمه. وكل الشواهد تؤكد ذلك، فكلام الاخوان والعسكر وبعض المغيبين عن المشهد الحالي لايدركون بان هناك اتفاقا سريا بين الاخوان والعسكر على شكل معين من اشكال الحكم لايصطدم فيه الاثنان ببعضهما. وشفيق هو الاوحد الذي يعي هذا الكلام وليس له يد فيه. فالعسكر يريدون فعلا ان يبتعد شفيق عن المشهد لان هناك ماسيدفعه للاصطدام به. فوجود رئيس ذو شخصية قوية يمكن له ان يعيد تنظيم هيكلة الجيش وهم المسيطرين حاليا على الاوضاع. فالاخوان باتفاقهم السري مع العسكر قد ضمنوا لهم بقاء الاوضاع والتعاون معهم. اما شفيق فخارج هذه الحسابات. وبناء عليه يصبح شفيق هو الاقرب للثورة عنه محمد مرسي.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هدهد سليمان ( قراءة جديدة )

القاضي والمجرم ( قصة قصيرة )

أسماء قداح الجاهلية