المصريين رايح جاي



بتاريخ 8 مايو الماضي نشرت جريدة هاريتس الاسرائيلية خبرا عن تقدم حزب الفجر الذهبي اليميني المتطرف في اليونان والذي يرفع شعارات النازية مفاده ان الحزب قد تقدم في الاقتراع العام بنسبة تخول له الحصول على حوالي عشرين مقعدا من اصل ثلاثمائة في البرلمان اليوناني. وكانت مصادر القلق التي برزت في الصحيفة بسبب وجود جالية اسرائيلية في اليونان لايتعدى قوامها عن خمسة الاف اسرائيلي. ولكنهم مع ذلك يولون للمواطن الاسرائيلي كل الاهتمام والرعاية في اي مكان على الارض. وقد ذكر في المقال ايضا ان هذا الحزب يكن كل العداء للمهاجرين، وقد زاد من ارتفاع حدة هذا العداء هو سوء الاحوال الاقتصادية التي تمر بها اليونان الان. فقلة الموارد وانخفاض الدخل العام والديون المتراكمة زادت من ضغط الازمة على الشعب اليوناني وجعلته قاب قوسين او ادنى من الخروج من الوحدة الاوروبية المشتركة. وكانت نتيجة هذه الازمة هو خروج بعض الاحزاب المتطرفة والتي تنادي بالحد من تدفق المهاجرين ومحاولة اخراج بعضهم لكي يكون خبز اليونان لليونانيين.
ومنذ يومين اطلت علينا الصحف المصرية بخبر مفاده تعرض اسرة مصرية للاعتداء من قبل حزب الفجر الذهبي النازي وقد افردت في سياق الخبر بان هذا العداء المشتعل هو ضد المهاجرين عامة والمصريين خاصة. ولم يتوانى المصريين هناك في ارسال برقيات استغاثة لوزارة الخارجية والسفير والغفير وكل من له يد في اشتعال هذا السعير. وقد ردت وزارة الخارجية والسفير بانهم قد فتحوا قنوات اتصال بالجهات المسئولة لكي يتم متابعة التحقيقات في هذا الامر. (موت يا حمار).
ونحن من هذا المنبر نحب ان نوجه عناية السادة المشاهدين الى الاحداث الجارية على المستوى الدولي ونخص بالذكر موضوع اليونان. فلا اخفيكم سرا بانني تعجبت عندما علمت بان اليونان سوف يكون احدى دول الاتحاد الاوروبي. وكان سبب اندهاشي هو ان اليونان لايرتقي باي حال من حيث قوة الاقتصاد الى مصاف دولة مثل ايطاليا مثلا. فبحكم زيارتي لليونان سابقا لم الحظ فيها اي مظاهر التقدم التي تلحظها عند زيارة دولة مثل فرنسا مثلا. فاليونان لمن لم يذهب اليها تشبه تماما محطة الرمل في الاسكندرية بمبانيها القديمة. فاذا اردت ان تتنزه في شوارع بيريا او بيرما او حتى سالونيكي فما عليك الا ان تسير في شارع سعد زغلول في محطة الرمل. وحتى مصادر الدخل اليوناني معظمها يأتي من السياحة بالاضافة لبعض المنتجات الزراعية والتي يتم تصديرها. وصناعة السفن التي اندثرت- بسبب دخول تركيا على خط صناعة السفن ووجود كوريا الجنوبية واليابان عمالقة صناعة السفن الان- لم يتبقى منها غير الاسطول اليوناني المتوقف حاليا بسبب الازمة الاقتصادية.(هذا الاسطول كان يعج بالمصريين العاملين عليه ويوجد ازمة حاليا لمعظم اطقم العمالة البحرية في مصر) فهي دولة ليست بها صناعات ثقيلة تقريبا ومواردها الطبيعية قليلة وقلما نشاهد منتج صناعي مكتوب عليه صنع في اليونان. كل هذه العوامل كفيلة بان تخرج اليونان من الاتحاد الاوروبي وان تسبب لها ازمة اقتصادية لم يتنبأوا لها في حينها. فالشعب اليوناني شرقي الطباع بمعنى انه لديه الحمية والعصبية والاندفاع والميول لمواجهة الازمات بالعنف وليس بالعقل والمنطق. ومظاهر الانفتاح التي اوجبتها ظروف الاتحاد ماهي الا قشرة خارجية بدأت تتكسر مع بزوغ الازمة الاقتصادية لديهم.
هذه هي مجمل الظروف والعوامل التي يعانيها الشعب اليوناني حاليا والتي تقودنا الى مناقشة وضع المصريين بها وهي ظروف عصيبة على حسب وصف الصحف لها. وسوف نركز على نقطة واحدة فقط وهي اضطهاد المصريين بالاخص هناك. فلماذا المصريين؟ فنحن نعلم ان هناك جاليات اجنبية مختلفة في اليونان مثل جاليات دول البلقان مثل التشيك والسلوفاك وبعض دول اسيا الوسطى فلماذا المصريين بالاخص؟ هل للمصريين يد فيما يحدث لهم من اضطهاد؟ الاجابة هي نعم لهم يد. ولكن كيف؟
السبب هو ان المصريين لايحترمون بعضهم بالداخل والخارج . فالمصري دائما لديه شعور بعدم الامان في بلده ويتضاعف هذا الشعور ان سافر الى بلد اخرى. الغربة تجعله متحفزا لكل من يقترب من لقمة عيشه. ويقدم ظن السوء دائما في كل تعاملاته. فاذا شاءت الظروف بان يجتمع مصريان في مكان عمل واحد تجدهم دائما في حرب لنيل رضاء المدير حتى يتقرب منه احدهم ظنا منهم ان من يقترب من المدير هو الفائز والاخر هو الخاسر. ولا تجد هذه الحروب المستعرة الا بين المصريين وتلوكها الالسنة في كل مكان ولا تجد اي جالية اخرى تفعل ما نفعل ولا تشعر بينهم باي ضغينة. هذه المشاحنات بين المصريين يراها كل غريب يتعامل معهم. فتنتقل صورة سيئة عن المصريين في كل مكان اقلها انهم لا يحترمون بعضهم ويغارون من بعض واصحاب مشاكل. فاذا اسقطنا هذه الصورة على مايحدث في اليونان نجدها صورة طبيعية جدا لان يبدأ المتطرفون بقتل المصريين لانهم اهون عليهم من الجنسيات الاخرى. وبعلمهم مسبقا بانهم لن يستصرخوا بعضهم لكي يقفوا في وجه كل معتدي. فهم لقمة سائغة بسبب تناحرهم وخلافهم الدائم مع بعض. لذلك فلايجب علينا ان نتعجب مما يحدث للمصريين اولا في الخارج فهم من اوقعوا نفسهم بنفسهم في هذه المشاكل ولا احد غيرهم.
الى هنا نكون قد نقلنا صورة بسيطة عن المصريين في الخارج وما خفي كان اعظم!!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هدهد سليمان ( قراءة جديدة )

القاضي والمجرم ( قصة قصيرة )

أسماء قداح الجاهلية